في خطوة تكشف طبيعة النظام الانقلابي في مصر، أوقفت السلطات نحو 40 صانع محتوى خلال أغسطس الماضي، بدعوى "غسل الأموال"" ونشر "مفاهيم منافية للقيم الأسرية"، بحسب تقرير صادر عن "هيومن رايتس ووتش".
التهم الموجهة جاءت فى سياق حملة النظام الانقلابى ، لتجريم حرية التعبير عبر الإنترنت.، و الاستيلاء على أموال صناع المحتوى ، كما سرق "شقى عمر" صانع المحتوى الشهير ، أحمد أبو زيد ، الذى كان يقدم محتوى تعليميا خدميا ، وليس محتوى سياسيا أو خادشا للحياء ، حيث لم يجد "أبوزيد "مفرا من الهرب للخارج هروبا من بطش عصابة السيسى .
الحملة لم تكن وليدة لحظة، إذ جاءت بعد بلاغات تقدم بها محامون مقرّبون من السلطة، بدعوى أن هذه المقاطع "تهدد قيم المجتمع".
لكن، وفق مراقبين، فإن ما يحدث يتجاوز فكرة الأخلاق، ويعكس استراتيجية قديمة لنظام السيسي: افتعال "معارك جانبية" لتشتيت الرأي العام عن القضايا الكبرى مثل الفساد، والأزمة الاقتصادية، والتفريط في الموارد، والارتهان للخارج.
استخدام ورقة "الأخلاق" ليس معزولاً عن أدوات أخرى يعتمدها النظام، مثل حجب مئات المواقع الإخبارية المستقلة، أو تلفيق تهم "الإرهاب والانتماء لجماعة محظورة" للصحفيين والمعارضين. جميعها تصب في هدف واحد: غلق أي مساحة للتعبير الحرّ، وتوجيه أنظار المواطنين إلى قضايا هامشية بدل التركيز على جوهر الأزمة.
ويرى الباحث في شئون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، عمرو مجدي، أن "حملة السلطات المصرية ضد صانعي المحتوى على الإنترنت تهدف إلى قمع آخر فسحة لحرية التعبير في البلاد". كما اعتبر تلك التدابير "جزءاً من محاولة الحكومة المستمرة لتجريم جميع أشكال التعبير التي لا تتوافق مع رؤيتها السياسية أو الاجتماعية".
وجاءت سلسلة التوقيفات بعد شكوى تقّدم بها 32 محامياً، اعتبرت أن تسجيلات الفيديو تشكل خطراً على جيل الشباب، من دون أي توضيح. وتسمح القوانين في مصر للمواطنين بتقديم بلاغات ضد أفراد لما يعتبرونه "جرائم" تؤثر على السلامة العامة أو الأخلاق، بحسب "هيومن رايتس ووتش". فيما تعود للنيابة العامة سلطة البت فيما إذا كانت ستواصل التحقيق وتوجيه الاتهام.
وتستند التهم في معظمها إلى قانون يعود للعام 2018 بشأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات، وتعتبر "هيومن رايتس ووتش" أنه "إحدى الأدوات الرئيسية لتجريم حرية التعبير في السنوات الأخيرة".
في النهاية، يواصل نظام السيسي اللعب على هذه الورقة لإلهاء المجتمع، في وقت يغرق فيه المصريون في أزمات معيشية خانقة، فيما تُستغل قوانين مثل "مكافحة جرائم تقنية المعلومات" لإحكام السيطرة على الفضاء الرقمي، آخر ما تبقى من متنفس حرية في البلاد.