دخل نظام الانقلاب خلال اليوم الأخير من مسرحية انتخابات الرئاسة التي اختتمت أمس الأربعاء، في حالة من السعار، لحث الناس على المشاركة في الانتخابات، بعد فضيحة المقاطعة التي كشفت الشعبية الحقيقية لنظام السيسي ومعاداة الشعب المصري لنظامه، في الوقت الذي استخدم النظام كل أدوات الترهيب بعد فشل أدوات الترغيب، حيث لعب النظام على تخويف الغلابة من إلغاء بطاقات التموين لكل من لم يشارك، وتغريمه 500 جنيه، فضلا عن التهديد على المستوى الضيق بالحبس والاعتقال، ونشر الشائعات بملاحقة كل من لم يصوت.
وظهرت حالة السعار على لسان اللواء السيد نصر، محافظ كفر الشيخ، حينما هاجم بغضب مقاطعي الانتخابات، قائلا: “اقعدوا في بيوتكم، وشوفوا اللي بيطبطب على قفاكم من ورا. جاتكم ستين نيلة”. وأثارت تصريحات المحافظ سيلا من الردود والتعليقات الساخرة في مواقع التواصل.
ومن جانبها صورت وسائل الإعلام المؤيدة للحكومة عدم المشاركة في الانتخابات بأنها خيانة لمصر.
وقال مقدمو برامج إذاعية وتليفزيونية إن الامتناع عن المشاركة “خيانة لدماء شهداء سيناء”، كما تم تهديد الموظين بالفصل التعسفي إذا ثبت عدم مشاركتهم في الانتخابات، فضلا عن أن بيانات وقرارات إدارية من الأزهر وإداراته التعليمية وهئات حكومية، قامت بإصدار منشورات تهديدية لإجبار الموظفين على المشاركة في الساعات الأخيرة.
وعلمت مصادرنا أن تفاهمات حدثت مع بعض رجال الحزب الوطني من رجال الأعمال الذين فشلوا في انتخابات برلمان العسكر الماضية، لحشد الناس للتصويت في الانتخابات، مقابل وعود حقيقية بدعمهم في الانتخابات النيابية القالدمة.
وفي حي وسط القاهرة الذي يشمل الدرب الأحمر والخليفة، تسابق نواب برلمان العسكر من المنتمين للحزب الوطني على حشد الناس بالرشاوى الانتخابية، وترهيبهم من العقاب حال عدم المشاركة، ومن بين النواب كان أحمد شيحة الذي نزل بنفسه لحث الناس على التصويت.
وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قررت تمديد التصويت، حتى العاشرة مساء بالتوقيت المحلي، بعد أن بدأ الحشد السلبي للانتخابات.
وزعم المستشار محمود الشريف نائب رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات “وجود كثافات كثيرة أمام لجان الانتخابات نظرا لتوافد الناخبين بأعداد كبيرة في الساعات الأخيرة بسبب الأحوال الجوية في هذه المحافظات”.
وقبل ساعات قليلة من إغلاق مراكز الاقتراع وجه رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات، المستشار لاشين إبراهيم، نداء اللحظات الأخيرة للمصريين للنزول والإدلاء بأصواتهم يحذوه الأمل في زيادة نسبة الإقبال التي يريدها السيسي باعتبارها ضرورية لإضفاء شرعية شعبية على فوزه الانتخابي المتوقع.
وقال في النداء الذي بثه التلفزيون المصري: “أعلنوا للعالم أن مصر دائما تصنع التاريخ. فأنتم الفراعنة صناع الحضارة التي أذهلت العالم”.
ويخوض السيسي مسرحية الانتخابات دون منافس تقريبا بعد إلقاء القبض على أحد المرشحين الأقوياء، وترهيب آخرين الأمر الذي جعل الإقبال مقياسا رئيسيا لشعبيته.
وقال مصدران يشرفان على الانتخابات لرويترز إن نحو 21 % من أكثر من 59 مليون مصري لهم حق الانتخاب أدلوا بأصواتهم في اليومين الأول والثاني.
وليس هناك إلى الآن تقديرات لنسبة الإقبال في اليوم الثالث لكن مراسلي رويترز في القاهرة ومدن أخرى شاهدوا أعدادا أقل من الناخبين في مراكز الاقتراع.
وقال دبلوماسي غربي زار أربع محافظات إنه لم ير في أي صندوق اقتراع بطاقات تشغل أكثر من نصفه ولم ير طوابير طويلة من الناخبين. وأضاف طالبا ألا ينشر اسمه أن الإقبال حتى وقت متأخر من نهار أمس الثلاثاء تراوح بين 15 و20 في المئة وارتفع إلى نحو 30 في المئة في بعض مراكز الاقتراع اليوم الأربعاء.
وقال ناخبون تحدثوا إلى رويترز في أول يومين من التصويت إنه عرضت عليهم مبالغ مالية وسلع غذائية وخدمات مقابل الإدلاء بأصواتهم.
وقالت امرأة من عزبة الورد القريبة من المعادي رافضة الإفصاح عن اسمها: “عمري ما صوت قبل كده وما كنت عايزة أصوت المرة دي.. رحت حطيت صباعي في الحبر وأخدت الخمسين جنيه”.
وقالت نساء أخريات رفضن أيضا الإفصاح عن أسمائهن إنهن تلقين وعدا بالحصول على أرز وزيت طعام مقابل الإدلاء بأصواتهن.
وقالت إحداهن: “قالوا لي لو صوتي، وأظهرت لهم الحبر الفوسفوري هيعطوني صندوق”، يحوي مواد غذائية.
وقال موظف في مؤسسة مالية حكومية إن مديري المؤسسة أعطوا الموظفين إجازة نصف يوم في أول أيام التصويت كي يشاركوا في العملية الانتخابية.
وأضاف أنه قيل للموظفين: “لا تعودوا بغير حبر فوسفوري”، وأنه تم فحص أياديهم في اليوم التالي.
وطلبت وكالة رويترز من المتحدث باسم رئاسة الجمهورية التعليق على ذلك فقال إن الحديث في هذه المسألة ليس من شأن الرئاسة، وأحالها إلى الهيئة الوطنية للانتخابات والمتحدثين باسم حملات الدعاية الانتخابية.
