لا يمر يوم واحد حتى تبرهن حكومة الإمارات وعلى رأسها محمد بن زايد، رئيس الوزراء وولي عهد أبو ظبي، أنها عبرية أكثر من الصهاينة أنفسهم، وأنها باتت عرّاب التطبيع في العالم العربي والإسلامي، وتوظف نفوذها وأموالها الضخمة التي منحها الله إياها في تكريس التفوق الصهيوني، بل تحريض حكومة الاحتلال على العصف بالحقوق العربية والتهام ما تبقى من فلسطين وشعبها ومقدساتها.
لا هم حاليا لشيطان العرب محمد بن زايد، سوى تسويق التطبيع مع العدو الصهيوني على نطاق واسع، والإصرار على إقناع الحكومات العربية والإسلامية بجدوى التطبيع مع الاحتلال وفوائده، وإذا ما وجد ممانعة استخدم نفوذه ونفوذ بلاده في إخضاع الحكومات الممانعة تارة بالترغيب وتارة أخرى بالترهيب والمال.
آخر المواقف ما يجري حاليا مع الحكومة الباكستانية، حيث اعترف وزير خارجية باكستان أن بلاده تتعرض لضغوط خليجية واسعة للتطبيع مع الاحتلال معلنا رفض بلاده لهذه الممارسات؛ وذلك بعدما رد الوزير الباكستاني على طلب الإمارات بشأن تطبيع علاقة إسلام أباد مع الاحتلال قائلا: لن نطبع بسبب عمق العواطف والمشاعر لدى الباكستانيين بشأن فلسطين. وأضافت الخارجية الباكستانية أنها تعلن رفضها الاعتراف "باسرائيل" قبل التوصل لتسوية دائمة.
اعترافات وزير الخارجية الباكستاني دفعت نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى فضح السلوك الإماراتي المتصهين، مؤكدين أن محمد بن زايد تجرد من الأخلاق والدين والرجولة". وكانت الصحافة الصهيونية كشفت عن الضغوط التي مارستها الإمارات والسعودية على باكستان بهدف إعلان التطبيع مع الكيان الصهيوني مدعية أن "إسلام آباد" في وضع حرج للغاية سياسيا واقتصاديا ودبلوماسيا!
وقالت صحيفة "Times of Israel" الصهيونية إن أنظمة الإمارات والسعودية يمارسان ضغوطا على باكستان من أجل التطبيع". وعلق المحلل ياسر الزعاترة، بأن "أولى الاحتجاجات على موجة التطبيع الجديدة تأتي من باكستان"، لافتا إلى أن عشرات الآلاف تظاهروا في عدة مدن ضد التطبيع، والاتفاق الإماراتي الصهيوني تحديدا، وشملت المظاهرات؛ إسلام أباد، كراتشي، ولاهور، وروالبندي، وبيشاور، ومدن أخرى. وأضاف أن فلسطين هي "قضية الأمة المركزية والمقدسة، والعبث بها ليس كأي عبث آخر".
ضغوط بالديون
وقال البروفيسور طوغرال يامين، نائب عميد المركز الدولي للسلام والاستقرار بالجامعة الباكستانية للعلوم والتكنولوجيا، إن "إسلام أباد" معرضة للضغوط السياسية الخارجية، بسبب ديونها لصندوق النقد الدولي، وتحقيقات مجموعة العمل المالي لمنع غسيل الأموال. وأكد أن العملة الأجنبية الوافدة مهمة لباكستان، وخاصة من منطقة الخليج.. يبدو أن تعليق الإمارات تأشيرات العمل والسفر للباكستانيين بعد تطبيع علاقاتها مع إسرائيل أسلوب ضغط". وهي إشارة إلى ما حدث في 18 نوفمبر الماضي، بعدما أعلنت الإمارات تعليق منح التأشيرات لمواطني 13 بلدا بينها باكستان و8 دول عربية حتى إشعار آخر. وأضاف طوغرال: "باكستان قاومت هذه الضغوط.. وحكومة عمران خان تواجه حركة معارضة قوية (الحركة الديمقراطية مكونة من 11 حزبا)، وإذا ما قررت الاعتراف بـ"إسرائيل" فذلك سيكون خطوة سياسية خاطئة".
وقال سيد قنديل عباس، وهو أستاذ بقسم السياسة والعلاقات الدولية بجامعة القائد الأعظم: "يعمل لدى الإمارات أكثر من 1.5 مليون باكستاني، أي ما يعادل 12.5 % من سكان الإمارات.. ومعظم المواطنين الباكستانيين في الخارج موجودون في الإمارات بعد السعودية وبريطانيا". وأشار عباس إلى أنه خلال وباء كورونا، تم تسريح بين 40 و50 ألف باكستاني من أعمالهم في الإمارات.
ورقة النفط
وألمح الخبير في مركز الدراسات الإستراتيجية وتحليل البحوث في باكستان، محمد ثاقب، إلى استيراد باكستان النفط بشكل أساسي من دول الخليج. وبلغ إجمالي الصادرات النفطية من السعودية والإمارات إلى باكستان هذا العام أكثر من 7 مليارات دولار، إضافة إلى صادرات إسلام أباد للبلدين في مختلف القطاعات بحدود 1.15 مليار دولار. وشدد على أن تعليق الإمارات تأشيرات دخول الباكستانيين إلى أراضيها، يمكن قراءته ضمن الضغوط الممارسة على إسلام أباد للاعتراف بتل أبيب.
وبحسب وكالة "الاناضول" فخلال السنوات الأخيرة، تأثرت علاقات باكستان مع الإمارات والسعودية بسبب العديد من القضايا، مثل رفض إسلام أباد دعم العملية العسكرية التي تقودها الرياض في اليمن، ووقوفها إلى جانب الدوحة في الحصار المفروض على قطر من قبل هاتين الدولتين. من ناحية أخرى، تبدو الرياض منزعجة من انتقادات باكستان لها بسبب عدم اكتراثها بقضية كشمير.
وفي 13 نوفمبر الماضي "2020"م، قال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان، إن بلاه تتعرض لضغوط من دول تربطه بها علاقات جيدة للاعتراف بإسرائيل، ما أثار الجدل حول هوية تلك الدول. وأضاف "خان"، أنه قد يفصح عن الدول التي تمارس الضغوط على باكستان، بعد وقوف بلاده على قدميها اقتصاديا".
ويبدو أن السعودية شاركت في الضغوط بحسب التقرير، ففيما يعمل نحو 1.9 مليون مواطن باكستاني في السعودية، يوفرون 4.5 مليار دولار من تدفق العملات الأجنبية إلى بلادهم سنويا، بجانب 3.47 مليار دولار من الباكستانيين في الإمارات؛ طالبت السعودية باكستان بمليار دولار قدمتها لها في إطار مساعدات مالية عام 2018، وسداد إسلام أباد ذلك المبلغ بمساعدة الصين.
