ما زالت أصداء التغييرات الأخيرة، خصوصا في رئاسة الأركان ووزارة الدفاع، يتردد صداها عند المحللين والمختصين بشؤون الشرق الأوسط، مشيرين إلى أنها تحمل خوفا لدى عبدالفتاح السيسي من شبح الانقلاب.
ولفت الكاتب الصحفي قطب العربي، في تصريحات لقناة (وطن) مساء الخميس، 11 يوليو، إلى أن أسامة عسكر كان ينظر إليه أنه البديل الأنسب من الجيش للسيسي، وكانت المرة الأخيرة التي كان للمجلس العسكري أن يفرض نفوذه في أن يفرض على السيسي إعادة أسامة عسكر ليصبح رئيس أركان ويبقيه لدورتين متتاليتين بعدها.
وأضاف، دائما ما ىتحدث داخل الأنظمة العسكرية تصدعات وصراعات، وكان كل قائد منهم قائد سلاح أو جيش أو لفرع من القوات المسلحة، وهؤلاء يديرون صراعاتهم في غرف مغلقة ولا يشعر بها الشعب، إلا حين يتطاير دخانها إلى الخارج، وهؤلاء لا يختلفون عن منقلبو 1952، ولكن في تصفية الحسابات والتفكير العسكري وحدثت توترات وهو من استطاع أن يحسم المعركة لصالحه بمساندة دولية أو إقليمية.
وأشار إلى أنه بالتأكيد هناك ارتباك في الغرف المغلقة، في 2019 كانت هناك أزمة خرجت أزمة وبموجبها خرجت مظاهرات وعاد حينها أسامة عسكر والإفراج عن سامي عنان وتخفيف الضغوط من على أحمد شفيق.
القرار برأي قطب العربي أن من يحكم مصر شأن إقليمي دولي والإقليم (الإمارات وغيرها) هي وكيل دولي في مصر، وبات محظورا كمثال على المصريين دخول المصريين لرأس الحكمة، وهذا هو الشكل الذي يتم في استثمارات، وهذه دول دعمت الانقلاب والآن تجني ثمار ما دفعته.
وأكد حسام الحملاوي الناشط الأكاديمي في شؤون القوات المسلحة والأجهزة الأمنية المصرية، أن الانفجارات الاجتماعية أمر لا مفر منه.
وفي تحليل له بموقع (ميدل إيست آي) أشار إلى أن الانفجارات الاجتماعية قادمة، لأن السياسات الاقتصادية المصرية فشلت في تحقيق أهدافها، بظل الدمار الاقتصادي والقمع القاسي، تدهورت نوعية الحياة بشكل حاد منذ عام 2013، وسواء كانت هناك معارضة منظمة أم لا.
وقال رامي عزيز، الخبير في شؤون الشرق الأوسط: إن “السيسي محترف للانقلابات والمكائد، لذا فإن أكثر ما يخشاه هو الانقلاب عليه أو تدبير مكيدة ضده”.
وعبر “إكس” تساءل متعجبا، “هو يعلم أن من يستطيع ذلك هو المجلس العسكري، ولذا هو دائم التغيير لوزير الدفاع ورئيس الأركان، ودائم لزرع الفتن بين أعضاء المجلس العسكري، وهو يعرف أن المجلس العسكري من الممكن أن ينقلب عليه، في حالة ثورة شعبية أو أوامر خارجية”.
وسبق أن سبقت تخوفات السيسي حتى أقرب المقربين إليه فعزلهم بعد تدبيرات سريعة، فزميله في الانقلاب ووزير الدفاع الأسبق صدقي صبحي أقاله في عام 2018، وأقال صهره رئيس الأركان الأسبق الفريق محمود حجازي، ثم محمد فريد حجازي، وأخيرا أسامة عسكر الذي أقاله مع وزير الدفاع زكي.
وقال مراقبون: إن “أسامة عسكر الذي تأخر استبعاده لأكثر من عامين أشيع أن السيسي يخشاه بسبب شعبيته داخل الجيش وعلاقاته الجيدة بوزارة الدفاع الأميركية وبعض دول الخليج”.
وهو ما جعل السيسي يطيح به سابقا قبل إعادته مرة ثانية إثر أزمة مظاهرات سبتمبر 2019، وتدخل المشير طنطاوي.
ويحرص السيسي على تدوير القادة العسكريين بما يحصنه من تشكيلهم مراكز قوة يخشى أن تنقلب ضده مستقبلا، بتقدير أن التدوير هو أفضل وسيلة تضمن أن يكون من الصعب والمستحيل أن يتكون تكتل ضده في قيادة الجيش يشكل خطرا عليه، بحسب تقرير موقع “استقلال”.
وفي ذكرى الانقلاب على الرئيس مرسي، أطاح عبد الفتاح السيسي بالوزير زكي، بعدما عينه عام 2018 مكافأة له على دوره الرئيس في الانقلاب العسكري ضد الرئيس الشهيد محمد مرسي، بصفته قائدا للحرس الجمهوري، أثارت علامات استفهام كثيرة.
التقرير أشار إلى أن عبدالمجيد صقر الوزير الجديد لا يمتلك نفوذا قويا داخل الجيش، يمكن أن يهدد سلطة السيسي وأن أربعة أسباب رجحت إقالة زكي واستدعاء لواء متقاعد لتولي منصب وزير الدفاع.
وأنها تتمثل في، استمرار السيسي في لعبة الكراسي مع القادة العسكريين وتدويرهم بعدم بقائهم في مناصبهم لإحكام سيطرته على الحكم.
والثاني إبعاد شبح الانقلاب في ظل تكهنات عن خلافات محتملة بين القادة العسكريين وتصاعد الحديث عن مخاوف من ثورة شعبية بسبب تفاقم الأوضاع الاقتصادية، قد تدفعهم لاستبدال السيسي.
والثالث أن تعيين صقر “مجرد مرحلة، (مثل مرحلة الفريق أول يوسف صبري أبوطالب 1989) بتعيين وزير دفاع جديد غير معروف، ومن خارج المجلس العسكري وكبير في السن، يجهز من خلالها السيسي لتعيين وزير دفاع معين قريب منه.
الرابع أن كل التعديل الوزاري وإطالته بلا معنى هدفه التخلص من رئيس الأركان أسامة عسكر الذي رشحته التكهنات لأن يكون المنافس العسكري والبديل للسيسي.
وعين السيسي مكان زكي عبد المجيد صقر وزيرا للدفاع بعد ترقيته رتبتين لفريق أول بدلا من زكي، ما أثار علامات استفهام أكثر حول دوافع تعيين لواء متقاعد وتجاهل قادة المجلس العسكري الـ 25، وآخرين.
ومنح السيسي اللواء عبدالمجيد صقر، وهو لواء متقاعد من خارج الخدمة، فجأة رتبتين عسكريتين في وقت واحد، فريق ثم فريق أول، وعينه وزيرا للدفاع وقائدا عاما للجيش.
الدور البارز ل”صقر” أنه كان مساعدا للفريق محمد زكي أثناء توليه قيادة الحرس الجمهوري في عهد الرئيس محمد مرسي وتولى عام 2018 منصب محافظ السويس، وشغل مناصب عدة أبرزها، مساعد وزير الدفاع عام 2015، ورئيس إدارة الشرطة العسكرية ثم نائبا لرئيس الإدارة.
مصدر عسكري استغرب لـ”لاستقلال” تعيين لواء متقاعد وزيرا للدفاع، وليس أحد القادة الحاليين في الخدمة، متوقعا حدوث تغييرات في صف القيادة العسكرية بعد تغيير وزير الدفاع، مشيرا إلى أن هذا يأتي في وقت حساس، بسبب التوترات في المنطقة وعلى حدود مصر مع إسرائيل وغزة والسودان وغيرها.
وقبل ثبوت إقالته، لوحظ أن موقع وزارة الدفاع الرسمي حذف السيرة الذاتية لمحمد زكي من على الموقع، تمهيدا لرفع صورة وسيرة الوزير الجديد.
وتكرر الأمر بإزالة السيرة الذاتية لرئيس الأركان الفريق أسامة عسكر، أيضا من على الموقع، وظلت فقط أسماء قادة الجوية والبحرية والدفاع الجوي.
ويعني تعيين لواء متقاعد بدلا من القادة الحاليين، الأعلى منه رتبه أو الأقدم في الخدمة، في العرف العسكري، صعوبة بقاء هؤلاء العسكريين الأكثر أقدمية في مناصبهم، لأن الوزير الأقل أقدمية منهم سيكون قائدا لهم.
لذا جاءت إعادة تعيين عسكري متقاعد (أي كان مدنيا) للخدمة وترفيعه من رتبة لواء إلى فريق ثم فريق أول، مربكا أيضا.
ويتوقع أن يتبعه سلسلة قرارات أخرى تتضمن إقالة عدد آخر من القادة أيضا لأنهم أعلى منه في الأقدمية والرتبة.
التعديل الوزاري الذي أعلنته الانقلاب على مرحلتين يومي 2 و3 يوليو 2024، تسرب للصحف خاليا من اسم وزير الدفاع، وفي اليوم التالي، وأثناء أداء القسم تبين الإطاحة به بشكل مفاجئ.
كان بيان المتحدث باسم رئاسة الجمهورية حول تعيين الوزير الجديد أيضا غريبا ومرتبكا، حيث قال: إن “السيسي أصدر قرارا جمهوريا بترقية عبدالمجيد أحمد عبدالمجيد صقر إلى رتبة الفريق أول”، دون أن يتحدث عن توليته المنصب.
وتبع هذا إعلان موقع الرئاسة عملية حلف الوزراء اليمين للحكومة الجديدة ومن بينهم وزير الدفاع الجديد عبدالمجيد صقر، ثم قرار بتعيين محمد أحمد زكي محمد”، مساعدا لرئيس الجمهورية لشؤون الدفاع.
وتعني عبارة مساعد لرئيس الجمهورية في تاريخ السياسة المصرية، إحالة صاحبها إلى مخزن التاريخ، بصورة تبدو لائقة لحين اختفائه نهائيا من الصورة بوفاة أو تعيين مساعد جديد مُقال “بدلا منه، إقالة محمد زكي طرحت تساؤلات بشأن وجود أزمة في المؤسسة العسكرية؟ أو أن التغيير المستمر في المجلس العسكري يريد السيسي بها إحكام سيطرته على الحكم وتفادي شبح أي انقلاب محتمل ضده.
وسبق أن انقلب السيسي على الدستور ونص المادة 234 من الدستور المصري على أن يكون تعيين وزير الدفاع بعد موافقة المجلس الأعلى للقوات المسلحة، ونصت هذه المادة في دستور 2014 على أن تسري أحكام هذه المادة لدورتين رئاسيتين كاملتين، لكن حين عدل السيسي الدستور عام 2019 ألغي ذلك، لأنه ينوي البقاء في المنصب مدى الحياة.