السيسى أمام صندوق النقد: ماذا يقدم هذه المرة .. “شهادة رضا” تفتح باب قروض جديدة على حساب الشعب الجائع ؟

- ‎فيتقارير

 

بينما يعيش المصريون أسوأ أزماتهم المعيشية في العقود الأخيرة، أعلنت حكومة الانقلاب استعدادها لإنهاء المراجعتين الخامسة والسادسة مع صندوق النقد الدولي خلال أيام، في خطوة وصفها مراقبون بأنها ليست مجرد مراجعة مالية بل مساومة جديدة على ما تبقّى من مقدرات الدولة، وسعي محموم للحصول على “شهادة رضا” تفتح باب قروض جديدة على حساب الشعب الجائع.

 

وقال وزير مالية الانقلاب أحمد كوجك إن حكومته “تستهدف تعزيز الثقة والاستقرار المالي”، معلناً دمج نحو 3000 صندوق خاص في منظومة الضرائب، وطرح شركات تابعة للجيش في البورصة، أبرزها “صافي” و”وطنية”. وهي خطوات اعتبرها محللون جزءاً من أجندة الصندوق لفرض مزيد من الشفافية الشكلية دون المساس بجوهر الفساد العسكري الذي يلتهم الاقتصاد.

 

ويأتي هذا التحرك بينما يواجه المصريون غلاءً فاحشاً وانهياراً متواصلاً للجنيه، فيما يواصل السيسي الرهان على قدرة الشعب على التحمل، متجاهلاً انفجارات اجتماعية حدثت في دول أكثر استقراراً وأقل فساداً مثل المغرب وتونس وتشيلي، حيث خرجت الشعوب رفضاً للغلاء والضرائب وسياسات التقشف.

“إصلاح” على ورق.. وبيع للأصول في الواقع

 

أقرّ كوجك صراحة أن نصف عائدات بيع أصول الدولة، ومنها صفقة رأس الحكمة البالغة 35 مليار دولار، ستُوجّه لسداد الديون، وليس لتنمية حقيقية أو تحسين معيشة المصريين. بل bragged الوزير بأن “حجم الديون المسددة أكبر من القروض الجديدة”، دون أن يوضح أن ذلك تم ببيع ممتلكات الشعب، وتحويل كل ما هو عام إلى سلعة في سوق الدائنين.

 

كما كشف الوزير عن نية الحكومة تحصيل الضرائب من الأنشطة السيادية والجهات التابعة للمؤسسة العسكرية “لتحقيق العدالة الضريبية” – وهي عبارة تبدو تجميلية في ظل استمرار احتكار الجيش لقطاعات مربحة دون رقابة، وتهريب أرباحه خارج الموازنة العامة عبر آلاف الصناديق الخاصة التي وصفها الوزير نفسه بأنها تحتاج إلى “حوكمة”!

 

صندوق النقد.. والكارثة القادمة

 

يرى خبراء اقتصاديون أن المراجعات المقبلة مع الصندوق لن تمرّ دون اشتراطات جديدة، قد تشمل مزيداً من رفع الدعم، وزيادة أسعار الخدمات، وخفض الإنفاق الاجتماعي، وتحريراً جديداً للجنيه، وهو ما سيقود إلى موجة غلاء جديدة قد تفجر الغضب الشعبي الكامن.

 

وتتساءل دوائر اقتصادية معارضة:

 

ما الذي ستقدمه حكومة مدبولي للصندوق أكثر مما قدّمت؟

 

وهل تبقى هناك أصول لم تُبع أو دعم لم يُرفع؟

 

وهل يمكن لشعب يعيش على حافة الفقر أن يتحمل “إصلاحات” أخرى من هذا النوع؟

 

 رهان السيسي الخاسر

 

يرى مراقبون أن السيسي يراهن على خضوع المصريين، وأن الصندوق لن يضغط أكثر طالما أن النظام يضمن “الاستقرار الأمني” الذي يخدم مصالح الغرب. غير أن الواقع الاقتصادي المنهار، وتزايد السخط الشعبي الصامت، يجعل من هذا الرهان مقامرة خطيرة.

 

وفي المقابل، تقارن الشعوب العربية بين واقعها وبين مصر التي كانت يوماً رائدة، ليجد المصري نفسه اليوم أسير قرارات صندوق النقد وفساد عصابة اللواءات، بينما المواطن المغربي أو التونسي – رغم الأزمات – يعيش بكرامة نسبية في ظل حكومات مدنية أقل فساداً وأكثر خضوعاً للمساءلة.

 

 

استكمال الإصلاح الاقتصادي

تحاول حكومة الانقلاب الترويج لما تسميه “استكمال الإصلاح الاقتصادي”، لكنه في الحقيقة استكمال لمسلسل بيع الدولة قطعة قطعة، مقابل قروض تستهلكها الفوائد والديون، فيما يُترك الشعب وحيداً يواجه الغلاء، وانسحاق الطبقة الوسطى، وتآكل الأجور.

 

ويبقى السؤال:

هل يملك السيسي وحكومته غير الضغط على المواطن كورقة تفاوض أمام صندوق النقد؟

أم أن الكارثة المقبلة ستكون لحظة الحساب، عندما يدرك المصريون أن “الإصلاح” لم يكن سوى اسم مستعار للإفلاس الوطني؟