قال الشيخ محمد جبريل إن القرآن يرسّخ هوية الأمة، وأن مصر يجب أن تستعيد مكانتها كـ"دولة التلاوة" (اسم البرنامج الأسبوعي لمسابقة قراءة القرآن الكريم)، داعيا إلى تطوير المسابقات القرآنية لتكون أكثر عدلًا واحترافية، مع إشراك رجال الأعمال في دعمها، حتى نربي جيلًا قرآنيًا يعيش القيم ويخدم وطنه ودينه.
وقال إمام مسجد عمرو بن العاص سابقا، "..مصر ولادة بالمواهب فى كل المجالات وللأسف أكثرها مهاجرة ويستفاد منها عالميا لأن رسالة الإسلام عالمية وليست محلية فتُنشر من أي مكان فى العالم ".
وعبر حسابه على فيسبوك (Sheikh Muhammad Jebril – الشيخ محمد جبريل) وتحت عنوان (إحياء فكرة "دولة التلاوة") أشار إلى أن مصر تميزت تاريخيًا بحسن تلاوة القرآن، وأنها أصبحت مرجعًا عالميًا في هذا المجال. وأن هذا الإرث يجب أن يُستعاد ويُطوَّر عبر برامج ومسابقات منظمة.
وثمن البرنامج القرآني الجديد واعتبر أن إيجابيات البرنامج تفوق سلبياته، أهمها أنه جمع الأسر المصرية والعربية حول القرآن بدلًا من المسلسلات واللهو ورأى أن استمرار البرنامج مع تحسينه سيعيد الاهتمام بالقرآن وأخلاقه داخل البيوت.
ورأى أهمية تقسيم المتسابقين إلى فروع؛ محترفون، وهواة، وصغار الحفاظ، وحفظة كامل القرآن، والقراءات العشر.
كما نصح بمراعاة الفئات العمرية وتكافؤ الفرص بين المتسابقين.
ونصح أيضا بوجود لجان تحكيم متخصصة في كل مجال (الأحكام، والأداء، والأصوات) وركز على "فن الأداء" بدلًا من كلمة "المقامات" لتجنب الجدل، مع التأكيد أن الخشوع هو الهدف الحقيقي.
انتقاد التصويت العاطفي
وحذر من أن الجمهور غير المتخصص يصوّت بالعاطفة لا بالكفاءة، مقترحا أن يكون التقييم من أهل التخصص كما يحدث في اختيار أفضل لاعب عالمي.
وناشد رجال الأعمال دعم هذه المسابقات بالمال باعتبارها صدقة جارية، لأن الأمة بلا قرآن أمة بلا هوية، مؤكدا أن حامل القرآن يمكن أن يكون طبيبًا أو مهندسًا أو محاميًا، فالقرآن يوجّه حياته ويغنيه.
وأوصى بحفظ القرآن، وإتقان أحكامه، وتدبره والعمل به، باعتباره طريق السعادة في الدنيا والآخرة.
أين المعصراوي؟
وعبر منصات التواصل شعر الجمهور بغياب د. أحمد عيسى المعصراوي حيث كان رمزاً بارزاً في "دولة التلاوة" المصرية، فإن غيابه عن المشهد الرسمي والإعلامي جعل الجمهور يشعر أنه "أُبعد"، رغم أن الأمر أقرب إلى ابتعاد تدريجي بعد انتهاء التكليف الرسمي في 2014، ومنذ ذلك الوقت لم يعد له دور رسمي في المؤسسات الدينية المصرية.
وشارك في مؤتمرات وفعاليات قرآنية في دول عدة مثل قطر والسعودية، وجامبيا، وغيرها، حيث كان يُبتعث من وزارة الأوقاف أو يُدعى بصفته العلمية.
وبعد خروجه من منصبه، قلّ ظهوره في الإعلام المصري، بينما ظل حاضراً في الإعلام العربي والعالمي وفي المحافل الدولية والفعاليات الخاصة بالقراءات.
والدكتور أحمد عيسى المعصراوي، شيخ عموم المقارئ المصرية السابق، وُلد عام 1953 في قرية دنديط بمحافظة الدقهلية وحفظ القرآن صغيراً، وتدرج في معاهد القراءات حتى صار من أبرز علماء القراءات في مصر. وحصل على الدكتوراه في الحديث النبوي وعلومه، وعمل أستاذاً في جامعة الأزهر. وتولى منصب شيخ عموم المقارئ المصرية عام 2006، وهو أعلى منصب رسمي في الإشراف على القراءات في مصر. ولكنه ما زال يُدرّس ويُجيز الطلاب في القراءات، ويُشارك في فعاليات علمية ومسابقات مماثلة خارج مصر.
كما يُنظر إليه باعتباره أحد أعلام "دولة التلاوة" الذين يحضرون في تلاوات عبر قنوات القرآن الكريم السعودية والمجد وغيرها.
الشيخ شريف قاسم وعلى فيسبوك رأى أن ".. برنامج “دولة التلاوة” بقى مثالا حيّا على إننا دخلنا عصر “الصوت قبل القرآن”. البرنامج بيقدّم القرآن وكأنه مسابقة غنائية: طلّع… نزل… ليّن… شَد… مقام كذا على جواب كذا… وكأننا في ستوديو تسجيل مش أمام كلام رب العالمين."
وأضاف "المشكلة مش في تحسين الصوت—ده شيء جميل ومطلوب—المشكلة إن الفكرة الوحيدة اللي بيتم تمريرها هي: “اقرأ كويس = صوتك حلو”… طب وباقي المعاني؟ الخشوع؟ التدبر؟ الرسالة اللي نزل القرآن عشانها؟".
وتابع "..بقى عندنا جيل فاكر إن قيمة القارئ في طبقته الموسيقية، مش في فهمه، ولا في وقوفه عند الآية، ولا في أثر القرآن عليه قبل ما يؤثر بصوته على الناس " موضحا ".. القرآن مش سُلّم مقامات…ولا مسابقة مواهب…ولا عرض صوتي.القرآن “هُدًى”… “نور”… “شفاء”…مش مادة استعراض.. ولما يبقى الجوهر غايب، والصوت هو الأساس…".
وأشار إلى أنه "يبقى اللي بيتقدّم للناس تلاوة جميلة… لكن فارغة المعاني ( لو أن الشيخ المعصراوي موجود ما رضي بذلك )".
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1377476180647194&set=a.589814766080010
أما الشيخ مصطفى عرفة فأجرى تحديثا على صفحته على فيسبوك وربط بين تعيين وزير الأوقاف بحكومة السيسي لشيخ عموم المقارئ المصرية وبرنامج دولة التلاوة.
وأوضح أن "المنصب الرفيع مثل شيخ عموم المقارئ المصرية ليس مجرد تكريمٍ رمزي أو منصبٍ إداري، بل هو أمانة علمية وتاريخية لا يتولاها إلا من جمع بين الإتقان في القراءة والتفرّد في العلم، وبين الأصالة الأكاديمية والعطاء المؤسسي، ممن لهم أثر بارز في خدمة القرآن، وتدريس القراءات، وتأهيل الأئمة والمقرئين داخل مصر وخارجها، وله ترجمة علمية راسخة وأبحاث موثقة في مجاله.".
وأضاف أن "..هذا المنصب لا تُبنى معاييره على جودة الأداء الصوتي وحدها، بل على المكانة العلمية، والإنتاج البحثي، والريادة الأكاديمية، والتأثير في الميدان القرآني، وهذا المنصب منذ نشأته تعاقب عليه أعلام كبار ممن جمعوا بين القراءة والإقراء والتعليم والإدارة العلمية، مثل: الشيخ المتولي والشيخ الضباع والشيخ عبد الحكيم عبد اللطيف، والاستاذ الدكتور أحمد عيسى المعصراوي، والشيخ رزق خليل حبة، والدكتور عامر السيد عثمان، وغيرهم ممن كان لهم تاريخ علمي مشهود ومقرأة كبرى خرّجت مئات المقرئين.".
وتابع: "..إدراج أسماء لها قرب شخصي من الوزير — كفضيلة الشيخ عبد الفتاح الطاروطي — في مناصب حساسة مثل نائب شيخ عموم المقارئ، فذلك يثير علامات استفهام حول المنهجية التي تُدار بها شئون القرآن في الوزارة. فالقرب الشخصي لا ينبغي أن يكون معيارًا للترقية أو التعيين، ولا أن يُقدَّم على الخبرة العلمية، ولا على من خدموا هذا التخصص عشرات السنين".
وقال: "..إن القرآن الكريم له رجاله، ومصر مليئة بأهل العلم والإقراء من الأزهريين وأساتذة الجامعات وشيوخ المقارئ الكبار وأعضاء لجنة مراجعة المصحف الذين لهم باعٌ طويل في تدريس القراءات وتخريج الأجيال".
وأضاف، "صدرت عن الوزارة قرارات أخرى في المجال القرآني أثارت الجدل، مثل مبادرة مسابقة “دولة التلاوة” التي شاب لجنتها التحكيمية قصورٌ واضح في التأهيل العلمي والتخصصي، مما انعكس على جودة المخرجات ومصداقية النتائج".
ودعا عرفة إلى "..مراجعة هذه القرارات، وإعادة النظر في آليات الاختيار، حيث تمثّل خطوة ضرورية لحفظ مكانة المقارئ المصرية وصون تاريخها العريق الممتد منذ قرون".
