سجّل معدل التضخم السنوي ارتفاعًا ملحوظًا بلغ 13.5% خلال شهر أبريل الماضي، مدفوعًا بعدة عوامل أبرزها، ارتفاع أسعار السلع الغذائية، والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والغاز، وذلك عقب زيادة أسعار الوقود، وأيضا التذبذب في سعر صرف الجنيه، مما رفع من تكاليف الإنتاج والنقل، وأدى إلى زيادة عامة في الأسعار.
وأعرب عدد من خبراء الاقتصاد عن تخوفهم من استمرار ارتفاع معدلات التضـخم خلال الأشهر المقبلة، خاصة في ظل بقاء الأسباب الرئيسية المؤدية إليه، متوقعين أن يؤدي ذلك إلى موجة غلاء جديدة تكتسح الأسواق وتزيد الأعباء على المصريين، خاصة الفئات محدودة ومتوسطة الدخل .
وقال الخبراء: إن "هذه الأسباب تتمثل في التوقعات بزيادة جديدة في أسعار الوقود واستمرار ارتفاع تكاليف الإنتاج وتذبذب سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، مما يزيد من تكلفة الاستيراد وتضخم المدن الذي تجاوز المعدلات المعتادة".
وأشاروا إلى أن أسعار مجموعة الحبوب والخبز ارتفعت بنسبة 0.5%، ومجموعة الأسماك، وأيضا مجموعة الخضروات بنسبة 1.2%، ورفع مجموعة السكر، بينما ارتفاع الكهرباء والغاز ومواد الوقود الأخرى بلغ نسبة 6.7%، والنقل والمواصلات سجلت ارتفاعا قدره 33.7%.
أسعار السلع
من جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالنبي عبدالمطلب : "من المؤكد أن هناك ارتفاعًا في أسعار السلع بالسوق، مما أدى إلى زيادة التضخم، خاصة مع بداية فصل الصيف، وذلك بسبب ارتفاع تكاليف النقل والتبريد، واستخدام الثلاجات في نقل البضائع بين الأسواق، مشيرا إلى أن كل هذه العوامل تُسهم في رفع أسعار السلع، بالإضافة إلى زيادة نسبة الفقد في البضائع، وارتفاع أسعار الكهرباء والوقود، حيث يتم تمرير هذه الزيادات إلى أسعار السلع في السوق".
وشدد عبدالمطلب في تصريحات صحفية على ضرورة الإسراع في اتخاذ قرار بشأن المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، لأنها قد تؤدي إلى مشاكل جديدة، خاصة مع التذبذب الحالي في سعر الصرف، مؤكدا أنه في حالة وجود خلل في سعر الصرف، يؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع بالتبعية.
وتوقع حدوث زيادة جديدة في سعر الوقود بالتزامن مع تحريك سعر الصرف، مما سيكون له تأثير إضافي على ارتفاع الأسعار، ومن ثَمَّ نسبة التضخم.
مُؤشر مُقْلِق
وقال عبدالمطلب: إن "ما لفت انتباهه في التقرير الأخير بشأن التضخم، هو أن بيانات التضخم لم تقتصر على المدن كما كان يحدث سابقًا، بل ظهرت بشكل واضح على مستوى الجمهورية".
وأضاف أن التضخم في المدن ارتفع إلى 16.9%، بزيادة تُقدّر بنحو 300 نقطة أساس، ويُعزى ذلك بشكل رئيسي إلى رفع أسعار الوقود، ما أدى إلى زيادة تكاليف المواصلات ونقل السلع، بخلاف المناطق الريفية التي لا تعاني بنفس القدر، بسبب قِصَر المسافات.
وأوضح عبدالمطلب أن ارتفاع تكلفة نقل السلع الغذائية انعكس مباشرة على أسعارها النهائية في الأسواق، مما ساهم في رفع معدلات التضخم، كما أشار إلى أن هذا الارتفاع الكبير داخل المدن يُعد مؤشرًا مقلقًا لتأثير أسعار الوقود على التضخم الهيكلي في الاقتصاد.
وتوقع أن يرتفع معدل التضخم خلال الفترة المقبلة إلى 14.2%، وقد يصل إلى 15% مع بداية يوليو وأغسطس، في حال تم رفع أسعار الوقود مجددًا واستمر تذبذب سعر الصرف، ما سيزيد من تكلفة السلع والخدمات الأساسية.
السولار والبنزين
في المقابل قال الخبير الاقتصادي أشرف غراب: إن "ارتفاع معدل التضـخم السنوي لإجمالي الجمهورية إلى 13.5% خلال شهر إبريل الماضي مقابل 13.1% لشهر مارس 2025، يرجع إلى ارتفاع أسعار بعض السلع كالخبز والحبوب والأسماك والخضروات والأقمشة والملابس الجاهزة والأحذية وغيرها من السلع، متأثرة بقرار رفع لجنة تسعير المواد البترولية لسعر السولار والبنزين في بداية شهر أبريل.
وأكد غراب في تصريحات صحفية ، أن الارتفاع في معدل التضخم خلال شهر أبريل كان متوقعا بعد ارتفاع أسعار المحروقات، موضحا أن التوقعات كانت تشير إلى ارتفاع بسيط في معدل التضخم وليس ارتفاعا كبيرا، وقد حدث بالفعل ارتفاع بنسبة بسيطة، وذلك جاء وسط خفض سعر الفائدة في الاجتماع الماضي، واستقرار سعر الصرف بالتزامن مع دخول سيولة دولارية نتيجة زيادة تحويلات المصريين بالخارج وزيادة إيرادات السياحة وزيادة احتياطي النقدي الأجنبي لما فوق الـ 48 مليار دولار، فكل هذه العوامل تدعو لاستقرار أسعار السلع في الأسواق.
وأشار إلى أنه منذ بداية العام الجاري 2025 شهدت معدلات التضخم تراجعا، نتيجة استقرار سعر صرف الدولار، ووجوده بكميات كافية بالبنوك، لتلبية احتياجات المستوردين والمنتجين، مشيرا إلى أن الفترة المقبلة ستشهد دخول سيولة دولارية كبيرة من الشريحة الثانية من الاتحاد الأوروبي والتي تقدر بنحو 4 مليار يورو، إضافة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة من دول الخليج، وأهمها قطر والكويت والسعودية، وهذه ستسهم في تحسين وضع العملة المحلية مقابل الدولار، وثبات واستقرار سعر صرف الدولار .