رصدت هيومن رايتس مونيتور ارتكاب سلطات النظام الانقلابي في مصر جرائم ممنهجة على مدار الست سنوات الماضية، وصل عدد منها إلى ما يرقى لكونه جريمة ضد الإنسانية، مثل التعذيب الممنهج والإخفاء القسري الواسع والقتل لفئة معينة، وكذلك قيامها بالإبادة الجماعية، والتي بحسب المادة السادسة في نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.
وطالبت المنظمة – في بيان صادر عنها أمس الأربعاء – المجتمع الدولي، الذي يناشد باحترام حقوق الإنسان وإعلائها، باتخاذ اللازم من إجراءات كفيلة بمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم والحد منها وتعويض الضحايا.
وقالت – في بيانها – إنها رصدت قيام سلطات الانقلاب في مصر بمحاولة القضاء على المعارضة وفي القلب منها جماعة الإخوان المسلمين التي تعد كبرى المجموعات المعارضة في مصر، وذلك عن طريق قتل أفرادها ومؤيديها في المظاهرات أو التجمعات السلمية كما حدث في فض اعتصامي النهضة ورابعة العدوية في 14 أغسطس 2013 وما سبقها وما تلاها من مظاهرات وأحداث دامية تسببت في مقتل أكثر من 2000 مواطن مصري من مختلف التوجهات الفكرية.
بالإضافة إلى الاعتقالات الواسعة لأفراد الجماعة وغيرهم من النشطاء والمعارضين السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي ووضعهم في ظروف سجن قاسية وتعريضهم للإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي بهدف إنهائهم.
وأكدت المنظمة رصدها لجرائم النظام ضد الإنسانية والتي من بينها القتل العمد لعدد كبير من المواطنين من بينهم 1182 قتلوا في فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة من بينهم نساء وأطفال، بينما قتل ما يزيد عن 750 معتقلا في أماكن الاحتجاز، قتل منهم أكثر من 550 بالإهمال الطبي المتعمد، بينما قتل البقية بالتعذيب وبوضعهم في ظروف احتجاز غير ملائمة أدت لوفاتهم، بالإضافة إلى إصدار عدد كبير من أحكام الإعدام السياسية الجائرة والتي قتل بسببها 45 مواطنًا، بعضهم ثبتت براءته بعد الإعدام، بينما لا يزال 83 آخرون ينتظرون تنفيذ الأحكام الجائرة التي ستودي بحياتهم ظلمًا بسبب انعدام العدالة في مصر.
كما رصدت المنظمة ما تقوم به سلطات الانقلاب فى سيناء من جرائم الإبادة لعدد كبير من أهالي وسكان سيناء وصل عددهم إلى ما يزيد عن الأربعة آلاف مواطن، بعضهم قامت بالإعلان رسميا عن قتلهم قتلا عشوائيا
وذكرت أن سلطات الانقلاب لم تكتف بقتلهم بل أيضا قامت بتهجير الآلاف من العائلات التي تقطن سيناء وقامت بهدم منازلهم وإجلائهم من بيوتهم دون توفير بديل لهم، وهو ما يعد أيضا جريمة ضد الإنسانية.
وتابع بيان المنظمة أنه بالإضافة للقتل الممنهج والمتعمد، فقد قامت سلطات الانقلاب باعتقال ما يزيد عن ستين ألف معتقل، بينما توجد مراكز احتجاز سرية ومعسكرات أمن مركزي لا يسمح بحصرها أو معرفة العدد بداخلها، من بينهم نساء وأطفال، وحرمان كل هذا العدد من حريته قسرًا وتلفيق التهم لهم وإدراجهم في محاكمات مدنية وسياسية جائرة.
وأضافت أنه خلال تلك السنوات الست قامت سلطات الانقلاب بانتهاك كل حقوق المعتقلين المنصوص عليها في الاتفاقية النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء، فقامت بوضع المعتقلين داخل زنازين انفرادية لأعوام طويلة، وكان من بينهم الرئيس الشهيد محمد مرسي، الذي ظل في حبس انفرادي ومنعزل عن العالم الخارجي ويتعرض للقتل البطيء داخل محبسه حتى استشهد داخل قاعة المحكمة في 17 يونيو الماضي وترك في غيبوبته دون إسعاف لمدة ثلاثين دقيقة داخل فقص زجاجي ومنع القضاة الأطباء المحتجزين من محاولة إسعافه وإفاقته حتى لفظ أنفاسه الأخيرة، وهو ما يُعد قتلا متعمدا بالإهمال الطبي.
وأكدت أن المعتقلين السياسيين يتعرضون للإخفاء القسري الذي يترواح لشهور وأحيانًا سنوات، يلاقون خلالها أصناف التعذيب المختلفة من تعذيب جسدي لا يمكن تحمله إلى تعذيب نفسي وعقلي يؤدي في أحيان كثيرة إلى فقدان العقل وعدم الإتزان النفسي، كما يمنعون من التواصل مع محاميهم وذويهم ومن التريض والرعاية الطبية اللازمة.
وأشارت المنظمة إلى تعرض عدد من الفتيات المعتقلات إلى الاغتصاب والتحرش الجنسي بهن من قبل ضباط السجن ومأموريه، والتهديد بالإغتصاب، وقدمت منظمات عدة شكاوي إلى الأمم المتحدة بهذا الخصوص، وكذلك الأمر بالنسبة للرجال الذين يُهددون أيضا باغتصاب ذويهم لإجبارهم على الأعتراف بتهم لم يرتكبوها.
كما أكدت على تعمد سلطات الانقلاب فى مصر إلحاق الأذى بكل من يعارضها، فالمعارضون السياسيون لسلطاتها يتعرضون للتنكيل بهم داخل وخارج مصر، فيُفصلون من أعمالهم ودراستهم ويُمنعون من السفر ويوضعون على ما يسمى بقوائم الإرهاب وتُصادر أموالهم ويتعرضون للملاحقة والتشويه على كافة الأصعدة باستخدام وسائل الإعلام التابعة للدولة وملاحقتهم دوليا عن طريق الإنتربول وتلفيق التهم لهم.
وطالبت المنظمة مجلس الأمن بالأمم المتحدة بفتح تحقيق عاجل في تلك الممارسات الممنهجة والتي استمرت لمدة ستة سنوات في ظل غياب كامل من الرقابة الدولية وحصانة تشجع على المزيد من ارتكاب الجرائم ضد الأبرياء.
