مع الفشل في السيطرة على الأوضاع.. الدولار يكتسح الجنيه في السوق السوداء

- ‎فيتقارير

 

يشهد سعر الدولار في السوق السوادء ارتفاعا تاريخيا، حيث تخطى السعر حاجز الـ 52 جنيها لأول مرة، أي بفارق 21 جنيها عن السوق الرسمية المستقرة عند 30.95 جنيها، وهو ما يؤكد فشل دولة العسكر في السيطرة على الأوضاع الاقتصادية وحماية مصالح المواطنين .

وأكد متعاملون في السوق الموازي أن سعر شراء الدولار وصل إلى 50جنيها و 52 جنيها للبيع لافتين، إلى أن سعر الدولار في سوق السوداء ارتفع خلال الـ7 أيام الأخيرة بصورة كبيرة.

وتوقع المتعاملون، استمرار ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء، ليصل إلى 60 جنيها خلال الأيام القليلة المقبلة.

كان بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي، قد توقع أن يسجل الجنيه تراجعات جديدة أمام الدولار قبل نهاية العام 2023 داخل البنوك المصرية، مؤكدا أن صندوق النقد الدولي لن يتخلى عن شرط تعويم الجينه مقابل الدولار.

وقال البنك في تقرير له : “من المحتمل أن يحدث انخفاض آخر في قيمة الجنيه مقابل الدولار بحلول نهاية 2023 ليصل سعر الدولار بالبنوك إلى 37 جنيها مقابل مستوياته الحالية 31 جنيها، مشيرا إلى أن التثبيت الأخير في أسعار الفائدة  من قبل البنك المركزي يؤكد على تاجيل البنك المركزي، أي رفع محتمل في الفائدة  لما بعد خفض قيمة العملة.

كما توقع سوسيتية جنرال، أن تعاود دولة العسكر لاستكمال تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد وتنفيذ المراجعات التي تم تأجيلها، مستبعدا أن يتخلى صندوق النقد عن تعديل قيمة الجنيه كشرط أساسي لتقديم الشرائح المؤجلة.

يشار إلى أن دولة العسكر تعاني من أسوأ أزمة اقتصادية مع اندلاع الحرب الصهيونية على قطاع غظة خلال شهر أكتوبر الماضي، مع ديون خارجية مذهلة تبلغ 165 مليار دولار وفاتورة واردات سنوية تبلغ 90 مليار دولار، كما سجل الجنيه المصري انخفاضا بأكثر من 50% في قيمته أمام العملات الأجنبية منذ مارس 2022، بينما ارتفع التضخم إلى ما يقرب من 40%.

 

حالة هلع

من جانبه وصف مصطفى المكاوي عضو مجلس إدارة الاتحاد العام للغرف التجارية والسكرتير العام المساعد للشعبة العامة للمستوردين، ارتفاع الدولار في السوق السوادء بالكارثي، مشيرا إلى أنه في الماضى كانت القفزات بالـ 25  و50 قرشا لكن خلال الأيام الماضية وصلت الزيادات إلى 1 و2 جنيه.

وقال «المكاوي» في تصريحات صحفية: إن “هناك حالة هلع لدى جميع الفئات من مواطنين ومستوردين وأصحاب شركات ورجال أعمال، لافتا إلى أن هناك شريحة كبيرة من الأشخاص اتجهوا إلى شراء الدولار لحفظ قيمة أموالهم”.

وأشار إلى أن اتجاه المواطنين إلى شراء الدولار يعني عدم الثقة في الوضع الذي نمر به والقدرة على السيطرة عليه، مشددا على ضرورة خروج المجموعة الاقتصادية بحكومة الانقلاب لطمأنة المواطنين حتى لا يزداد الأمر سوءا.

وأكد «المكاوي» أن الاقتصاد المصري يمر بـ3 سنوات عجاف من كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب على غزة، مطالبا حكومة الانقلاب بطمأنة المواطنين بأن الأمر مؤقت حتى يتم التوقف عن شراء الدولار من السوق السوداء.

وطالب بعودة قرار المستوردين الذي تم خلاله عام 2016، التوقف عن شراء الدولار من السوق السوداء وتجميد العمليات الاستيرادية لمدة 3 أشهر، حتى تستقر الأسعار مرة أخرى.

وكشف «المكاوي»  أن المستوردين بالفعل توقفوا عن البيع خلال الفترة الحالية، تحسبا لزيادة في سعر الدولار الفترة المقبلة، لافتًا إلى أن الارتفاعات التي يشهدها السوق تسببت في ظهور عملية دولرة على جميع المستويات.

 

المضاربات

وانتقد أحمد شيحة عضو شعبة المستوردين باتحاد الغرف التجارية بالقاهرة إجراءات البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة وتحجيم الاستيراد دون القدرة على كبح جماح السوق السوداء، بجانب عدم توفير الدولار للمستوردين مشيرا إلى أن الرابحين من إجراءات البنك المركزي هم السياحة والصناعة والمغتربون بالخارج والمضاربون في الدولار، والخاسرون هم المواطنون الذين يتحملون نتائج التلاعب وارتفاع الأسعار، ودولة العسكر التي تزعم أنها تحاول السيطرة على الأوضاع .

وقال شيحة، في تصريحات صحفية: إن “دولة العسكر متضررة لأنها مسؤولة عن توفير حياة مستقرة ومستوى تعليم وصحة للمواطن، وبالتالي تتحمل أي زيادة في تكلفة تلك الخدمات، وأي ارتفاع في الدولار يكلف خزانتها الكثير، ومن بين تلك الأضرار خفض قيمة أصول دولة العسكر، مشيرا إلى أن المواطن هو من يتحمل أي زيادة في نهاية المطاف”.

وأضاف، الرابحون هم المستثمرون الأجانب الذين يرغبون في دخول السوق المصري أو التوسع فيه، فضلا عن المصدرين بسبب انخفاض قيمة الجنيه، ولكن في المقابل ارتفعت تكاليف مواد الإنتاج التي تأتي من الخارج.

كما انتقد شيحة زيادة ظاهرة المضاربات على الدولار وتحوله إلى سلعة حتى بات لا يعبر عن قيمته الحقيقية، مطالبا  دولة العسكر بالعمل على استقرار الأوضاع وتوفير جميع أنواع السلع .

وحذر من أن هذا عبء حقيقي على دولة العسكر، مشددا على ضرورة العمل على خفض نتائج تداعيات تراجع الجنيه من خلال السيطرة على التضخم.

 

خسائر ضخمة

واعتبر خبير أسواق المال الدكتور وائل النحاس، أن المضاربين هم الرابحون في المقام الأول مما يجري سواء الذين ضاربوا على الدولار أو السلع بأنواعها، والباقي هم الخاسرون سواء المواطن أو دولة العسكر .

وأكد النحاس في تصريحات صحفية أن العديد من الشركات الكبرى تكبدت خسائر ضخمة، بسبب التعويم مثل شركة حديد عز التي أعلنت عن خسائر تتجاوز ملياري جنيه، محذرا من أن كل القطاعات في مصر سوف تعاني من نتائج خفض الجنيه بما فيها السياحة؛ لأن تكلفة الليلة السياحية سوف ترتفع نتيجة زيادة تكلفة العمالة والخدمات وتذاكر الطيران.

وأشار إلى أن التعويم هذه المرة سيكون مختلفا تماما عن التعويم الذي حدث عام 2016؛ لأن الكثير من دول العالم كانت تساند نظام الانقلاب وتدعمه ماليا، لكن العالم كله الآن يمر بأزمات ومشاكل مختلفة وكل دولة لديها مشاكلها الخاصة، وكان من المفترض عدم اللجوء إلى صندوق النقد الدولي إذا نجحنا في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.  

واعتبر النحاس الحديث عن سعر الدولار ليس الأهم، بل المهم هو السيطرة على التضخم؛ لأن الجنيه المصري هو عملة مُقوّمة وليست عملة تحويل، وبالتالي فإن الدولار هو الذي يحدد قيمة الجنيه وأي ارتفاع أو انخفاض سينعكس على السلع بشكل مباشر حتى إن الصادرات أكثر من 70% من مكوناتها مستوردة، والواردات ضعف الصادرات تقريبا.