من مشروع بناء أمة إلى تسليع القرآن .. “دولة التلاوة” طلاء وجه مصر بصوفية منحرفة

- ‎فيتقارير

 

استبعد برنامج "دولة التلاوة" الذي يحظى بدعم من رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي (ووزير أوقافه ومستشاره الديني أسامة الأزهري) ومؤسسة المخابرات (شركة المتحدة)؛ مؤسسة الأزهر الشريف إلا من العمامة البيضاء والطربوش الأحمر على رأس عضوين من 4:5 أعضاء في لجنة تحكيم البرنامج المذاع عبر 3 قنوات من قنوات "المتحدة".

ويثور جدل في الشارع بين من يرى البرنامج مشروعًا وطنيًا ناجحًا يربط الشباب بالقرآن، وبين من يعتبره تسليعًا للتلاوة وتقليدًا لبرامج الأغاني والتركيز على المقامات الصوتية وبعض الموسيقى لا أحكام التلاوة والتجويد، بشكل يضر بقدسية القرآن.

ووجه آخرون انتقادا أساسيا لغياب الأزهر، وجود شخصيات غير متخصصة في لجنة التحكيم، استخدام الموسيقى والمقامات، وطريقة الإخراج المشابهة لبرامج فنية.

ويبدو أن برنامج دولة التلاوة الشبيه ب(Voice Kids)  و(ستار أكاديمي) و(سمعنا صوتك) موجّه لتثبيت توجه سياسي/ديني معين، حيث يحضره بشكل دائم المريد الصوفي مصطفى حسني المنتقل من محاضرات عمرو خالد إلى حضرات علي جمعة، إضافة للمعمم جابر البغدادي، رغم وجود ملاحظات عقدية وفكرية عليهم.

وأشار مطلقو البرنامج إلى أنه يضم 14 ألف متسابق ولجنة التحكيم تضم؛ الشيخ حسن عبد النبي،  والدكتور طه عبد الوهاب خبير الأصوات والمقامات، والداعية مصطفى حسني، والقارئ طه النعماني.

وهناك ضيوف يتوزعون بين الحلقات (أمضى حلقتين منذ البداية) ومنهم رموز صوفية مثل؛ أسامة الأزهري وعلي جمعة  ود.أحمد نعينع  والشيخ عبد الفتاح الطاروطي والقزابري (قارئ مغربي) ومحمد أيوب (قارئ آخر غير القارئ المعروف بالكويت والعالم الإسلامي).

ويبدو بالفعل من هدايا المجيدين للتجويد والترتيل (دون الحفظ) فمن المركز الأول في التجويد والمركز الأول في الترتيل  كل واحد فيهم بيأخذ مليون جنيه كاش، ويسجّلوا المصحف كامل بصوتهم ويذاع على قناة "مصر -قرآن كريم" ضمن باقة قنوات (أون) ويصلون صلاة التراويح في مسجد الإمام الحسين في رمضان المقبل.

وبغض النظر، فإنه وبإجماع آراء، وجود مسابقة قرآنية على التلفزيون أمر مستحب، لكن يجب أن تُنفذ بما يتناسب مع قدسية القرآن وحرية المنافسة وتخصص لجنة التحكيم وعدالتها، بعيدًا عن تحويله لمادة فنية تخضع لأساليب الإبهار السينمائي.

ولأن السيسي يريد أن يقدم صيغة من مسحة دينية على أفعال وتصرفاته خصصت "المتحدة" إنتاجا ماليا ضخما بجوائز (3.5 مليون جنيه).

واقترح Mustafa El Mahdy  أن يكون رئيس اللجنة هو د. أحمد عيسى المعصراوي، باعتباره من كبار شيوخ القراء في مصر بل ومتخصص كأستاذ لعلوم القرآن الكريم.

 

الصحفي‏ عامر شماخ أشار عبر حسابه على فيسبوك إلى أن "برنامج قرآني جديد اسمه «دولة التلاوة»، يُنتج بالمشاركة بين «وزارة الأوقاف» وشركة «السامسونج» للخدمات الإعلامية، ويُذاع مرتين أسبوعيًّا، ويشارك فيه آلاف المواهب، وللعدل: الفكرة رائعة، وسيُكتب لها النجاح إن قُصد بها خدمة كتاب الله مجردًا، ولم يكن من ورائها نفع وتخديم على السلطة والعمل السياسي".

وتساءل: "الأخوان (مصطفى حسني والبغدادي) اللي في الصورة دول، لماذا يشاركان في البرنامج ويجلسان ضمن لجنة التحكيم وهما ليسا متخصصين أو خبيرين أو حتى مهتمين بهذا الأمر؟ قد يردّون قائلين: هؤلاء ضيوف شرف، وأقول: الشرف مات من زمان، للأسف هذان اختيار «الأزهري»؛ في محاولة لطلاء واجهة «مصر» بالصوفية المنحرفة، التي يمثلها أحدهما، أو بـ (الإسلام الوسطي الجميل) الذي يمثله الأخ الآخر.".

واسترشد بأحاديث رسول الله، الذي جعل النية ركن قبول العمل، ولذلك أقولها مخلصًا: حرروا البرنامج من المنافع، الشخصية والسياسية، إن أردتم استمراره، ومن ثم قبوله عند الله.

ويهدف البرنامج بحسب القائيمن عليه لاكتشاف ورعاية المواهب القرآنية في مصر، يُعرض أسبوعياً على قنوات الحياة وCBC والناس ومنصة Watch It.

وتعلن وزارة الأوقاف بحكومة السيسي أنها تروج للبرنامج باعتباره مشروعاً وطنياً يعزز الدور الريادي لمصر في نشر القرآن الكريم في حين يخشى مراقبون أن تتحول المبادرات الدينية إلى أدوات دعائية للنظام ،كما حدث مع برنامج قطايف ل"سامح حسين" الذي سارع السيسي إلى اقتناص الثمرة فكشف خبايا البرنامج ومقدمه.

صورة من برنامج إيراني

وكشف متابعون إلى أن فكرة "الريادة" التي تزعمها وزارة الأوقاف مستهلكة وكتب Hazem El Mahdi على فيسبوك ".. كنت أتمنى ألا تكون نسخة طبق الأصل من البرنامج الإيراني الشهير.. نفس أسلوب المحكمين، نفس ردود الأفعال، نفس طريقة التصوير، كأننا نعيد نفس النسخة بالحرف " مضيفا "إحنا بلد الأزهر، وبلد القرّاء اللي العالم كله اتعلم منهم، كان ممكن نقدم نموذج مصري خالص، بروحنا وهويتنا ومدرستنا العريقة في التلاوة، الفكرة عظيمة، والنية طيبة، لكن الإبداع كان هيخلّي البرنامج أعظم بكتير".

وانتقد "الشمس الأحمدي" على فيسبوك بعض مظاهر البرنامج بعد أن أثنى عليه وقال: "لا ينبغي أن يكون راوي سيرة الشيخ الحصري أو غيره ممثلة معروفة، وجلال القرآن وهيبته لا يناسبهما أن يكون قارئ سير أعلامه امرأة ظاهرة بالمعاصي فإن في هذا ترسيخا لانفصال تلاوة القرآن عن العمل به.".

وأضاف، "ينبغي الابتعاد عن التقليد في إخراج البرنامج بحيث نقطع الصلة بينه وبين برامج المواهب الغنائية السخيفة ولا يشعر القارئ بأي تشابه بين هذه البرامج الاستهلاكية ومسابقات القرآن الكريم.".

وأشار إلى أنه مما يدخل في باب الانتقاد أهمية "تغيير هذه الفواصل الموسيقية التي تصنع جو الترقب الذي يصحب مسابقات الغناء وغيرها (فللقرآن جلالته) إلى غيرها أو الاكتفاء بما هو خير منها وهو صوت المبتهل، وحبذا لو دخل مع الثناء على الله تعالى مدح نبيه صلى الله عليه وسلم في هذه الابتهالات.

 

واتفق معه في النقطة الأخيرة  Ahmed Ali Abdel-Halim متسائلا: "هل يجوز برنامج فيه يقرأ فيه القرآن خير الكلام كلام الله عز وجل يكون قبل دخول المتسابق موسيقى ( أقل كلام فيها اختلاف حلال ولا حرام).."، منوها إلى أن ذلك "غير لجنة التحكيم اللي فيها ناس أصلاً مش من أهل القراءة موجودون بس عشان لهم متابعون ".

 

وأيده Sabry Salama صبري أن "..ظهر في لجنة التحكيم وضيوف الشرف بعضُ الأسماء التي لا علاقة لها بالمجال أصلًا؛ فلا هم من الحفّاظ، ولا من أصحاب الأصوات الحسنة، ولا من أهل العلم، ولا من المنتسبين إلى الأزهر أو الأوقاف".

ورأى أن "السبب الوحيد لوجودهم هو انتماؤهم إلى مذهب معيّن، مع رغبة واضحة في تلميعهم وتقديمهم للناس خلال الفترة القادمة على أنهم يمثلون "المنهج الصحيح".

وعن صوفية المنحرفين عبر صبري عن اسفه قائلا: "يبدو أن البلاد تُدفَع بكل قوة في هذا الاتجاه دون مراعاة لخصوصية مصر العلمية والأزهرية.

وأنا هنا لا أقف مع أو ضد أي مذهب، لكنني أرى أن مصر لها خصوصيتها العلمية والأزهرية، ومن المهم الحفاظ على هذا التنوع وعدم السماح بفرض منهج واحد على المجتمع أو تقديمه باعتباره الخيار الوحيد.".

البعد السياسي والإعلامي

المتابع أحمد فهمي وعبر Ahmed Fahmy على فيسبوك قال: "أنا مش منبهر ببرنامج دولة التلاوة زي ناس كتير، بل على العكس شايفه أنه هدفه غير ديني إطلاقاً، وقد يكون في بعض الأحيان مسيء للدين والقرآن". مضيفا "أنا كل ما أحاول أتفرج على أي مقطع، مش قادر أكمل".

والسبب بحسب ما كتب ".. مرة فتحت فيديو لقيت قارئا يقرأ و لجنة الحكام يكلمون بعضهم بصوت عال أثناء القراءة ويضحكون بشكل لا يتناسب إطلاقاً مع قدسية قراءة القرآن، ولا مع كلام ربنا: "وإذا قرأ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" خاصة أن أصل البرنامج معمول بهدف سماع  وتقييم القراء و ليس قرآنا يتلى بجوارك أثناء العمل أو قيادة السيارة، وبعد ما خلصوا كلام، طلبوا منه يعيد تاني، فقفلت الفيديو وما كملتش..".

وأشار إلى أن الأمر متكرر خلال حلقتي البرنامج الماضيتين فللمرة الثانية دخل "لقيت مشهد دخول لاحد القراء الكفيفين، يقوده شخص آخر، و لكن يصاحبون دخوله بموسيقى تصويرية طبول وتصفي، وبعدها تفتح معه الحوار مذيعة لا يوجد عندها أدنى قدر من العلم أو التخصص لا بالدين أو القرآن، وتسأله السؤال الغريب اللي يُسأل لكل المطربين لما بيتم استضافتهم "هتسمعنا إيه انهارده؟" هل ده سؤال يتسأل لقارئ يلبس اللبس الأزهري من مذيعة لا تعلم أي شيء عن دين أو قرآن؟ كمان هل نضبت مصر من مذيعين رجال مثقفين دينياً وعندهم علم في القرآن؟ مش عندنا إذاعة قرآن كريم، تذخر بقامات إذاعية ذات أصوات تربينا عليها من صغرنا (ومظهر جيد برضو عشان التليفزيون يعني)؟

وجدد منشوره قائلا: "أنا قلت في أمور لا تليق بالقرآن الكريم، هل شوفتوا مثلاً أنتقد وجود موسيقى في برنامج the voice؟.. أنا أنتقد وجود موسيقى في برنامج مسابقة قرآن كريم.. أنتقد أنها تكون مسابقة قرآن كريم و اللي بيديرها فريق إنتاج وإخراج عادي فاكر نفسه بينتج star academy  .. أنتقد غياب قامات شيوخ القراء في بلد الأزهر الشريف.. و القرآن أصلا مش مجال آراء، ده مجال انضباط شرعي

وجود مسابقة للقرآن الكريم وتتصور وتذاع على التليفزيون أكيد أمر مستحب"، بحسب ما كتب أحمد فهمي.

https://www.facebook.com/eng.a.fahmy/posts/pfbid02HskbZaU5WVJ4ucvt1Jy53gKcxxUJoawup9MdQ39kZ3mKKnUNEeYBP5XFKY8w6VXgl