اعترفت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في دولة الاحتلال بأن المعتقلين الفلسطينيين في السجون الصهيونية يعيشون ظروفا صعبة، ويتعرضون لتعذيب ممنهج، ولا يحصلون على كميات كافية من الأطعمة، وتمنع عنهم الرعاية الصحية .
وأكدت اللجنة أن أغلب من اعتقلوا منذ بداية حرب طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 لم توجه لهم أي اتهامات، وهم مدنيون وليسوا مقاتلين .
كانت صحيفة الجارديان البريطانية قد كشفت عن ظروف اعتقال مأساوية للفلسطينيين في سجن صهيوني تحت الأرض يُعرف باسم "راكيفيت"، مشيرة إلى أن المعتقلين يُحتجزون بلا محاكمة وبدون التعرض لضوء النهار، ويعانون من التعذيب البدني والنفسي بشكل منتظم .
وقالت الجارديان في تقرير لها: إن "دولة الاحتلال تعزل المعتقلين الفلسطينيين من غزة وتحرمهم من الطعام وتمنعهم من تلقي أخبار عائلاتهم أو العالم الخارجي".
سجن راكيفيت
يشار إلى أن سجن راكيفيت افتُتح في أوائل الثمانينيات لإيواء مجموعة من أخطر المجرمين في دولة الاحتلال ، لكنه أُغلق بعد بضع سنوات بدعوى أنه غير إنساني، ومع ذلك أمر وزير الأمن اليميني المتطرف، إيتامار بن غفير، بإعادة تشغيل السجن بعد معركة طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 لاعتقال الفلسطينيين فيه .
تعذيب وحشي
في هذا السياق قالت اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في دولة الاحتلال: "رغم انتهاء الحرب رسميًا، لا يزال الفلسطينيون من غزة معتقلين في ظل ظروف صعبة ويتعرضون لتعذيب وحشي" .
وأشارت إلى أن محامي لجنة مناهضة التعذيب التقى في سبتمبر الماضي ممرض يبلغ من العمر 34 عامًا، اعتُقل أثناء عمله في مستشفى في ديسمبر 2023، وشاب 18 عامًا، كان يعمل بائعًا للطعام واعتقل في أكتوبر 2024 أثناء مروره عبر نقطة تفتيش صهيونية.
ظروف مُروّعة
وقال تال شتاينر، المدير التنفيذي للجنة العامة لمناهضة التعذيب: إن "ظروف احتجاز الفلسطينيين كانت مروعة في جميع السجون حيث يكشف معتقلون حاليون وسابقون، ومُبلغون من جيش الاحتلال عن انتهاكات منهجية للقانون الدولي".
وأضاف شتاينر إن سجن "راكيفيت" يمثل شكلاً فريداً من أشكال التعذيب، حيث يتم اعتقال الفلسطينيين تحت الأرض دون رؤية ضوء النهار لأشهرٍ متواصلة، مؤكدا أن ذلك له تداعياتٌ وخيمة على الصحة النفسية والجسدية و من الصعب الحفاظ على سلامة المعتقل في مثل هذه الظروف القمعية والصعبة .
وأشار إلى أنه رغم عمله محامياً في مجال حقوق الإنسان، وزيارته السجون في مجمع الرملة، حيث يقع سجن "راكيفيت"، لم يكن قد سمع عن هذا السجن تحت الأرض قبل أن يأمر بن غفير بإعادته إلى الخدمة.
وأوضح شتاينر أن السجن أُغلق قبل تأسيس اللجنة العامة لمناهضة التعذيب في دولة الاحتلال ، لذا لجأ الفريق القانوني إلى أرشيفات إعلامية قديمة ومذكرات رافائيل سويسا، رئيس مصلحة السجون الصهيونية في منتصف الثمانينيات، لمعرفة المزيد عن السجن.
وقال: كتب سويسا أنه يُدرك أن الاحتجاز تحت الأرض على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع أمر قاسٍ للغاية وغير إنساني ولا يُمكن لأي شخص تحمله، بغض النظر عن أفعاله .
غرفة المحامين
وقالت المحامية جنان عبدو : "طُلب من محامي اللجنة العامة لمناهضة التعذيب تمثيل رجلين فلسطينيين معتقلين في سجن تحت الأرض، مشيرة إلى أنه من أجل زيارتهما اقتادها حراس أمن ملثمون ومدججون بالسلاح إلى غرفة تحت الأرض، حيث نزلوا سلما قذرًا إلى غرفة تناثرت على أرضها بقايا حشرات ميتة، وكان المرحاض متسخًا لدرجة أنه أصبح غير صالح للاستخدام".
وأضافت : كاميرات المراقبة المثبتة على الجدران تنتهك الحق القانوني الأساسي في سرية النقاش، مؤكدة أن الحراس حذروها من قطع الاجتماع مع المعقلين إذا تحدثوا عن عائلات المعتقلين أو عن الحرب في غزة وتابعت جنان عبده: سألت نفسي: إذا كانت الظروف في غرفة المحامين مُهينة لهذه الدرجة – ليس فقط لنا شخصيًا، بل أيضًا للمهنة – فما هو وضع السجناء؟ مشيرة إلى أن الجواب جاء سريعًا، عندما التقينا بهم.
وأشارت إلى أن الموكلين تم إحضارهما وهم منحنيان، وكان الحراس يُجبرون رؤوسهم على الأرض، ويُبقونهم مُكبلين من أيديهم وأقدامهم.
زنازين بلا نوافذ
وقالت سجا مشرقي برانسي، محامية ثانية من لجنة مناهضة التعذيب : إن "المعتقلين كانا في سجن راكيفيت لمدة تسعة أشهر، وأن الممرض بدأ اللقاء بسؤال: أين أنا ولماذا أنا هنا؟ مؤكدة أن الحراس لم يُخبروه باسم السجن" .
وأكدت أن القضاة الصهاينة الذين أذنوا باعتقال الرجلين في جلسات استماع قصيرة جدًا عبر الفيديو، لم يكن للمعتقلين خلالها محامٍ ولم يستمعوا إلى أدلة ضدهم، زعموا أنهم سيبقون هناك حتى انتهاء الحرب.
وأشارت سجا مشرقي إلى أن الرجلين أكدا أن الزنازين بلا نوافذ ولا تهوية، وكل زنزانة بها ثلاثة أو أربعة معتقلين، وقالا إنهما يشعران بضيق في التنفس والاختناق.
وأضافت إن السجناء أخبروهم أنهم تعرضوا لاعتداءات بدنية منتظمة، بما في ذلك الضرب والاعتداء بالكلاب ذات الكمامات الحديدية، ودوس الحراس على السجناء بالأحذية، بالإضافة إلى حرمانهم من الرعاية الطبية وتزويدهم بأغذية فاسدة وقليلة جدا لا تكفى للاستمرار على قيد الحياة.
وقالت سجا مشرقي: إن "السجناء أكدوا أن ملابسهم وأغطيتهم تُؤخذ في الصباح الباكر، عادةً حوالي الساعة الرابعة فجرًا، ولا تُعاد إلا في وقت متأخر من الليل، تاركةً المعتقلين على هياكل حديدية في زنازين غير آدمية".
