في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بمصر ووسط موجة الانتقادات المتزايدة لتصريحات النظام حول أسباب هذه الأزمة، كان لمراسل بوابة ” الحرية والعدالة” لقاء مع الدكتور مصطفى شاهين، أستاذ الاقتصاد بجامعة أوكلاند الأمريكية، الذي تناول بالتحليل تصريحات عبد الفتاح السيسي ورئيس وزراءه مصطفى مدبولي حول محاولات تبرير حالة الفشل التي وصل لها الاقتصاد المصري، وتطرق الحوار إلى أسباب الأزمة الحقيقية، والسياسات الاقتصادية المتبعة، وتأثيرها على المواطن المصري والاستثمار المحلي والدولي.
- كيف تقيم تصريحات السيسي التي تربط بين ارتفاع سعر الدولار واستيراد سلع مثل الشوكولاتة ومستحضرات التجميل؟ هل يعكس ذلك طرحا حقيقياً للأسباب الجوهرية للأزمة الاقتصادية في مصر؟
- تصريحات السيسي حول الشوكولاتة ومستحضرات التجميل توضح أنه يحاول تحويل الانتباه عن الأسباب الحقيقية للأزمة، الأزمة الاقتصادية في مصر أعمق بكثير من مجرد استيراد سلع ترفيهية، ارتفاع سعر الدولار يعكس سياسات مالية واقتصادية غير مستقرة، وليس بسبب استيراد سلع محددة، المشكلة تكمن في عدم وجود سياسات تدعم الصناعة المحلية أو تحسين الإنتاج، مما يؤدي إلى زيادة الاعتماد على الواردات.
- مصطفى مدبولي تحدث عن إمكانية دخول مصر في “اقتصاد حرب” في حال اندلعت حرب إقليمية، برأيكم هل هذا التصريح تمهيد لموجة جديدة من الأزمات الاقتصادية ورفع الأسعار على المواطنين؟
- للأسف، الحديث عن “اقتصاد حرب” هو تهديد مباشر للمواطنين ويزيد من مخاوفهم بشأن المستقبل، هذه التصريحات تخلق حالة من الفزع وتؤدي إلى تدهور الثقة بالاقتصاد المصري، إذا كانت الحكومة تتحدث عن اقتصاد حرب، فهذا يعني أننا نواجه مزيدًا من الارتفاعات في الأسعار وتقييد السلع الأساسية، ما يقلقني هو أن الحكومة قد تستخدم هذا التصريح لتبرير أي زيادة في الأسعار أو تدهور في الأوضاع المعيشية.
- لماذا يركز النظام على تحميل المواطن العادي والمستثمرين المحليين مسؤولية الأزمة الاقتصادية، في حين يغيب الحديث عن السياسات الاقتصادية الحكومية التي أدت إلى هذا التدهور؟
- هذه الاستراتيجية ليست جديدة، الحكومة تحاول دائمًا تبرير فشلها الاقتصادي عن طريق إلقاء اللوم على المواطنين والمستثمرين، يروجون لفكرة أن الاستهلاك هو السبب، وأن عدد السكان الكبير يضغط على الموارد، لكن الحقيقة أن السياسات الاقتصادية غير المدروسة، مثل الإنفاق الضخم على مشاريع البنية التحتية دون تخطيط، هي التي أدت إلى هذه الأزمة.
- كيف يمكن تفسير صرف مليارات الدولارات على مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والكباري، في وقت تعاني فيه البلاد من نقص حاد في الموارد الأساسية وإهمال الصناعات الحيوية؟ هل تُعتبر هذه المشاريع ذات أولوية فعلية؟
- إنفاق الحكومة على مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والكباري، ليس بالضرورة أولوية في ظل الظروف الحالية، مصر بحاجة إلى الاستثمار في الصناعات الحيوية التي توفر فرص عمل وتقلل من الاعتماد على الواردات، هذه المشاريع الضخمة قد تكون لها فوائد طويلة الأمد، ولكن في الوقت الحالي، يبدو أن الإنفاق على هذه المشاريع يأتي على حساب الموارد الأساسية والقطاعات الأكثر احتياجاً.
- تصريحات السيسي عن توطين الصناعة تأتي في ظل استمرار الاعتماد الكبير على الواردات، ما هي العوائق التي تعيق الحكومة عن تحقيق هذا الهدف؟ وهل هناك إرادة سياسية حقيقية لتطبيق هذه السياسات؟
- توطين الصناعة في مصر يواجه عدة عقبات، أهمها عدم وجود بيئة اقتصادية مستقرة وعدم وجود سياسات تشجع الاستثمار المحلي، الحكومة تتحدث عن دعم الصناعة، لكن لا يوجد دعم حقيقي على الأرض، الارتفاع المستمر في سعر الدولار، وغياب استراتيجيات واضحة للاستثمار في الصناعات الحيوية، كل هذه العوامل تجعل من توطين الصناعة أمراً صعب التحقيق.
- كيف ترون تأثير الحديث عن “اقتصاد الحرب” على الثقة في الاقتصاد المصري، سواء بالنسبة للمستثمرين المحليين أو الدوليين؟ وهل يمكن لهذه التصريحات أن تُفاقم الأزمة بدلاً من تهدئتها؟
- الحديث عن “اقتصاد الحرب” يضر بالثقة في الاقتصاد المصري بشكل كبير، المستثمرون سواء كانوا محليين أو دوليين يبحثون عن الاستقرار، هذه التصريحات قد تجعلهم يترددون في ضخ أموالهم في الاقتصاد المصري بدلاً من تهدئة الأوضاع، قد تؤدي إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية وتجعل المستثمرين يبحثون عن بيئات أكثر استقراراً.
- في ظل التصريحات المتكررة عن الحاجة إلى “إصلاحات” و”تضحيات”، هل ترى أن النظام الحالي يسير على خطى صحيحة للخروج من الأزمة، أم أنه يزيد من معاناة المواطن دون تقديم حلول واقعية للأزمة الاقتصادية؟
- للأسف، النظام الحالي يبدو أنه يزيد من معاناة المواطن دون تقديم حلول واقعية. التركيز على تحميل المواطن مسؤولية الأزمة، بدلاً من معالجة الأسباب الجذرية لها، يعكس غياب رؤية واضحة للخروج من الأزمة، الشعب المصري بحاجة إلى سياسات حقيقية تحسن من وضعه الاقتصادي، وليس المزيد من الشعارات والتضحيات.
