قالت تقارير إن قرار نزع ملكية 89 عقارًا بمحافظة الإسكندرية لتطوير محور محمد نجيب يحمل توابع متعددة على المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والمرورية، محذرة من توابع إعادة تشكيل عمراني في مناطق حيوية مثل شارع مصطفى كامل وشارع 24، مما قد يؤدي إلى تغيير ملامح الأحياء القديمة فضلا عن إزالة مبانٍ بجدل حول معايير الاختيار والتعويض.
وحذرت التقارير من أن إغلاق شوارع رئيسية مثل شارع محمد نجيب وشارع ملك حفني سيؤدي إلى ازدحام مروري في الشوارع البديلة وصعوبة في حركة السكان والمواصلات العامة وتأثر الأنشطة التجارية في المناطق المحيطة وهو ما قد يلتفت إليه في التعويضات.
وبينت التحذيرات أن التعويضات المبدئية بقيمة 600 مليون جنيه، وهو مبلغ كبير يعكس حجم المشروع، لكنه قد لا يُرضي جميع الملاك، خاصة في ظل التضخم وارتفاع أسعار العقارات مع التأثير على السوق العقاري المحلي، حيث قد ترتفع أسعار الأراضي البديلة أو تتأثر قيمة العقارات المجاورة.
وحذر محامون، منهم المحامي محمد رمضان، من إقرار التعويضات رغم الاثر في تشريد بعض السكان أو اضطرارهم للانتقال، خاصة في حال عدم توفر بدائل سكنية مناسبة أو تأخر صرف التعويضات. كما حذر من توتر مجتمعي محتمل إذا شعر الأهالي بعدم الشفافية أو العدالة في إجراءات النزع والتعويض.
وعلى المستوى الفني قال متابعون إن رفع خط مترو أبو قير ليصبح علويًا، قد يُحسن الكفاءة التشغيلية ويقلل من الحوادث، لكنه يتطلب وقتًا وتكلفة عالية. وإلغاء النفق الحالي وإنشاء كباري جديدة، قد يُحسن الربط بين شرق وغرب المدينة على المدى الطويل.
وقرار الاستيلاء المباشر، وهو إجراء استثنائي، قد يُثير تساؤلات حول مدى احترام الإجراءات القانونية وحقوق الملكية. ورغم أن القرار يعكس توجهًا حكوميًا لتطوير البنية التحتية في الإسكندرية، لكنه يحمل كلفة اجتماعية واقتصادية كبيرة. ونجاح المشروع يعتمد على شفافية التنفيذ، وعدالة التعويضات، وتوفير بدائل مناسبة للمتضررين.
ونشرت الجريدة الرسمية في 30 أكتوبر قرارًا بنزع ملكية مساحات واسعة من الأراضي والعقارات في نطاق حي المنتزة ثانٍ، بمحافظة الإسكندرية، لتنفيذ طريق دائري، ومحطة كهرباء السكاكين.
وقال محمد رمضان، محامي عدد من أهالي منطقة طوسون، التي يشمل قرار نزع الملكية جزءًا منها تحت مسمى حوض طابية الرمل، إنه بصدد التشاور مع الأهالي حول الخطوة القانونية التالية، مشيرًا إلى أنه سيتقدم مبدئيًا باعتراض على القرار إلى الجهة التي يصدر لصالحها المشروع.
ونشر "جروب منطقة سيدي بشر بالإسكندرية" نص القرار الذي حدد أماكن الإغلاقات في شوارع ملك حفني وسيدي بشر و"أعلنت محافظة الإسكندرية غلق شارع محمد نجيب من اتجاه شارع ملك حفني بحري المترو حتى شارع جمال عبد الناصر بطول حوالي 400 متر مع إتاحة حارة مرورية بعرض 3 أمتار للحركة في ضوء استكمال مشروع تطوير محور محمد نجيب.. وغلق مداخل ومخارج النفق القائم للبدء في أعمال الجزء القبلي من كوبري محمد نجيب، وغلق شارع ملك حفني قبلي المترو من مدخل النفق القائم ناحية دربالة حتى مدخل النفق ناحية سيدي بشر بكامل العرض وبطول حوالي 640 مترًا وذلك للبدء في إنشاء امتداد النفقين.".
ويشمل نطاق المشروع إنشاء محور مروري جديد يمتد من الكورنيش وحتى شارع مصطفى كامل، يتضمن أعمالًا رئيسية من بينها إنشاء كوبري علوي أعلى طريق جمال عبد الناصر، رفع خط مترو "أبو قير" ليكون مسارًا علويًا وإلغاء النفق الحالي، إنشاء كباري علوية أعلى شارع مصطفى كامل لربط المحور بشارع أمين حسونة وميدان الساعة، عوضًا عن إزالة المباني المخالفة والتعديات على مسار المحور.
التهجير القسري
وقال أهالي أبو قير وطوسون في ضوء الاعتراضات الواسعة على قرارات نزع الملكية المرتبطة بمشروع تطوير محور محمد نجيب، إن هناك مخاوف تتعلق بالتعويضات، والتهجير، وغياب الشفافية في التنفيذ.
واعتبروا ان الاستيلاء المباشر على ممتلكاتهم دون إشراكهم في القرار أو مناقشة البدائل عسف وتهديد حيث لم يتلقوا إشعارات رسمية مسبقة، بل فوجئوا ببدء أعمال الحفر والهدم. وهناك شكاوى من عدم وضوح آلية التقييم، وغياب لجان مستقلة لمراجعة الأسعار (التعويضات) وانتقدوا عدم وجود جلسات استماع أو حوار مجتمعي قبل تنفيذ القرار ووصف بعضهم المشروع بأنه "مفروض من فوق"، دون مراعاة للبعد الاجتماعي أو الإنساني.
اعتقال متحدث الأهالي
واعتُقل عبد الله محمد يوم الخميس 11 سبتمبر 2025 من مقر عمله في برج العرب، بعد محاولات سابقة من قوات الأمن لاقتحام منزله، وتم إخفاؤه قسريًا لعدة أيام قبل عرضه على نيابة أمن الدولة، التي قررت حبسه 15 يومًا احتياطيًا على ذمة التحقيق.
وكان متحدث الأهالي قبل (اعتقاله) قد دعا إلى تشكيل لجان محايدة لتقييم التعويضات والمطالبة ببدائل سكنية عادلة لمن يتم تهجيرهم وطلبات بتأجيل التنفيذ لحين مراجعة المسار العمراني للمشروع.
وهذه الاعتراضات تعكس توترًا بين أهداف التنمية الحكومية وحقوق السكان المحليين، وتُبرز الحاجة إلى مزيد من الشفافية والحوار المجتمعي في مشاريع البنية التحتية الكبرى.
أماكن عمل المحور المقترح
وأوضحت المذكرة أن دراسة مسار المحور كشفت عن وجود أراضٍ وعقارات مملوكة لأفراد، بالإضافة إلى محطة صرف صحي، تعترض مسار التنفيذ. وبناءً عليه صدر القرار بالاستيلاء المباشر على هذه الممتلكات لتسهيل بدء العمل في المشروع.
وقامت الهيئة المصرية العامة للمساحة بتقدير القيمة المبدئية للتعويضات المستحقة للملاك الظاهرين بنحو 600 مليون جنيه، وأرفقت بالقرار كشوف تفصيلية بأسماء الملاك الظاهرين للعقارات والأراضي المقرر نزع ملكيتها، إلى جانب خرائط مساحية تفصيلية توضح مواقع وحدود هذه الممتلكات والموقع البديل المقترح لمحطة الصرف الصحي.
ووفقًا للكشوف الرسمية المرفقة بالقرار، تتوزع العقارات والأراضي المنزوعة ملكيتها على منطقتين رئيسيتين بقسم المنتزه أول، تضمان شارع مصطفى كامل، الذي سيتم نزع ملكية 71 عقارًا بالإضافة إلى أراضٍ تابعة لمستشفى سانت تريزا وملاك آخرين. وتتنوع هذه العقارات بين مبانٍ سكنية وأراضٍ فضاء.
كما تشمل الأراضي المنزوع ملكيتها 18 قطعة أرض وعقار بشارع 24 تشمل الموقع المخصص لمحطة صرف صحي ومخبزين.
ويمنح القرار، الذي يحمل رقم 3280 لسنة 2025، وزارة الإسكان ممثلة في الجهاز المركزي للتعمير، الحق في البدء الفوري بإجراءات نزع الملكية والاستيلاء المباشر على هذه الممتلكات.
وأغسطس الماضي، بدأ تشغيل كوبري محمد نجيب على طريق البحر، تمهيدًا لإلغاء إشارة سيدي بشر عقب اكتمال المشروع.
