عبر أطباء وأعضاء مجالس سابقين عن تخوفهم من أن تصبح نقابة الأطباء العامة مجرد مقر إداري، لإنهاء الأوراق والشهادات، وتصبح وكأنها إحدى الجهات التابعة لوزارة الصحة، بحسب وكيل النقابة إيهاب طاهر Ehab El-taher.
وذلك في تعليق منه على نتائج انتخابات التجديد النصفي لنقابة الأطباء، التي أسفرت الاثنين عن فوز قائمة "المستقبل" المقربة من الحكومة بجميع المقاعد الـ12 التي جرى التنافس عليها في النقابة العامة، حيث فاز 10 مرشحين عبر الاقتراع، بينما فاز اثنان بالتزكية، بعد منافسة مع قائمة "ائتلاف أطباء مصر".
وبهذه النتيجة، تكون قائمة "المستقبل" قد سيطرت على جميع المقاعد الـ25 في مجلس النقابة، بما في ذلك مقعد النقيب، الذي لم يكن ضمن المقاعد المطروحة للتنافس في هذه الدورة الانتخابية.
أبرز مرشحي تيار المستقبل في انتخابات نقابة الأطباء 2025 شملوا أسماء محسوبة على الاتجاه الحكومي، بينما تيار الاستقلال قاطع الانتخابات بسبب ضغوط أمنية واضحة، وفق تصريحات رموزه.
حتى إن نقيب الأطباء د. أسامة عبدالحي والذي كان متوافقا إلى حد بعيد مع قانون المسؤولية الطبية الذي أقره برلمان السيسي، وانتقده جموع الأطباء من أبرز وجوه التيار الحكومي.
وفاز هؤلاء المرشحون بمقاعدهم وسط دعم إداري وإعلامي واضح، وغياب شبه كامل للمنافسة من التيارات المستقلة.
ولا توجد معلومات منشورة عن خلفيات أمنية مباشرة لهؤلاء المرشحين، لكن فوزهم جاء في سياق انتخابي وصفه مراقبون بأنه محكوم بتدخلات أمنية، وتسهيلات إدارية لقائمة المستقبل، مقابل تضييق على المرشحين المستقلين.
تيار الاستقلال، الذي سيطر على النقابة لأربع دورات متتالية، أعلن في 10 يونيو 2025 مقاطعة الانتخابات بالكامل، على المستويين العام والفرعي، وبحسب د. منى مينا إحدى الوجوه التي ظهرت في النقابة في 2011 ودعمها وتيار الاستقلال ساويرس قالت: إن "العزوف عن المشاركة شمل التصويت والترشح، وأرجعت ذلك إلى التضييق الأمني على المرشحين المستقلين".
الانتخابات محسومة مسبقا
وقال د. إبراهيم الزيات عضو سابق بمجلس النقابة: إن "الانتخابات كانت محسومة مسبقًا، ولا دافع للمشاركة فيها".
وأضاف عضو مجلس النقابة السابق، لموقع "مدى مصر" إن الأطباء لا يجدون دافعًا للمشاركة في انتخابات محسومة النتائج مسبقًا، خاصة في ظل غياب الأسماء النقابية المعروفة بين المرشحين".
وعبر الزيات، عن رفضه لما وصفه بـ"تآكل استقلال النقابة"، واعتبر أن الانتخابات الأخيرة جرت في ظل تضييق أمني واضح، وغياب المنافسة الحقيقية.
ومن أبرز مواقف إبراهيم الزيات استقالته من مجلس النقابة في يناير 2025، احتجاجًا على تمرير قانون المسؤولية الطبية دون التعديلات المطلوبة.
ووصف قرار إلغاء الجمعية العمومية بأنه "رسالة سلبية" تفقد الثقة في المجلس الحالي. مؤكدا أن البيئة النقابية أصبحت غير مناسبة للعمل المستقل، وأن هناك تدخلات سلطوية تعيق الترشح الحر.
ويرى الزيات أن النقابة فقدت دورها كمنصة مستقلة تمثل الأطباء، وأن سيطرة تيار واحد عليها تُضعف قدرتها على الدفاع عن حقوقهم، خاصة في ظل استمرار الاعتداءات على الأطباء وتردي أوضاعهم المهنية.
أنواع التهديدات
وشملت التهديدات التي تعرض لها المرشحون المحتملون وفقًا لتصريحات منى مينا وأعضاء آخرين، فإن المرشحين المستقلين تعرضوا لضغوط أمنية، شملت: تهديدات مباشرة وغير مباشرة ومكالمات ترهيب وتضييق إداري وبيروقراطي وصعوبة تشكيل قوائم منافسة.
ووصف تيار الاستقلال هذه الأسباب بأنها "لا تخفى على المتابعين"، في إشارة إلى تدخلات أمنية تهدف لتحييد الأصوات المعارضة.
وهو ما يشي أن الانتخابات جرت في بيئة غير متكافئة، حيث تمتعت قائمة المستقبل بدعم إداري وإعلامي، بينما انسحب تيار الاستقلال بسبب ضغوط أمنية، مما أدى إلى سيطرة كاملة للتيار الحكومي على النقابة.
وصرّح عدد من الأعضاء السابقين في مجلس النقابة لموقع "مدى مصر" أن هذه النتائج كانت متوقعة مسبقًا، نظرًا لغياب المنافسة الحقيقية في ظل التضييق الأمني.
نسبة المشاركة الضعيفة
وشهدت الانتخابات انخفاضًا ملحوظًا في نسبة المشاركة مقارنة بالانتخابات السابقة، إذ بلغ عدد المشاركين نحو 11 ألف طبيب، وهو أقل من عدد المشاركين في انتخابات التجديد النصفي عام 2021، التي شهدت مشاركة نحو 12 ألف ناخب، رغم أن عدد المسجلين بالنقابة قد ارتفع خلال السنوات الأربع الماضية بأكثر من 30 ألف طبيب.
وفقًا لنقابة الأطباء، يبلغ عدد الأطباء المسجلين أكثر من 270,000 طبيب وطبيبة، ومن بين هؤلاء، يحق التصويت فقط للأطباء المسددين لاشتراكاتهم السنوية، وهم أعضاء الجمعية العمومية الفعالة.
وكانت نسبة 11 ألف تعني أن نسبة المشاركة كانت أقل من 5% من إجمالي من يحق لهم التصويت، ما يعكس عزوفًا واسعًا عن العملية الانتخابية.
في انتخابات 2021، شارك نحو 12,000 طبيب، أي أن المشاركة تراجعت رغم زيادة عدد المسجلين بالنقابة خلال 4 سنوات بأكثر من 30,000 طبيب.
وعبر الأعداد المشاركة عن غياب المنافسة الحقيقية، وانسحاب تيار الاستقلال بعد تضيقات أمنية على المرشحين المستقلين، إضافة لضعف الحماية النقابية.
وبرّر نقيب الأطباء، الدكتور أسامة عبد الحي، ضعف المشاركة في تصريحات صحفية بأن الانتخابات تكميلية وتشمل اختيار نصف الأعضاء فقط.
وكان "تيار الاستقلال"، المنافس التقليدي لقائمة "المستقبل"، أعلن في 10 يونيو الماضي، امتناع مرشحيه عن المشاركة في انتخابات هذا العام، لأسباب وصفها بأنها واضحة لكل من يتابع العمل النقابي، في إشارة إلى الضغوط الأمنية التي تُمارس لمنع الترشح.
عينات جديدة
وأفرزت الانتخابات الأخيرة وجوها كانت تنحاز إلى الأطباء وظهر أنها ضمن القائمة الأمنية، مثل د. خالد أمين الأمين العام المساعد للأطباء وهو من الشخصيات النقابية القريبة من التيار الحكومي، وقد ترشّح ضمن قائمة "المستقبل" المدعومة من الدولة في انتخابات نقابة الأطباء، وسبق له الدفاع عن سياسات وزارة الصحة في أكثر من مناسبة، خاصة فيما يتعلق بقانون المسؤولية الطبية.
ولم يُعرف عنه تبني مواقف نقابية معارضة أو انضمامه لتيار الاستقلال، الذي يُعد التيار النقابي الأبرز في مواجهة سيطرة الدولة على النقابات المهنية.
وقبل أشهر احتجز في نيابة أكتوبر بعد تصريحات إعلامية انتقد فيها أوضاع الأطباء، وتحديدًا ضعف الرواتب، وتزايد الاستقالات، ومخاطر قانون المسؤولية الطبية.
وبعد الإفراج عنه، لم يصدر عنه أي موقف صريح يُظهر تغييرًا جذريًا في توجهه، ولم ينضم إلى أي تيار نقابي معارض، بل استمر في أداء دوره داخل النقابة.
د. خالد أمين يُعد من النقابيين داخل التيار الحكومي، وقد يُعبّر أحيانًا عن انتقادات محدودة، لكنها لا تصل إلى مستوى المعارضة أو الانحياز لتيار الاستقلال.
وفي مايو 2025، تقدمت وزارة الصحة ببلاغ رسمي ضد د. خالد أمين، اتهمته فيه بـنشر أخبار كاذبة من شأنها إثارة الفزع داخل المجتمع الطبي، وذلك بعد ظهوره في برنامج تلفزيوني تحدث فيه عن استقالة نحو 12 طبيبًا يوميًا وتدني رواتب الأطباء حديثي التخرج لنحو 6 آلاف جنيه، وخطورة قانون المسؤولية الطبية بصيغته الأولى، واعتباره سببًا في زيادة هجرة الأطباء وتكرار الاعتداءات على الأطباء بشكل ممنهج.
واعتبرت الواقعة ضمن التوتر القائم بين النقابة ووزارة الصحة، وتُعد مؤشرًا على تراجع هامش التعبير النقابي المستقل، خاصة حين يُحاسب ممثل نقابي على تصريحاته المهنية.
كما أنها تضع علامات استفهام حول مدى استقلال النقابات المهنية في ظل تدخلات سلطوية مباشرة.
وتلعب النقابات في جميع أنحاء العالم دورًا مزدوجًا: فهي تحمي وتخدم أعضائها، وتؤدي دورًا سياسيًا مهمًا كمؤسسات وسيطة بين الشعب والسلطة.
وعندما يُلغى الطابع المستقل للنقابة وتُحوّل إلى ذراع للسلطة، فإن المجتمع كله يخسر، والسلطة نفسها تفقد الجسر الذي يربطها بالناس، وتُعزل عنهم.
ويعد أعضاء النقابة الخاسر الأكبر، لأن المؤسسات المهنية هي الأداة الأساسية لضبط المهنة ومساءلة أعضائها.
وإذا تحوّلت هذه المؤسسات إلى أدوات للسلطة، فإن الرقابة تختل والمعايير المهنية تضيع، في صفقة لا يربح فيها أحد.
وقال د.أحمد الخطيب DrAhmed Alkhteeb "نقابة ضعيفة فاشلة لا تدافع عن الأطباء وكل مرشح له أغراض شخصية لخدمة نفسه والمقربين والأهل مثلا رحلات مجاني إعانات في المناسبات الاجتماعية يعني استفادة شخصية حتى مقر النقابة ونادي المهن الطبية على كورنيش النيل بأسوان اغلى من أي مكان على الكورنيش ومفيش أي ميزه للأطباء لأن البهوات بتوع النقابة مؤجرين مقر النادي على الكورنيش، وكله مصالح شخصية، ولن ولم أذهب إلى الانتخابات، بندفع الاشتراكات فقط ولنا الله ..".
وقال د. محسن Mohsen Mohamed Azzam ".. نتيجة الانتخابات و نسبة المشاركة الضعيفة و الاستبعاد شبه الإجباري للمنافسين في وسط احتفالات مفتعله تبعث على الضحك ) لا يمنع في الحقيقة بل يوجب التأكيد على القضايا النقابية الرئيسية التي تم تمرير هذه الانتخابات من أجلها وعلى رأسها، مضمنا اعتراضه على جملة أشياء:
.التوسع المهول في فتح كليات طب غير مجهزة، وقبول طلاب غير مؤهلين والتوسع في الاعتراف بكليات طب غير مؤهلة بالخارج.
.الاعتداء على الأطقم الطبية .
.الأجور المتدنية والطاردة للأطباء.
.ضرب الحائط بالجمعية العمومية، و إلغاء دورها و تحجيمه عن طريق مجلس النقابة.
.خصخصة القطاع الطبي الحكومي و توغل رأسمال الأجنبي في القطاع الطبي.
https://www.facebook.com/mohsen.mohamed.589100/posts/pfbid0b2kHkAUUVdQWEzQtZc8GGabmxN1kYzuzKB9GEK1CHeVMMa91XrAEP85StWEKs982l
وقال الدكتور محمد محمود مقبل، أحد النقابيين البارزين بتيار الاستقلال، شهادة شخصية مؤثرة عن تجربته الطويلة في العمل النقابي داخل نقابة الأطباء، وتحديدًا عن تحوّل المشهد من الحلم إلى الإقصاء، ومن الاستقلال إلى التبعية: إنه منذ 2011 وحتى اليوم، كان مشاركًا في كل انتخابات نقابة الأطباء، إما كمرشح أو داعم، لكنه جلس هذا العام "على مقاعد المتفرجين" لأول مرة، بسبب ما وصفه بانهيار العمل النقابي الحر.
واستعاد ذكريات أول انتخابات حقيقية بعد الثورة، حين ترشح ضمن قائمة "أطباء بلا حقوق" التي تحولت لاحقًا إلى "تيار الاستقلال"، وحققوا وقتها إنجازات كبيرة في تمثيل الأطباء.
وأشار إلى أن تيار الاستقلال خاض معارك نقابية مهمة، منها: إضرابات الأطباء.
إقرار قانون المهن الطبية عام 2014. والتصدي لتوسع كليات الطب الخاصة، ودعم الأطباء في مواجهة الاعتداءات، خاصة في واقعة مستشفى المطرية عام 2016.
وتحدث عن دور تيار الاستقلال خلال جائحة كورونا، بقيادة د. منى مينا ود. إيهاب الطاهر، في توثيق شهداء الأطباء، رغم رفض وزارة الصحة إصدار بيانات رسمية.
وانتقد ظهور قائمة "المستقبل" التي وصفها بأنها خرجت من عباءة تيار الاستقلال، لكنها اختارت التماهي مع السلطة، و"قول نعم" على حساب مصالح الأطباء.
واتهم القائمة الحالية بأنها: وافقت على قانون تأجير المستشفيات الحكومية. وهللت لقانون المسؤولية الطبية رغم تحفظات الأطباء.
وأجهضت الجمعية العمومية في سابقة تاريخية.
وختم بقوله: إن "العمل النقابي الحقيقي لا يسعى لوجاهة أو رضا السلطة، بل هو تطوع من أجل مهنة إنسانية، مؤكدًا أن قائمة المستقبل "ستحمل عارها التاريخي يومًا ما"، لأن التاريخ لا يُمحى.
وعلق الطبيب أحمد Ahmed Fathy "انتخابات بمقار انتخابية فارغة وحضور ضعيف، واللي نازل ينتخب أغلبهم ليسوا من شباب الأطباء، ونازلين مجاملة لمرشحين يعرفوهم، انتخابات بمقاعد كتير تزكية ومرشحين غير معروفين وقائمة واحدة بلا منافسين، دي الوصفة السحرية اللي يحبها كل عبده مشتاق عامل نفسه نصير الأطباء والمهنة والنقابة وهو في الحقيقة زيه زي نائب مجلس النواب ولا مجلس الشيوخ اللي دافع مبلغ وقدره وطبعا عشان هو حامي حمى الديموقراطية وحقوق الشعب ".
وأضاف "بفتكر على طول لما بشوف اسم المستقبل بتاع القايمة اياها حزب مستقبل وطن اللي دايما بيأخذ أغلبية المقاعد في كل حاجة ودا طبعا عشان حزب جماهيري جدا، وليه تاريخ في العمل الحزبي عريق جدا، وبرنامج حزبي جميل أوي خالص خلي مستقبل الوطن زي ما الكل شايفه ..".
وأشار إلى أن "يذكر إنه زعيم قائمة المستقبل دي واحد من أكبر رجالات حزب المعارضة الجامد أوي خالص الحزب المصري الديموقراطي الاجتماعي .. أيوه.. هو الحزب اللي رئيسه كان محلل ردئ في انتخابات الرئاسة الأخيرة ..
أهو كبير القايمة دي دايما بيعرف نفسه أنه نشأ نشأة يسارية وكان معارضا يساريا .. آه وربنا ".