نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا سلط خلاله على الضغوط التي تمارسها السعودية على باكستان لتحريضها ضد إيران، للحد من نفوذ طهران في المنطقة.
وبحسب التقرير الذي ترجمته "بوابة الحرية والعدالة" بعد أيام فقط من زيارة وزير الداخلية السعودي، الأمير عبد العزيز بن سعود بن نايف، لباكستان مسلحا بقائمة من المطالب من المملكة الخليجية، أرسلت إسلام أباد أكبر جاسوس لها إلى طهران برسالة "توقف عن دعم الجماعات بالوكالة في المنطقة، وإلا".
ودفعت الرسالة وزير الداخلية الإيراني أحمد وحيدي إلى زيارة باكستان، وشملت الزيارة، التي اختتمت في 16 فبراير، اجتماعات مع رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، وقائد الجيش قمر باجوا، وخصم وحيدي، الشيخ راشد أحمد.
وقال عمر كريم، الزميل الزائر في المعهد الملكي للخدمات المتحدة إن "اللهجة التي اتخذها الوفد الإيراني، والتي ضمت رئيس حرس الحدود ومسؤولين كبارا آخرين، كانت تصالحية".
وقال كريم لـ Middle East Eye «الرسالة أنه إذا لم تتوقف إيران عن توفير قاعدة للانفصاليين البلوش ، وتمويل وكلاء آخرين في المنطقة، فيمكن لباكستان الرد بالمثل».
المسلحون والوكلاء
في 2 فبراير شن مسلحون من جيش تحرير البلوش هجومين على قواعد حرس الحدود الباكستاني، مما أدى إلى أيام من القتال في مقاطعة بلوشستان الباكستانية.
يُعتقد أن بعض الانفصاليين البلوش، الذين قاتلوا منذ فترة طويلة من أجل بلوشستان مستقلة عن كل من باكستان وإيران، قد أقاموا قواعد في إيران، التي شنوا منها هجمات على باكستان.
ساعد استياء إسلام أباد من هذا الوضع المحاولات السعودية لتقويض إيران في المنطقة، حيث تتطلع المملكة الخليجية أيضا إلى محاربة النفوذ الإيراني.
وقال كريم إن "أحد المطالب الرئيسية للرياض من إسلام أباد ، هو الضغط على إيران لوقف تجنيد الشباب الشيعة من باكستان للقتال من أجل مصالحها، كما حدث في سوريا".
يخشى السعوديون من إمكانية تدريب المقاتلين الباكستانيين ، وإرسالهم لتجديد قوات الحوثي المستنفدة في اليمن.
ودفع هذا الضغط إيران إلى التحول إلى مكان آخر، حيث قيل إن "طهران تتطلع إلى تجنيد رجال شيعة من العراق للانضمام إلى الحوثيين".
باكستان تستولي على الأصول الإيرانية
وألقت المخابرات الباكستانية القبض على عدد كبير من الأصول الإيرانية داخل البلاد، بينها مسؤول حكومي كبير.
وقال كريم «من الواضح أن توقيت ذلك حاسم، كان الباكستانيون يؤخرون ذلك لفترة من الوقت، لكن بسبب الضغط السعودي قرروا التحرك الآن».
ومع ذلك، قال كريم إن "باكستان رفضت اقتراحا سعوديا لعمليات مشتركة للقوات الخاصة ضد الحوثيين في اليمن".
وقال المحلل «باكستان تريد إبقاء يديها نظيفة من أي مؤشر على تحالفات طائفية ، عندما يتعلق الأمر بالوضع على الأرض، لكنها تدرب القوات السعودية».
بعد فترة وجيزة من زيارة وزير الداخلية السعودي لباكستان ، وصلت فرقة من القوات المسلحة السعودية إلى باكستان لبدء تدريب ميكانيكي مشترك شامل لمدة شهرين بالقرب من مدينة مولتان في جنوب البنجاب.
مولتان هو أحد فيلق الضربات الرئيسي في باكستان، ويتألف من فرق دبابات بدعم مدفعي ثقيل وقال كريم «هذا مؤشر واضح على أن باكستان تدرب القوات السعودية ، على ما يمكن أن يكون توغلا كبيرا في اليمن».
صفقات دفاع جديدة
تبحث القيادة المدنية والعسكرية السعودية عن مجموعة من الشركاء لملء الفراغ الذي خلفته الولايات المتحدة، التي أزالت أكثر أنظمة الدفاع الصاروخي تقدما وبطاريات باتريوت من المملكة الخليجية العام الماضي.
في 14 فبراير، وصل قائد القوات البرية الملكية السعودية، الفريق فهد بن عبد الله محمد المطير، إلى الهند في زيارة تاريخية، كانت هذه هي المرة الأولى التي يزور فيها قائد في الجيش السعودي الهند، وكان يُنظر إليه على أنه تأكيد للتعاون العسكري المتزايد بين البلدين.
كان هناك شيء مثير للفضول بشأن الصورة الرسمية التي التقطت بمناسبة لقاء المطير مع قائد الجيش الهندي الجنرال مانوج موكوند نارافاني.
يجلس الرجلان أمام صورة مؤطرة للقائد العسكري الباكستاني آنذاك الجنرال آك نيازي وهو يوقع وثائق استسلام بعد خسارته حرب 1971 التي أدت إلى إنشاء بنغلاديش.
ويحيط مسؤولون عسكريون هنود بنيازي الذي كانت السعودية تدعمه في ذلك الوقت.
الصورة تحمل رسالة بأن " السعوديين يلجأون إلى الهند ،بعد أن أصيبوا بخيبة أمل من باكستان، لكن يمكن اعتبارها إهانة للسعوديين الذين كانوا يدعمون باكستان في تلك الحرب ".
يقول المحلل المقيم في إسلام أباد أحمد قريشي، وهو خبير في العلاقات الباكستانية السعودية ومعد تقارير لمحطة بي تي في الباكستانية الحكومية، إن "المبادرات الهندية السعودية فيما يتعلق باليمن ليست جديدة".
"خلال رحلة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى الهند في عام 2019، لم يتم الإعلان عنها، لقد قدم الهنود للسعودية نوعا من المساعدة في الصراع اليمني، وقد أكد لي ذلك صحفي سعودي، لكن القيادة السعودية شكرت الهند لكنها لم ترد على العرض ".
ذكرت صحيفة ناطقة باللغة الإنجليزية في باكستان أن المناقشات الجارية حول زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى باكستان في مارس، من المرجح أن تتزامن مع اليوم الوطني للبلاد في 23 مارس.
وقالت وزارة الخارجية الباكستانية لـ MEE إنه "لم يكن هناك تأكيد رسمي للزيارة حتى الآن".
دور باكستان في الخليج
وقال القريشي «يشعر السعوديون أن باكستان يجب أن يكون لها دور أكبر في أمن دول الخليج، وهو أمر مشابه لمصر، مما أعرفه، وافقت باكستان».
لكن القريشي قال إن "باكستان لديها بالفعل العديد من اتفاقيات التعاون العسكري مع المملكة العربية السعودية ، يعود بعضها إلى الستينيات".
وقال قريشي لـ MEE «باكستان أيضا عضو في تحالف الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية، الذي يقوم بدوريات في شمال المحيط العربي وخليج عدن، لقد اعترضوا مرارا أسلحة إيرانية متجهة إلى اليمن».
وأضاف أن باكستان والمملكة العربية السعودية تجريان مناقشات حول احتمال نقل تكنولوجيا الطائرات بدون طيار الباكستانية المصنعة محليا.
وقال قريشي إن "باكستان أعلنت دبلوماسيا أن الحوثيين منظمة إرهابية وأدانت بشكل مباشر هجمات الحوثيين الصاروخية والطائرات المسيرة".
لقد تغيرت سياسة باكستان المحايدة تاريخيا تجاه المملكة العربية السعودية وإيران بشكل واضح.
ويرجع ذلك جزئيا إلى الهجمات الوقحة المتزايدة ضد قوات الأمن الباكستانية من قبل المتمردين البلوش المتمركزين في إيران، وشهدت تلك الهجمات مقتل مئات الجنود الباكستانيين خلال العامين الماضيين.
لكن قريشي يقول إن "هناك سببا آخر، وعادة لم يطلب السعوديون المعاملة بالمثل، لكننا سمعنا هذه المرة أنه لا يوجد غداء مجاني».
في وقت سابق من هذا العام، أقرضت المملكة العربية السعودية باكستان 3 مليارات دولار لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي المتضائلة في البلاد، يتم سداد القرض في عام بمعدل فائدة مرتفع نسبيا يبلغ أربعة في المائة.
مع هذا النوع من النفوذ المالي تحت تصرفها، فلا عجب أن باكستان ترد على الدبلوماسية السعودية، حيث تأمل القيادة في إسلام أباد أن تساعد زيارة محمد بن سلمان في تخفيف المشاكل الاقتصادية لباكستان.
https://www.middleeasteye.net/news/saudi-arabia-iran-pakistan-pressure-prompts-getting-tough
