مراقبون: قمة الكنيست وتكريم “ميريام” بداية تصريحات ترامب المعاكسة لاتفاق “الشرم”

- ‎فيعربي ودولي

 

في الكنيست، وقبل ظهر 13 أكتوبر بقليل، بدت إرهاصات غدر الصهاينة واضحة، حين تحرك المقامر دونالد ترامب ليُطلق إشارات توحي باحتمالية الانقلاب على اتفاق "الشرم"، محاولًا إيجاد ذريعة جديدة – مثل مسألة نزع السلاح – لاستمرار آلة القتل، وهو ما تجسد فعليًا في 14 و15 أكتوبر الجاري بمقتل نحو 12 فلسطينيًا في شمال القطاع ومدينة غزة.

استجاب نتنياهو لتقارير الأجهزة الأمنية، فقرر تقليص دخول الشاحنات إلى النصف، ووقف أعمال إصلاح معبر رفح وإغلاقه حتى إشعار آخر، بعدما وصلت الأمور – فيما يبدو – إلى نقطة حرجة.

وقال الباحث عماد شاهين (Emad Shahin) إن "السيرك الحقيقي نُصب في الكنيست؛ حيث تم تسلُّم ثمن القدس (40 مليون دولار) كعاصمة للكيان، وسيُستكمل الاعتراف بالحق التاريخي في الضفة أو ما يُسمى باليهودا والسامرة مقابل 100 مليون من ميريام أديلسون، التي دفع زوجها المبلغ الأول. لقد طمأنهم ترامب بأن العصر الذهبي للكيان قد بدأ، ووصف نتنياهو بالمقاتل العظيم، وطالب بالعفو عنه ليكمل مشروعه الأكبر، وكل ما طلبه هذا المقاتل من سلاح من أمريكا تم تزويده به ليستمر في إبادة الفلسطينيين وقتل الأطفال والنساء، ليصبح بطل السلام المحتفى به مجرم حرب حقيقي."

وأضاف شاهين في وصفه لقمة شرم الشيخ أن "ما جرى لم يكن سلامًا؛ فغالبية الحاضرين لا علاقة لهم بالقضية أصلًا، وبعد ما فعلوه بغزة وأهلها، فلا مكان لهم مستقبلًا في المنطقة."

وأشار إلى أن "الجميع يعلم أن الحرب في المنطقة لم تنتهِ، وأن موعد الحرب القادمة لن يكون أبعد من نوفمبر القادم كما يتوقع كثير من المحللين الغربيين، وأن ما جرى التوقيع عليه لا يحقق للفلسطينيين الحد الأدنى من حقوقهم المشروعة في دولة مستقلة ذات سيادة."

وعن تفسيره لموقف ترامب، ألمح شاهين إلى أن "مشروع إعادة إعمار غزة في نظر بطل السلام وأتباعه ليس أكثر من مشروع استثماري، وجزء من المشروع الأكبر في الشرق الأوسط، المتمثل في السلام الإبراهيمي"، مرجحًا أن "يستمر مسلسل استنزاف موارد دول المنطقة في هذا المشروع الاستثماري لعقود قادمة، لتزداد تبعية المنطقة وتخلّفها".
واختتم بالقول: "لا مكان لليأس؛ فدورات المقاومة تتجدد، لأن ذلك من سنن الاستعمار والتحرر."

رابط منشور عماد شاهين

واتفق معه في النقطة الأخيرة الكاتب والمفكر فهمي هويدي، الذي قال إن:
"بدعة الإبراهيمية الحاخامية الترامبية قد سقطت ولم تمت، وظلت ساقطة وصامتة لعامين ارتُكبت خلالهما أبشع جرائم الإبادة والقتل، فكيف تكون طريقًا للسلام وهي تدّعي التعبد والتنسك في الوقت الذي كان يجب أن تخرج من سرداب ترامب أو من مقبرة نتنياهو لتقول: كفى؟ لكنها سقطت واختفت، وبقيت ريحها الاستعمارية وروحها الشيطانية."

احتفاء بالممول لجيب ترامب

يعرف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب طريق جيبه وشركاته جيدًا، لذلك لم يكن غريبًا أن يكون احتفاؤه في الكنيست من هذا النوع.
ورصدت الصحفية والباحثة شيرين عرفة (@shirinarafah) جانبًا من ذلك، قائلةً:
"كان لافتًا أن يقطع ترامب حديثه داخل الكنيست الإسرائيلي، وينظر بعيدًا نحو امرأة مسنّة بين الحضور، ليطلب منها الوقوف، كي يشكرها ويثني عليها، ثم يدعو الحضور للوقوف احترامًا لها. والأعجب أنه نسب إليها الفضل في قراره عام 2017 بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعترافه بها عاصمة أبدية لإسرائيل."

ميريام أديلسون

تُعد ميريام أديلسون مليارديرة أميركية إسرائيلية، من مواليد تل أبيب/يافا عام 1945، وهي طبيبة وأرملة رجل الأعمال الأمريكي شيلدون أديلسون الذي تزوجته عام 1991. ومنذ ذلك الحين، دخلت عالم السياسة في الولايات المتحدة ودولة الاحتلال كداعمة شرسة ومانحة كبرى.

أسس زوجها الراحل إمبراطورية "لاس فيغاس ساندز" لصالات القمار والكازينوهات، وخصص جزءًا كبيرًا من ثروته لدعم الساسة المحافظين في أمريكا وإسرائيل.
وتحتل ميريام اليوم المرتبة الـ44 بين أغنى نساء العالم، والخامسة كأغنى امرأة إسرائيلية، بثروة تُقدّر بنحو 32.4 مليار دولار وفق مؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

دعمت ميريام وزوجها حملات ترامب الرئاسية في أعوام 2016 و2020 و2024.
وقال ترامب عنها في كلمته بالكنيست:
"إنها تحب إسرائيل بشدة، إنها امرأة رائعة شديدة الإخلاص، لدرجة أنها رفضت ذات مرة أن تقول أيهما تحب أكثر: إسرائيل أم الولايات المتحدة."
كما نسب إلى الزوجين الفضل في قراراته الكبرى: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل (2017)، ونقل السفارة الأميركية إليها (2018)، وتأييد السيادة الإسرائيلية على الجولان المحتلة (2019).

الثروة تشغل ترامب

وأشارت شيرين عرفة إلى أن ترامب، كعادته، لم يفوّت فرصة للحديث عن المال، فقال مبتسمًا:
"إن لديها 60 مليار دولار في البنك، وزوجها كان مثابرًا جدًا لدرجة أنه كان يدخل من النافذة"، في إشارة إلى مدى وصولهما وتأثيرهما على إدارته، ثم أضاف مازحًا:
"أعتقد أنها تقول لي الآن: كفى!"، فانفجرت القاعة بالضحك.

وعن الأموال العربية التي تدفقت إلى ترامب — أضعاف ما قدّمه الصهاينة — قالت عرفة إن جولته الخليجية في مايو الماضي أسفرت عن توقيع اتفاقيات واستثمارات ضخمة تُقدّر بحوالي 4 تريليونات دولار في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، إضافة إلى هدايا شخصية بمئات الملايين من الدولارات.

وأضافت أن "هذه الأموال الضخمة، حين تُقارن بما أنفقه الصهاينة الأقل عددًا، تبرز حجم النفوذ الصهيوني في القرار الأمريكي، إلى درجة جعلت مفكرين أمريكيين يصفون ذلك النفوذ بأنه احتلال متكامل الأركان."

واختتمت بالقول إن "تلك الثروات العربية لم تحقق أي فائدة تُذكر – لا في الماضي ولا الحاضر – لأي من القضايا العربية الكبرى، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، وأن الهدف الوحيد منها هو حماية كراسي الحكم… أما فلسطين، فليس لها أحد سوى ربها، ثم مقاومة أهلها."