ربما لا يعرف الكثيرون من الذين قاطعوا المنتجات الفرنسية أو الذين لا يجدون جدوى من هذه المقاطعة ما ارتكبته فرنسا من مذابح وفظائع ضد المسلمين منذ زمن احتلال نابليون للقاهرة وحتى اليوم في أفريقيا، ومنها "مجزرة الأغواط" التي اسفرت عن استشهاد ما يربو عن 3800 جزائري مسلم حرقا على يد عصابات الإرهاب الفرنسي الإجرامي.
وعبر إدانات عربية وإسلامية، اتسع نطاق الدعوات إلى مقاطعة البضائع الفرنسية في العديد من الدول العربية والإسلامية، وذلك ردا على إصرار السلطات الفرنسية على التشبث بنشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ذاكرة الموت
وتمر في شهر ديسمبر الجاري ذكرى المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها عصابات الإرهاب الصليبية الفرنسية، وتتعدد الأحداث الدامية التي قام بها المحتل الفرنسي ضد جيوب المقاومة الجزائرية والسكان في تلك الفترة، غير أن عملية قصف منطقة الأغواط بالأسلحة الكيماوية، مأساة تستحق الوقوف عندها، لما طالها من نسيان وإهمال طوال عقود من الزمن.
خلال أيام نهاية شهر نوفمبر حتى 2 ديسمبر 1852، قصفت القوات الفرنسية منطقة الأغواط بقذائف معبئة بالكلوروفورم، وهي مادة كيميائية سامة، تصبح قاتلة حينما يتم إعدادها بنسب مركزة، إذ تؤدي بكل من يستنشقها إلى تهيج الرئة، وتُحدث التهابات حادة في أنسجتها؛ مما يسبب اندفاع كميات متزايدة من السوائل الجسمية التي ينقلها الدم إلى الرئتين لتحدث اختناقًا شديدًا يؤدي إلى موت الضحية.
هذا القصف الكيماوي الذي نفذه الإرهاب الفرنسي الصليبي في حق أهالي الأغواط ومقاوميها، أدى في أيام معدودة إلى مقتل ثلثي أحياء المنطقة فورًا، نتيجة استنشاق الغازات السامة، يقدر عدد الضحايا بـ 3000 شهيد من مجموع 4800 نسمة من سكان الأغواط في تلك الفترة، لتسقط المدينة في يد الاحتلال بعد أن أباد سكانها.
دخل جنود الاحتلال إلى المنطقة فوجدوها متناثرة بالجثث والموتى في كل مكان، وقضوا على كل مصاب أو في طور الاحتضار، حيث سجل العديد من المجندين الفرنسيين المشاركين في المجزرة في شهاداتهم، استغرابهم للطريقة غير المألوفة لهم التي قضي بها على ساكني الأغواط، بسبب هذا السلاح الكيماوي الفتاك الجديد آنذاك.
ويعترف القائد العسكري "إيجين فرومانتان" بالجريمة في مذكراته، ويقول:"كانت محنة مروعة رهيبة، رأيت جنديًّا واقفًا أمام الباب يملأ بندقيته التي اصطبغت بالدم، وجنديين فرنسيين آخرين يجريان وهما يملآن قبعاتهم العسكرية بالحلي المنهوبة من جثث النساء المرمية، وهناك فتاتان مسكينتان مطروحتان أرضًا بلا حراك، واحدة منشورة على الأرض، والأخرى مرمية على درج، رأسها يتدلى نحو أسفله عارية، ينزع عسكري من جسدها ما تحمله من مصوغات وحلي ذهبية وفضية، وامرأة ثالثة كانت تحتضر، وبقبضة يدها زر بدلة عسكرية، لقد اقتطعته من بدلة قاتلها".
هولوكست المصريين
ومن سحق الجزائريين في الماضي إلى سحق المصريين في الحاضر، حيث يعتزم السفاح عبد الفتاح السيسي النزول ضيفا على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فيما اتهمت منظمات غير حكومية حقوقية فرنسا بتقديم الدعم للسيسي على مدى سنوات الانقلاب لـ"سحق الشعب المصري". ويتمثل الدعم وفق ما ذكر تقرير المنظمات الحقوقية أن باريس سلمت عصابة الانقلاب بمصر أسلحة حرب وبرامج ومعدات معلوماتية أتاحت للنظام "قمع" الشعب المصري.
وفي تقرير مشترك من 64 صفحة، أكد كل من الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، ومرصد الأسلحة، أن "الدولة الفرنسية والعديد من الشركات الفرنسية شاركت في القمع الدموي المصري في السنوات الخمس الأخيرة". وتابعت المنظمات أن باريس سلمت القاهرة أسلحة حرب (ارتفعت المبيعات من 39,6 مليون إلى 1,3 مليار يورو من العام 2010 إلى 2016)، فضلا عن البرامج والمعدات المعلوماتية التي أتاحت "إنشاء بنية مراقبة وتحكم أورويلية استخدمت لضرب أي محاولة انشقاق أو تعبئة".
وتحدث التقرير خصوصا عن "تقنيات لمراقبة فردية ولاعتراض الحشود وجمع البيانات الفردية والتحكم في الحشود (…)؛ أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين أو الناشطين". وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "إذا كانت الثورة المصرية عام 2011 قد حملها جيل متصل بشكل وثيق عبر فيس بوك، عرف كيف يحشد الجماهير، فإن فرنسا تشارك اليوم في سحق هذا الجيل من خلال إنشاء نظام مراقبة وتحكم هدفه أن يسحق في المهد أي تعبير عن الاحتجاج".
فرنسا العارية
وعبر إدانات عربية وإسلامية، اتسع نطاق الدعوات إلى مقاطعة البضائع الفرنسية في العديد من الدول العربية والإسلامية، وذلك ردا على إصرار السلطات الفرنسية على التشبث بنشر الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ذاكرة الموت
وتمر في شهر ديسمبر الجاري ذكرى المجزرة الرهيبة التي ارتكبتها عصابات الإرهاب الصليبية الفرنسية، وتتعدد الأحداث الدامية التي قام بها المحتل الفرنسي ضد جيوب المقاومة الجزائرية والسكان في تلك الفترة، غير أن عملية قصف منطقة الأغواط بالأسلحة الكيماوية، مأساة تستحق الوقوف عندها، لما طالها من نسيان وإهمال طوال عقود من الزمن.
خلال أيام نهاية شهر نوفمبر حتى 2 ديسمبر 1852، قصفت القوات الفرنسية منطقة الأغواط بقذائف معبئة بالكلوروفورم، وهي مادة كيميائية سامة، تصبح قاتلة حينما يتم إعدادها بنسب مركزة، إذ تؤدي بكل من يستنشقها إلى تهيج الرئة، وتُحدث التهابات حادة في أنسجتها؛ مما يسبب اندفاع كميات متزايدة من السوائل الجسمية التي ينقلها الدم إلى الرئتين لتحدث اختناقًا شديدًا يؤدي إلى موت الضحية.
هذا القصف الكيماوي الذي نفذه الإرهاب الفرنسي الصليبي في حق أهالي الأغواط ومقاوميها، أدى في أيام معدودة إلى مقتل ثلثي أحياء المنطقة فورًا، نتيجة استنشاق الغازات السامة، يقدر عدد الضحايا بـ 3000 شهيد من مجموع 4800 نسمة من سكان الأغواط في تلك الفترة، لتسقط المدينة في يد الاحتلال بعد أن أباد سكانها.
دخل جنود الاحتلال إلى المنطقة فوجدوها متناثرة بالجثث والموتى في كل مكان، وقضوا على كل مصاب أو في طور الاحتضار، حيث سجل العديد من المجندين الفرنسيين المشاركين في المجزرة في شهاداتهم، استغرابهم للطريقة غير المألوفة لهم التي قضي بها على ساكني الأغواط، بسبب هذا السلاح الكيماوي الفتاك الجديد آنذاك.
ويعترف القائد العسكري "إيجين فرومانتان" بالجريمة في مذكراته، ويقول:"كانت محنة مروعة رهيبة، رأيت جنديًّا واقفًا أمام الباب يملأ بندقيته التي اصطبغت بالدم، وجنديين فرنسيين آخرين يجريان وهما يملآن قبعاتهم العسكرية بالحلي المنهوبة من جثث النساء المرمية، وهناك فتاتان مسكينتان مطروحتان أرضًا بلا حراك، واحدة منشورة على الأرض، والأخرى مرمية على درج، رأسها يتدلى نحو أسفله عارية، ينزع عسكري من جسدها ما تحمله من مصوغات وحلي ذهبية وفضية، وامرأة ثالثة كانت تحتضر، وبقبضة يدها زر بدلة عسكرية، لقد اقتطعته من بدلة قاتلها".
هولوكست المصريين
ومن سحق الجزائريين في الماضي إلى سحق المصريين في الحاضر، حيث يعتزم السفاح عبد الفتاح السيسي النزول ضيفا على الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، فيما اتهمت منظمات غير حكومية حقوقية فرنسا بتقديم الدعم للسيسي على مدى سنوات الانقلاب لـ"سحق الشعب المصري". ويتمثل الدعم وفق ما ذكر تقرير المنظمات الحقوقية أن باريس سلمت عصابة الانقلاب بمصر أسلحة حرب وبرامج ومعدات معلوماتية أتاحت للنظام "قمع" الشعب المصري.
وفي تقرير مشترك من 64 صفحة، أكد كل من الاتحاد الدولي لرابطات حقوق الإنسان، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، ورابطة حقوق الإنسان، ومرصد الأسلحة، أن "الدولة الفرنسية والعديد من الشركات الفرنسية شاركت في القمع الدموي المصري في السنوات الخمس الأخيرة". وتابعت المنظمات أن باريس سلمت القاهرة أسلحة حرب (ارتفعت المبيعات من 39,6 مليون إلى 1,3 مليار يورو من العام 2010 إلى 2016)، فضلا عن البرامج والمعدات المعلوماتية التي أتاحت "إنشاء بنية مراقبة وتحكم أورويلية استخدمت لضرب أي محاولة انشقاق أو تعبئة".
وتحدث التقرير خصوصا عن "تقنيات لمراقبة فردية ولاعتراض الحشود وجمع البيانات الفردية والتحكم في الحشود (…)؛ أدت إلى اعتقال عشرات الآلاف من المعارضين أو الناشطين". وقال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان: "إذا كانت الثورة المصرية عام 2011 قد حملها جيل متصل بشكل وثيق عبر فيس بوك، عرف كيف يحشد الجماهير، فإن فرنسا تشارك اليوم في سحق هذا الجيل من خلال إنشاء نظام مراقبة وتحكم هدفه أن يسحق في المهد أي تعبير عن الاحتجاج".
فرنسا العارية
وتنتقد الجماعات الحقوقية على وجه الخصوص العلاقة الحميمة بين وزير الخارجية "جان إيف لو دريان"، وزعيم الانقلاب عبدالفتاح السيسي عندما كان الأول وزيرا للدفاع الفرنسية، وتقول إن باريس تخلت عن مبادئها من أجل المصالح الاقتصادية والأمنية. ويرفض المسؤولون الفرنسيون هذا الانتقاد زاعمين أن الحكومة الجديدة تتبع سياسة عدم انتقاد الدول علانية بشأن حقوق الإنسان كي تكون أكثر فاعلية عند بحث هذه القضايا خلف الأبواب المغلقة،وتعمل على أساس كل حالة على حدة.
وكانت "هيومن رايتس ووتش" انتقدت في السابق “تساهل” فرنسا تجاه القمع في مصر، وقال مسؤولان بمنظمتين غير حكوميتين على دراية بمحادثات دارت بين ماكرون وجماعات حقوقية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، إن ماكرون أقر بتردي وضع حقوق الإنسان في مصر، لكنه أبلغهم بأن أولويته هي ضمان أن يواصل السفاح السيسي المعركة ضد الجماعات الإرهابية!
وقررت الولايات المتحدة في أغسطس آب تجميد معونات عسكرية لمصر قيمتها 195 مليون دولار بسبب عدم إحراز مصر تقدما في احترام حقوق الإنسان وفي المعايير الديمقراطية.وفي ظل الحكومة السابقة، أبرمت فرنسا عدة اتفاقات عسكرية كبرى مع عصابة الانقلاب بمصر منها بيع 24 طائرة رافال مقاتلة وفرقاطة متعددة المهام وبارجتان ميسترال في عقود تقارب قيمتما ستة مليارات يورو.
وكانت "هيومن رايتس ووتش" انتقدت في السابق “تساهل” فرنسا تجاه القمع في مصر، وقال مسؤولان بمنظمتين غير حكوميتين على دراية بمحادثات دارت بين ماكرون وجماعات حقوقية على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر، إن ماكرون أقر بتردي وضع حقوق الإنسان في مصر، لكنه أبلغهم بأن أولويته هي ضمان أن يواصل السفاح السيسي المعركة ضد الجماعات الإرهابية!
وقررت الولايات المتحدة في أغسطس آب تجميد معونات عسكرية لمصر قيمتها 195 مليون دولار بسبب عدم إحراز مصر تقدما في احترام حقوق الإنسان وفي المعايير الديمقراطية.وفي ظل الحكومة السابقة، أبرمت فرنسا عدة اتفاقات عسكرية كبرى مع عصابة الانقلاب بمصر منها بيع 24 طائرة رافال مقاتلة وفرقاطة متعددة المهام وبارجتان ميسترال في عقود تقارب قيمتما ستة مليارات يورو.
