السيسي مرتبك بعد انتفاضة السودان وفرنسا.. وتأجيل دفعة “النقد” خوفًا من العدوى

- ‎فيتقارير

كشفت تقارير أمنية عن أن هناك حالة تخوّف من انتشار عدوى الاحتجاجات الدائرة في فرنسا والسودان إلى مصر، حيث حذرت التقارير من ارتفاع وتيرة الغضب في صدور المواطنين تجاه أي زيادة مرتقبة في أسعار فواتير الكهرباء والمواصلات والوقود خلال الفترة القادمة، خاصة مع الأنباء الواردة من استقبال العام الجديد لزيادات جديدة في هذه الخدمات والسلع الاستراتيجية.

وكشفت التقارير عن أن هناك حالة ترقب كبيرة يعيشها الشارع المصري لا تعرف الأجهزة الأمنية ماذا ييسفر عنها، خاصة في ظل النار المختبئة تحت الرماد، الأمر الذي أدى إلى انتشار الدوريات الأمنية، وبث حالة من الرعب والإرهاب في الشارع المصري عبر الدوريات الأمنية العشوائية؛ لإجهاض أي تحرك غاضب من قبل المواطنين خلال الفترة القادمة.

الخوف من العدوى

وقالت مصادر حكومية في تصريحات صحفية، إن قائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي أصبح قلقا من انتقال عدوى الاحتجاجات العفوية على تردي الأوضاع الاقتصادية إلى مصر من السودان، عمقها الاستراتيجي، كما أنه أمر بتجاهل هذه التظاهرات على مستوى الإعلام الرسمي والخاص في الدولة، ولذلك فإن التعتيم المقصود على صور التظاهرات وأحداثها وتطوراتها، ينبع من قلق تاريخي للسيسي والجيش من تكرار أحداث عام 2011 التي اندلعت بعد التناول الكثيف للإعلام المصري لأحداث تونس منذ حادثة محمد البوعزيزي، وحتى هروب الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، قبل اندلاع ثورة 25 يناير بأيام معدودة.

وأكدت المصادر أن السيسي طلب تقارير أمنية واستخباراتية على مدار الساعة عن تطورات الأحداث في السودان، كما أمر بالتواصل المستمر مع القيادات السياسية المعارضة لاستيضاح المآلات المحتملة لهذه الحركة الشعبية، التي يبدو أن أكثر ما يزعج مصر فيها أنها حتى الآن بلا قيادة، وتحمل طابعا عفويا واضحا، فضلا عن عدم قدرة الحكومة السودانية على محاصرتها في مناطق معينة، وتمددها عنقوديا بصورة مطردة يوميا، رغم سقوط عشرات القتلى والمصابين.

نستدين لتسديد الديون

يأتي ذلك في الوقت الذي تشهد فيه مصر أزمة مالية كبيرة؛ نتيجة فشل المشروعات التي قام بها السيسي، حيث قال وزير مالية الانقلاب: “للأسف الشديد، نستدين من أجل سداد أعباء الديون، وعبد الفتاح السيسي أعطى لموضوع الديون أولوية، عن طريق وضع استراتيجية لتخفيض الديون والسيطرة عليها”.

وقال معيط، في تصريح آخر يناقض تصريحه الأول: “إن مصر تهدف إلى طرح إصدار سندات بالعملة الأجنبية على الأقل في الربع الأول من 2019، وأن مصر تعتزم طرح سندات دولية بقيمة 5 مليارات دولار، خلال العام المالي الجاري 2018-2019”. في الوقت الذي ارتفع الدين الخارجي إلى 94 مليار دولار هذا العام، بعد أن تتسلم مصر الشريحة الخامسة بقيمة ملياري دولار من صندوق النقد الدولي، قبل نهاية الشهر الجاري.

فيما قالت مصادر في تصريحات صحفية، اليوم الثلاثاء، إن خلافات بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، حول توقيت تنفيذ المزيد من الإجراءات التقشفية، تسببت في تأخر صرف ملياري دولار كشريحة خامسة من القرض المتفق عليه.

وكان “معيط” قد قال، مطلع ديسمبر الجاري، إن مصر ستحصل على الشريحة الخامسة من قرض صندوق النقد في وقت لاحق من الشهر نفسه. وبعد صرف الشريحة الخامسة ستكون مصر قد تسلمت 10 مليارات دولار من إجمالي القرض المتفق عليه مع الصندوق في 2016 والبالغة قيمته 12 مليار دولار.

وأشارت المصادر إلى أن القاهرة اقترحت تأجيل بعض القرارات خشية حدوث اضطرابات شعبية، وانتقال ما وصفته بـ”عدوى الاحتجاجات” بعد مظاهرات أصحاب “السترات الصفراء” في بعض الدول الأوروبية، وكذلك الاحتجاجات الحالية بالسودان ضد الغلاء وتردي الاقتصاد.

وأوضحت أن “الشريحة التي كان مقررا صرفها مطلع ديسمبر الجاري، ربما ستتأخر لشهر أو اثنين لحين التوصل لاتفاق مع صندوق النقد”.

تأجيل الشريحة

وكشفت عن أن الإجراءات التي اقترحت الحكومة المصرية تأجيلها لعدة أشهر، تتمثل في تطبيق “التسعير الآلي للوقود”، والتي سيتم من خلالها تحرير سعر الوقود بأنواعه المختلفة، على أن تكون خاضعة للسعر العالمي للنفط، وكذلك الإلغاء الكامل لدعم تذاكر مترو الأنفاق، وتخفيض الدعم لتذاكر قطارات السكك الحديدية.

كما شملت المقترحات المصرية تأجيل طرح مجموعة من الشركات المملوكة للدولة ضمن برنامج الطروحات في البورصة لحين تحسن أحوال أسواق المال.

وقالت المصادر، إن “رد صندوق النقد على المطالب المصرية جاء سريعا بتأجيل صرف الدفعة الخامسة من القرض، رغم أن الحكومة أبدت حسن نيتها والتزامها بباقي الإجراءات التي اشترطها الصندوق”.

زيادات جديدة

ويمهد عبد الفتاح السيسي للزيادة المرتقبة لأسعار الوقود والبنزين، حيث خرج بنفسه مع برنامج “يحدث في مصر”، المذاع على فضائية إم بي سي مصر، في وقت سابق من الشهر الجاري، وتحدث عن أن سعر لتر البنزين في أوروبا يصل إلى ما يعادل 30 جنيها مصريا، وهي التصريحات التي رددها أيضا وزير البترول طارق الملا، في تمهيد لزيادة جديدة في أسعار الوقود.

كما أن حكومة الانقلاب دفعت بسلسلة مواد إعلانية على التلفزيون الرسمي والقنوات الفضائية الخاصة، تمهيدا لزيادة أسعار الوقود، والتي كانت آخرها إعلانات خاصة بزيادة سعر بنزين 92، إلا أن الحكومة تخشى في الوقت ذاته من التبعات السياسية، وانتقال عدوى التظاهرات والسترات الصفراء إلى قلب القاهرة، وذلك بسبب موجات الزيادات الأخيرة، والتي تأثرت بتبعاتها الفئات محدودة الدخل.

وزادت مصر بالفعل أسعار الوقود والكهرباء والنقل، لتلبية شروط اتفاق القرض مع صندوق النقد الدولي، وهو ما أدى إلى احتجاجات نادرة، في شهر مايو الماضي، شارك فيها ركاب غاضبون من ارتفاع أسعار تذاكر مترو الأنفاق، وأدت إلى اعتقال بعضهم.

وينتظر الشارع المصري زيادة مرتقبة في أسعار الكهرباء للاستهلاك المنزلي والتجاري، اعتبارا من فواتير أول يوليو المقبل، كما تخطط لتطبيق زيادة جديدة في أسعار الوقود بحلول العام المقبل، ما يؤدي تباعا إلى ارتفاع جديد في أسعار مختلف السلع.

فضلا عن إعلان صالح الشيخ، رئيس الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة، المعني بشئون العاملين في الجهاز الإداري للدولة والمقدر عددهم بنحو 5.5 ملايين موظف، عن بدء المرحلة الثانية الخاصة بحصر العاملين في وزارات الدولة وهيئاتها والتحديث الإلكتروني لملفاتهم.

ونقلت مصادر حقوقية أن هذه الخطوة جزء من المخطط الحكومي لتخفيض العاملين بالجهاز الإداري للدولة، والذي يعد واحدا من المطالب الأساسية لصندوق النقد.