السيسي يفرج عن قلة من المعتقلين بينما تتسع حملات الاعتقال… تجاهل رسمي متواصل لتقارير حقوقية مصرية
في مشهد يعكس تناقضات المشهد الحقوقي في مصر، تتواصل سياسة “الإفراج الانتقائي” التي تتبعها السلطة، إذ تُعلن بين الحين والآخر قرارات بإخلاء سبيل عدد محدود من المعتقلين السياسيين، في الوقت الذي تتوسع فيه دائرة الاعتقالات والملاحقات بحق معارضين وصحفيين وأكاديميين داخل البلاد وخارجها.
ورغم الضجة الرسمية التي ترافق أخبار الإفراج عن بعض سجناء الرأي، تؤكد منظمات حقوقية مصرية ودولية أن الأعداد المفرج عنها لا تمثل سوى جزء ضئيل من آلاف المحتجزين، بينما تُسجَّل يومياً حالات توقيف جديدة، وتجديد حبس لمعتقلين آخرين، في تجاهل واضح لتقارير المراكز الحقوقية التي توثق الانتهاكات المستمرة.
فقد أعلن المحامي الحقوقي خالد علي، مساء الإثنين ، إخلاء سبيل مجموعة من المتهمين على ذمة قضايا رأي، بينهم عدد من الشباب الذين اعتُقلوا بسبب منشورات تنتقد تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع الأسعار.
غير أن هذه الإفراجات المحدودة تزامنت مع قرارات أخرى بتجديد حبس ناشطين وصحافيين، بينهم الصحافية صفاء الكوربيجي، التي جُدد حبسها 15 يوماً على ذمة القضية رقم 7256 لسنة 2025، بتهم “نشر أخبار كاذبة” و“الانضمام إلى جماعة إرهابية”.
وفي المقابل، صعّدت السلطات ملاحقاتها بحق المعارضين في الخارج، إذ أدانت 17 منظمة حقوقية إحالة الأكاديمي المصري المقيم في ألمانيا تقادم الخطيب إلى المحاكمة غيابياً، ضمن قضية تضم عشرات النشطاء.
واعتبرت المنظمات أن القضية تمثل استمراراً لما وصفته بـ“القمع العابر للحدود”، مطالبةً بإسقاط الاتهامات الموجهة إليه، وضمان حقوق المصريين في الخارج في الحصول على وثائقهم الرسمية.
كما تتواصل محاكمات طويلة الأمد لمعارضين وصحافيين داخل مصر، إذ قررت محكمة استئناف القاهرة تأجيل نظر القضية رقم 955 لسنة 2020 إلى ديسمبر/كانون الأول المقبل، والتي تضم عشرات المتهمين من بينهم إعلاميون ومدافعون عن حقوق الإنسان.
هذه التطورات المتلاحقة تكشف عن استمرار النهج الأمني ذاته، الذي يعتمد على سياسة “الباب الدوّار” في التعامل مع ملف السجناء السياسيين: الإفراج عن عدد محدود لتجميل الصورة، يقابله اعتقال أضعافهم في الوقت نفسه.
ويرى مراقبون أن السلطة في القاهرة تسعى من خلال هذه الخطوات المتناقضة إلى امتصاص الضغوط الدولية المتزايدة، من دون إحداث أي تغيير حقيقي في واقع القمع السياسي.
وفي المقابل، تستمر المراكز الحقوقية المصرية المستقلة في توثيق الانتهاكات، رغم التضييق المتواصل عليها، لتؤكد أن الأزمة الحقوقية في مصر ما زالت بعيدة كل البعد عن أي انفراج حقيقي.
