ربما تعجز كلماتك حينما تريد توصيف الحالة التي أصبح عليها نظام الانقلاب في النصب على المواطنين وأنصاف المتعلمين في مصر، من خلال مسلسل “كيد النساء” الذي يستمر عرضه لأكثر من خمس سنوات، لا يجد فيها النظام غضاضة بأن يلعب دور “الاستربتيز”، حتى إن من شروط نظام الانقلاب العسكري للدخول في حظيرة الحكم، وغسل أدمغة المواطنين، أن تتخلى عن شهاداتك العلمية، ومنطق العقل الذي تتحلى به أمام أقرانك، ولتبدأ في استفزاز طاقاتك من أجل الرقص على المسرح الذي نصبه عبد الفتاح السيسي، لجمع أموال ونقوط المصريين تحت مخدر الوهم ومجاملة العروسة “مصر”.
هذا ما فعله المهندس هاني عازر، عضو المجلس الاستشاري الرئاسي لقائد الانقلاب العسكري، حينما شطح وقال: إن وفد البرلمان الألماني الذي زار مصر أمس الإثنين طلب من مصر بناء مطار برلين، بالتزامن مع احتفالات الأتراك ببناء أكبر مطار عالمي في أسطنبول.
هكذا قال هاني عاذر الذي يفترض أنه مهندس مصري ألماني معروف له خبرة كبيرة، وقد أشرف على بناء محطة قطارات برلين، كما ترأس هاني عازر فريق بناء نفق Tiergarten تحت برلين سنة 1994. ليصبح بعدها كبير المهندسين لأكبر محطة قطارات في أوروبا ليرتر بانهوف في برلين.
إلا أن “عرق الهوى” استفز طاقاته بشكل أكبر من خبرته كمهندس مشهور، وأعلنها مدوية أن ألمانيا التي كانت سببا في شهرته كمهندس، أرسلت وفدا برلمانيا يطلب من مصر بناء مطار برلين.
في الوقت الذي لم يقل عاذر ما هي علاقة الوفد البرلماني الألماني بالاتفاق على بناء مطار أو الاتفاق على أي مشروع استثماري بين بلدين، خاصة أن الاتفاقات والمشروعات الاستثمارية تقوم بها السلطات التنفيذية والوزراء المخولون بها وليست الوفود النيابية.
لكنها نزعة “كيد النساء” التي تصيب أفراد النظام بالهوس، حتى إنهم يتخلون عن عقولهم وسمعتهم العلمية، في تبرير الخداع والنصب على المواطنين بمشروعات وهمية.
جاء ذلك خلال مداخلة هاتفية لهاني عاذر على قناة ” ten ” قال فيها إن مصر تصدر منتجات كثيرة لألمانيا، أهمها الفراولة والبطاطس، وأن العلاقات المصرية – الألمانية تطورت كثيرًا سواء اقتصاديًا أو ثقافيًا أو سياسيًا، ونساعد ألمانيا في مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وعلق الكاتب الصحفي سليم عزوز قائلا: “انت طلعت حلنجي يا هاني عازر ولك في اللون. فالفتى الخبير العالمي الكبير الذي نصبنا له فرح العمدة لسمعته الدولية، وقد عينه السيسي مستشارا له فساءت حالة السكة الحديد أكثر ها هو يقول: إن وفد البرلمان الألماني طلب من مصر بناء مطار برلين!”.
وتابع عزوز خلال تدوينة على صفحته الشخصية بموقع “فيس بوك” : “لأ تسأل عن اختصاص الوفد البرلماني في إبرام الاتفاقيات من هذا النوع لكن عليك أن تعلم أنه السيستم، كل مصري جواه حتة “فرايحي كده” تبقى في حجم منى أبو سنة (السيسي مفكرا) أو تصغر لتصبح في حجم نصباية هاني عازر! يوشك أن يخصص ويقول إن الطلب كان بأن تتولى عملية البناء الهيئة الهندسية بالقوات المسلحة.. يا ريتها جابت منك دستة يا هاني عازر”.
بطاطس السيسي
وتأتي تصريحات عاذر بالتزامن مع احتفال تركيا بإنشاء أكبر مطار في العالم بإسطنبول، في حين يخدع السفيه عبد الفتاح السيسي المصريين ويضحك على قهرهم وإذلالهم.
ففي الوقت الذي يشهد العالم هذه النهضة التركية بإنشاء أكبر مطار دولي يجعلها قبلة المسافرين من الشرق إلى الغرب، افتتحت سلطات الانقلاب أكشاكًا لبيع البطاطس التي صادرتها من مخازن التجار في القاهرة، وسط استياء عام لارتفاع غير مسبوق بأسعارها؛ ما تسبب بانتقادات واسعة لعصابة العسكر، لكيفية “حصول” سلطات الانقلاب على أطنان البطاطس هذه بشكل خاص.
وكتب مراقبون ونشطاء على صفحاتهم مقارنة بين السفيه السيسي، حرامي البطاطس، وبين وزير الغلابة في عهد الرئيس محمد مرسي، الدكتور باسم عودة، الذي هبطت الأسعار في عهده، حتى إن كيلو البطاطس وصل سعره إلى 3 جنيهات فقط.
ورغم أنه ليس من الواضح ما العلاقة بين وزارة الداخلية في حكومة الانقلاب وبيع البطاطس، التي أُطلق عليها “بطاطس الداخلية”، إلا أن الموضوع الأهم كان اتهام سلطات الانقلاب لرجال أعمال بالقطاع الزراعي، بأنهم “يحتكرون” السوق؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار هذا الصنف من النشويات.
وبلغ هذيان إعلام الانقلاب اتهام جماعة الإخوان بأنها وراء الأزمة المفتعلة، وقال توفيق عكاشة: “الإخوان تحكموا في 40% من محصول البطاطس في مصر”، فيما قال عمرو أديب: “لا أبرِّئ الإخوان من الأزمة.. هُمَّا ما خزنوش البطاطس.. الإخوان ولَّعوا الأزمة في السوشيال ميديا”.
وبينما يرفع السفيه السيسي شعارا خادعا للمصريين “إحنا فقرا أوي”، يرفع الرئيس التركي المنتخب أردوغان شعار “نحن نستطيع” في وجه المؤامرات الدولية التي تستهدف حرية الشعب التركي، وقد وضع أردوغان حجر الأساس للمطار يوم 7 يونيو 2014.
ويتزامن افتتاح المرحلة الأولى من المطار مع الذكرى السنوية لتأسيس الجمهورية التركية التي تصادف يوم 29 أكتوبر من كل عام، ويستفيد الطراز المعماري للمطار من المخزون الثقافي لمدينة إسطنبول العريقة، ويجري تشييده على مساحة تقدر بـ76.5 مليون متر مربع، وستبلغ طاقته الاستيعابية عند الانتهاء من كافة مراحله 200 مليون مسافر سنويا، وقد حصد العديد من الجوائز الدولية قبل افتتاحه.
ويضم المطار الجديد ستة مدرجات، وهو قادر على استقبال تسعين مليون مسافر سنويا في مرحلة أولى، قبل أن يرتفع العدد إلى 200 مليون مسافر عام 2023، وسيضم المطار بعد افتتاحه العديد من المميزات هي الأولى من نوعها في مجال الطيران والمطارات، سواء من حيث الحجم، والبنية التحتية، وأنظمة الأمن والسلامة، وصولا إلى الجوانب المعمارية التي تجمع بين العراقة والحداثة.
يذكر أن مدينة إسطنبول تضم مطارين أحدهما مطار “صبيحة غوشكن” الواقع في شطرها الآسيوي، والثاني مطار أتاتورك الدولي الواقع في الشطر الأوروبي، ويتسع المطار الجديد لـ114 طائرة في آن واحد، وبإمكانه تسيير ثلاثة آلاف رحلة في اليوم، وقال وزير النقل التركي في وقت سابق إنه جرى استثمار نحو 10.2 مليار دولار في المشروع الذي يتوقع أن يدر نحو 22 مليار دولار خلال 25 عاما قبل احتساب ضريبة القيمة المضافة.
وتقول السلطات التركية، إنها ستمد خطا جديدا للمترو يربط بين وسط مدينة إسطنبول والمطار الجديد في وقت لا يتجاوز 25 دقيقة، والمطار الجديد أحد المشروعات العملاقة في تركيا، التي من بينها افتتاح ثالث جسر معلق فوق مضيق البوسفور عام 2016، وفتح قناة ضخمة في إسطنبول ستحول جزءا كبيرا من المدينة إلى جزيرة.
ويُفترض أن يحل المطار الثالث لإسطنبول محل مطار أتاتورك الدولي الذي سيتوقف العمل فيه، ووعد الرئيس التركي بتحويل مطار أتاتورك إلى حديقة كبيرة على غرار “هايد بارك” في لندن و”سنترال بارك” في نيويورك.