قالت وكالة رويترز: إن "موجة من انقطاع التيار الكهربائي، على الرغم من الاستثمارات الضخمة في محطات توليد الكهرباء، جاءت بمثابة صدمة هزت الثقة في عبد الفتاح السيسي قبل أشهر من مسرحية الانتخابات الرئاسية".
وأضافت الوكالة ، إلى جانب التضخم القياسي والضعف الحاد للعملة، أصبح انقطاع التيار الكهربائي عرضا قويا لأسوأ أزمة اقتصادية تضرب مصر منذ استيلاء السيسي على السلطة في عام 2014 بناء على وعود بالاستقرار والتنمية.
وأوضحت أنه من المتوقع على نطاق واسع أن يحصل السيسي، قائد الجيش السابق الذي أشرف على حملة واسعة النطاق على المعارضة السياسية، على فترة ولاية ثالثة في الانتخابات المقرر إجراؤها بحلول أوائل عام 2024، مع دعم الجيش والأجهزة الأمنية الأخرى.
وأشارت الوكالة إلى أن المشاكل الاقتصادية في البلاد أثارت تذمرا بين العديد من المصريين، الذين يشهدون انخفاض مستويات معيشتهم حتى مع إنفاق الدولة بكثافة على المشاريع الضخمة.
وقال كريم محروس، أحد سكان حي الأسمرات، وهو حي سكني اجتماعي في القاهرة تم تطويره في عهد السيسي: "لقد نسينا ما هو انقطاع التيار الكهربائي، حيث قال الناس إن الكهرباء كانت تنقطع لمدة ساعة في كل مرة".
وأضاف "عندما تنقطع الكهرباء مرة أو مرتين في اليوم ولا يوجد في أماكن أخرى انقطاع التيار الكهربائي لمدة ربع ساعة ، فإن هذا يسمى ظلما".
ولفت التقرير إلى أن انقطاع التيار الكهربائي لم يكن مشكلة كبيرة منذ الاضطرابات التي أعقبت الإطاحة بالرئيس السابق حسني مبارك في انتفاضة مصر عام 2011.
في ذلك الوقت، ساعدت الانقطاعات المتكررة في تحويل الرأي العام ضد أول زعيم منتخب ديمقراطيا في مصر، محمد مرسي من جماعة الإخوان المسلمين، قبل أن يقود السيسي الانقلاب عليه في يوليو 2013.
أصداء الماضي
ويرى منتقدو السيسي أصداء ذلك الوقت في انقطاع التيار الكهربائي الذي بدأ في يوليو وتم تنفيذه وفقا لجدول زمني منشور منذ بداية أغسطس، ويقول السكان: إنهم "استهدفوا بعض المناطق أكثر من غيرها، مما أثار شعورا بعدم المساواة".
وقالت جميلة إسماعيل، رئيسة حزب الدستور، وهو واحد من عدة جماعات معارضة مهمشة تحاول الضغط من أجل التغيير الاقتصادي والسياسي: "انقطاع التيار الكهربائي هو مؤشر على الفشل في السياسات الاقتصادية والإدارة".
وأضافت: "هناك شعور كبير بالخطر، لأن الاستقرار الاجتماعي والأمن مهددان".
وبعد عام 2014 تحرك السيسي بسرعة لخلق فائض في قدرة توليد الكهرباء وبنى ثلاث محطات عملاقة تعمل بالغاز في الوقت الذي اعتمدت فيه حكومته بشدة على دعم مالي كبير من دول الخليج والمقرضين الدوليين الغربيين.
وتقول حكومة السيسي: إن "تخفيف الأحمال كان مطلوبا بسبب زيادة استهلاك الكهرباء لتكييف الهواء خلال الطقس الحار بشكل غير عادي".
ويقول مسؤولون: إنه "إلى جانب المستشفيات والمباني الاستراتيجية، تم إعفاء مناطق من بينها الساحل الشمالي والبحر الأحمر لحماية قطاع السياحة، وهو مصدر رئيسي للعملة الأجنبية، والذي تحتاجه حكومة السيسي بشدة بعد الكشف عن نقص مزمن في الدولار في أوائل العام الماضي".
ويقول محللون: إن "انقطاع الكهرباء ناجم أيضا عن انخفاض إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، الذي يشغل معظم شبكة الكهرباء في مصر، وهو مصدر مهم آخر للعملة الصعبة".
وبدأت حكومة السيسي، التي نفت أن يكون نقص الغاز قد تسبب في انقطاع التيار الكهربائي، في حث الناس على الحد من استهلاك الكهرباء في الصيف الماضي، حيث سعت إلى توفير الغاز للتصدير، بينما كانت أسعار الطاقة العالمية مرتفعة.
الصدمات الخارجية
ومنذ ذلك الحين، تسعى جاهدة لجمع الدولارات من خلال خطط متعددة، بما في ذلك من 14 أغسطس منح المصريين في الخارج شهرا واحدا لإيداع الأموال في حساب مصرفي في أبو ظبي للحصول على إعفاء من الخدمة العسكرية.
وألقى السيسي باللوم في المشاكل الاقتصادية الحالية إلى حد كبير على الصدمات الخارجية، بما في ذلك جائحة فيروس كورونا والآثار غير المباشرة للحرب في أوكرانيا.
وقال النائب المؤيد للسيسي مصطفى بكري في مقابلة: "نعم، يعاني الاقتصاد المصري من أزمات ومشاكل أثرت على المواطنين وسبل عيشهم، ولكن من لا يعاني منها؟".
وأضاف "يمكننا حل هذه الأزمات تدريجيا ويمكن للشعب المصري تحمل العبء".
ونوهت الوكالة بأن الإنفاق العام على البناء ساعد في الحفاظ على نمو الاقتصاد وأدى إلى توسع سريع في شبكة الطرق لكن اقتصاديين يقولون: إن "الدور المهيمن للجيش خنق الإصلاح وإن عبء الديون المتزايد مدعاة للقلق".
كما أثارت مشاريع ضخمة مثل العاصمة الجديدة خارج القاهرة والعاصمة الصيفية في العلمين على الساحل الشمالي المنعش ، حيث تقضي النخبة تقليديا الأشهر الأكثر سخونة في السنة ، غضبا شعبيا.
وفي الوقت نفسه، يشكو العديد من المصريين من أن الحياة أصبحت أكثر صعوبة بسبب إصلاحات الدعم والضرائب وارتفاع الأسعار.
وقال محمد إبراهيم، وهو موظف حكومي يعيش في الأسمرات: "كانت الأمور أفضل بكثير في الماضي ، هناك فرق كبير"، معربا عن أسفه للارتفاع الحاد في تكلفة السجائر منذ عهد مبارك.
https://www.reuters.com/world/middle-east/egypt-blackouts-become-symbol-malaise-decade-after-sisis-rise-2023-08-16/
