اشتعلت المعارك بين الجيش السوداني ومليشيا قوات الدعم السريع في إقليم كردفان، بعد سيطرة الأخيرة الأحد الماضي على مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ومحاولاتها نقل المعارك إلى إقليم كردفان المجاور؛ عبر مهاجمة عدد من المناطق الصغيرة في ولاية شمال كردفان. ويأتي ذلك في ظل استنفار عام وتحشيد عسكري للجيش وحلفائه للردّ على المجازر التي ارتكبتها قوات "الدعم" السريع في الفاشر. واندلعت أمس الجمعة واليوم السبت، معارك جديدة في عدد من المواقع في ولايتَي شمال وغرب كردفان، بجانب قصف بالطائرات المسيّرة في ولاية جنوب كردفان وشمال دارفور، مع موجات نزوح بسبب القتال والانتهاكات المستمرة على يد "الدعم السريع".
ودارت معارك، اليوم السبت، حول مدينة بارا بولاية شمال كردفان التي سيطرت عليها مليشيا الدعم السريع السبت الماضي. وقالت مصادر في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان لـ"العربي الجديد" إن الجيش نشر عدداً كبيراً من القوات التي توجّه جزء منها إلى بلدة بارا وخاض معارك مع الدعم السريع. وأضافت المصادر أن قوات الأخير هربت من معظم المناطق التي كانت تتحرك حولها في الأيام الماضية مع تقدم الجيش، وحشدت عدداً من مقاتليها في مناطق غرب الأبيض. وأشارت إلى أن سلاح الجو التابع للجيش نفذ عدداً من الغارات الجوية ضد تجمعات الدعم السريع في شمال وغرب كردفان، وأدى ذلك إلى مقتل قائد المجموعة 411 في الدعم السريع هاشم ديدان بولاية غرب كردفان.
وحسب المصادر شنّت طائرات مسيّرة للجيش غارات على منطقة الكومة شرق مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور مستهدفة مواقع وسيارات عسكرية لـ"الدعم السريع"، كما نفذ الجيش إنزالاً جوياً ناجحاً لقواته في الفرقة 22 مشاة في مدينة بابنوسة بولاية غرب كردفان أمس الجمعة.
شنّت طائرات مسيّرة للجيش غارات على منطقة الكومة شرق مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور
من جانبه، قال قائد "كتائب البراء بن مالك" الموالية للجيش المصباح طلحة على صفحته بموقع فيسبوك اليوم السبت، إنّ الحكومة "أرسلت النخبة الأفضل من قادتها إلى القيادة المركزية للإشراف على العمليات في إقليم كردفان، وأضاف أن "طريق الحسم قد بدأ". وذكر أن آخر 24 ساعة "شهدت تدمير نحو 105 سيارات عسكرية للدعم السريع في محاور كردفان ومقتل قائدين مؤثرين ميدانياً". وكان طلحة قال أمس إنهم رصدوا خلال أسبوع قوات متحركة للمليشيا "خرجت من ليبيا، وهناك متحرك آخر خرج من مدينتَي نيالا والفاشر متوجهاً إلى منطقة المثلث (حدود السودان وليبيا ومصر) والمناطق المجاورة له"، وأضاف: "مع العلم هناك في انتظارهم مرتزقة من ليبيا تتبع لصدام حفتر مزودين بالمسيرات والأسلحة الثقيلة".
وقالت شبكة أطباء السودان في بيان، اليوم السبت، إنّ "الدعم السريع أقدمت مساء أمس على قصف مقر منظمة الهجرة الدولية بمدينة كادوقلي في ولاية جنوب كردفان بالمسيّرات، ما أدى إلى مقتل 5 أطفال"، وأضافت أن قوات الدعم استهدفت صباح اليوم مخيماً للنازحين بمنطقة العباسية تقلي بولاية جنوب كردفان، مما أسفر عن مقتل 7 أشخاص بينهم أطفال ونساء، وإصابة آخرين بجروح بالغة.
وأعلنت الشبكة في بيان آخر اليوم، عن "وصول (642) نازحاً من مدينة الفاشر بولاية شمال دارفور إلى الولاية الشمالية بعد رحلة شاقة محفوفة بالمخاطر جراء المجازر التي ترتكبها الدعم السريع بالفاشر"، وأضافت أن فرقها الميدانية تفيد بأن النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية قاسية، في ظلّ انعدام المأوى ونقص الغذاء والمياه الصالحة للشرب وغياب الخدمات الصحية الأساسية، خاصة بين الأطفال والنساء وكبار السن.
وأوضحت أن هذه الأسر الفارة من ويلات الحرب لجأت إلى الولاية الشمالية بحثاً عن الأمان، إلّا أنها تواجه الآن تحديات معيشية خطيرة تفوق قدرة المجتمعات المستضيفة على الاستجابة لها. وتوقعت أن يتضاعف عدد الوافدين كثيراً خلال الأيام القادمة نتيجة استمرار تدهور الأوضاع في دارفور.
