وسط صمت النائب العام وتخادل الغرب.. المعتقلون يموتون ببطء بسبب القمع في سجون السيسي..!!

- ‎فيحريات

في مشهد يعكس الانهيار الكامل لمنظومة العدالة وحقوق الإنسان  بزمن المنقلب السيسى، وثّقت منظمات حقوقية محلية ودولية أربع وفيات داخل مقار الاحتجاز خلال شهر يوليو وحده، إلى جانب موجة من الإضرابات الجماعية التي اجتاحت عدداً من السجون، احتجاجاً على ظروف احتجاز قاسية، وسوء معاملة ممنهجة، وإهمال طبي متعمد، في ظل صمت مريب من النائب العام والمجلس القومي لحقوق الإنسان، وتخاذل متواصل من الدول الغربية الداعمة للنظام.

وفيات متتالية.. والإهمال الطبي أداة للقتل

بحسب التقرير الشهري لمركز الشهاب لحقوق الإنسان، توفي المعتقل عبد المنعم عبد الباسط إسماعيل داخل مركز شرطة فاقوس بمحافظة الشرقية نتيجة إصابته بمرض جلدي حاد وحرمانه من العلاج، رغم قضائه ست سنوات خلف القضبان وتعريضه للتدوير المتكرر على قضايا جديدة.

أما المعتقل رضا علي منصور (60 عاماً)، ففارق الحياة اختناقاً داخل سيارة ترحيلات أثناء نقله من مستشفى سجن برج العرب إلى محكمة بدر، رغم معاناته من السرطان. إدارة السجن رفضت زيارة أسرته، وقامت بترحيله في مركبة سيئة التهوية تُعرف بـ"القبر المتنقل"، بدلاً من نقله بسيارة إسعاف.

وفي سجن وادي النطرون، توفي الأكاديمي محمد سالم غنيم بعد أربع سنوات من الحبس الاحتياطي دون محاكمة، وسط ظروف وصفتها المنظمات الحقوقية بـ"اللاإنسانية".

أما الضحية الرابعة، فريد شلبي، فتوفي تحت التعذيب داخل مقر الأمن الوطني بمحافظة كفر الشيخ، بعد أسابيع من الإخفاء القسري، وفقاً لتوثيق المركز الحقوقي.

إضرابات جماعية.. صرخة ضد القهر

في سجن بدر 3، دخل نحو 50 معتقلاً، غالبيتهم من القيادات السياسية والوزراء السابقين، في إضراب مفتوح عن الطعام. رسالة مسرّبة من داخل الزنازين حملت عنوان "50 هيكلاً عظمياً على مشارف الموت"، تحدثت عن الحرمان من التريض، والعلاج، والزيارات، والمراسلات، والتعرض لأشعة الشمس.

بين المضربين:

محمد رفاعة الطهطاوي، رئيس ديوان رئيس الجمهورية الأسبق

أسامة ياسين، وزير الشباب الأسبق

خالد الأزهري، وزير القوى العاملة الأسبق

محمد البلتاجي، أستاذ الطب وعضو البرلمان السابق

عصام سلطان، نائب رئيس حزب الوسط

وغيرهم من الشخصيات البارزة

وفي رسالة مؤثرة، كتب الأكاديمي المعتقل عبد الرحمن البر، عميد كلية أصول الدين الأسبق، قائلاً: "نُعامل وكأننا نعيش خارج إطار الدولة، لا قانون، لا محاسبة، لا حقوق. كبار السن يُحرمون من أبسط احتياجاتهم، وبعضهم حاول الانتحار يأساً."

أما البلتاجي، فصرّح في رسالة سربها ذووه: "ما نتعرض له لا مثيل له حتى في سجون الاحتلال. نحن في عزلة تامة منذ 12 عاماً بلا محاكمة أو إنسانية. الموت أهون."

سجن الوادي الجديد.. "مقبرة جماعية"

في سجن الوادي الجديد، دخل عشرات المعتقلين في عنبر 4 في إضراب مفتوح، احتجاجاً على ظروف وصفوها بـ"التعذيب الجماعي"، حيث يتم حرمانهم من الماء، والغذاء الكافي، والرعاية الصحية، وسط تجريد الزنازين من الأدوات الأساسية، ومنع الزيارات نهائياً.

وكانت13  منظمة حقوقية، بينها مؤسسة عدالة، قد طالبت بتحقيق مستقل وسريع، والسماح للوفود الحقوقية بزيارة السجن. لكنها كغيرها من الدعوات، لم تلقَ استجابة من السلطات المصرية.

غياب تام للرقابة.. وصمت دولي مريب

تعكس هذه الانتهاكات الممنهجة تغول القبضة الأمنية وانهيار منظومة العدالة، في ظل غياب كامل لدور النائب العام، وتقاعس المجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي تحوّل إلى واجهة دعائية لنظام ينفي أي انتهاكات، رغم التوثيقات الدورية المروعة.

وعلى الصعيد الدولي، تستمر العواصم الغربية في دعم النظام المصري دبلوماسياً ومالياً، متجاهلة الجرائم التي تجري داخل السجون، رغم التقارير الصادرة من أبرز منظمات حقوق الإنسان في العالم.

مصر.. سجون للموت لا للإصلاح

مع ارتفاع أعداد المعتقلين السياسيين، وتحول السجون إلى أماكن للقتل البطيء، يخشى حقوقيون من أن استمرار هذا الوضع دون تدخل دولي حقيقي سيؤدي إلى مزيد من الوفيات والانهيارات النفسية والجسدية، في بلد يصنف ضمن الأعلى عالمياً في أعداد السجناء السياسيين.

وتبقى الأسئلة معلّقة:

إلى متى يستمر هذا التغاضي الغربي عن جرائم نظام السيسي؟

وأين دور المؤسسات الدستورية والحقوقية في الداخل؟

وهل تُترك أرواح المعتقلين للموت البطيء في صمت؟