حين يدفع الفقر أبناء الطبقة الكادحة لسرقة “مشروع الأغنياء” في مفارقة تختصر حال مصر في عهد عبد الفتاح السيسي، أحالت نيابة حلوان أربعة عمال إلى محكمة الجنايات، بتهمة سرقة أجزاء معدنية وكابلات من مشروع “المونوريل” التابع للهيئة القومية للأنفاق، وبيعها خردة.
المشروع الذي أنفقت عليه الدولة مليارات الجنيهات، الممولة من جيوب الفقراء والطبقة العاملة، يتحول اليوم إلى مسرح لجريمةٍ تعكس عمق الفقر واليأس الذي يعيشه العمال في “جمهورية الجباية”.
التحقيقات كشفت أن المتهمين – وجميعهم من العمال البسطاء – استغلوا غياب الحراسة في أحد مواقع المشروع بمنطقة دار السلام، وفكّوا بعض القطع المعدنية والأسلاك، ثم نقلوها على سيارات إلى سوق الخردة لبيعها.
وذكرت النيابة أن المتهمين استخدموا سلاحًا ناريًا محلي الصنع لتأمين أنفسهم أثناء تنفيذ الجريمة.
مصدر قضائي قال: إن "القضية رقم 6478 لسنة 2025 “ليست مجرد سرقة”، بل “مؤشر اجتماعي خطير على تفاقم الفقر بين العاملين في المشروعات القومية نفسها”.
وأضاف أن المتهمين، الذين يفترض أنهم يبنون مشاريع “التنمية”، باتوا يسرقون ما يعملون عليه لأن “ما يتقاضونه لا يكفي لإطعام أسرهم”.
ويعد مشروع المونوريل أحد أبرز مشروعات البنية الفوقية التي يروج لها النظام كرمز للتقدم والحداثة، في وقت تعاني فيه ملايين الأسر من غلاء الأسعار، وتآكل الأجور، وارتفاع الضرائب والرسوم.
يرى مراقبون أن ما حدث ليس حادثًا معزولًا، بل نتيجة طبيعية لسياسات الإفقار الممنهجة التي يدفع ثمنها الكادحون، فيما تُهدر المليارات على مشروعات لا تمس حياة الناس اليومية. ويتساءل كثيرون إن كانت هذه الحادثة “جرس إنذار” لبداية مرحلة جديدة، حيث يردّ الجياع على دولة الجباية بسرقة مشاريعها الفارهة التي شيّدتها على أنقاض قوتهم اليومي.
هل هي بداية تمرد الجياع على مشروعات الأغنياء؟ سؤال يتركه الشارع المصري معلقًا، في زمنٍ صار فيه “الفقر” تهمةً، و”النجاة” جريمةً.
