الانقلاب يهدر قرابة مليار ونصف في “جامع وكاتدرائية” وخط الفقر يغرق المصريين

- ‎فيأخبار

في الوقت الذي يزيد فيه عدد الفقراء بشكل غير مسبوق، فوجئ المصريون بافتتاح مسجد وكاتدرائية بتكلفة بلغت أرقامًا مفزعة، قاربت مليارًا ونصف مليار جنيه.

وبحسب أكرم أديب، المدير المالي لمشروع بناء كنيسة العاصمة الإدارية الجديدة، فإن التكلفة الإجمالية لبناء الكاتدرائية تصل إلى مليار ومائتي مليون جنيه، في الوقت الذي يوجد فيه، بحسب جهاز التعبئة العامة والإحصاء، 30 مليون مصري تحت خط الفقر، منهم 5 ملايين دخلوا حزام الفقر خلال العامين الأخيرين فقط.

اللافت أن الكاتدرائية والمسجد تم بناؤهما في منطقة غير مأهولة بالسكان، فيما يستمر غلق مسجد رابعة العدوية في قلب القاهرة، ومنعت الصلاة فيه منذ خمس سنوات!.

ويطرح افتتاح المسجد والكاتدرائية بتلك التكلفة الكبيرة تساؤلات حول الاستفادة الاقتصادية أو الدينية التي عادت على المصريين من إنفاق تلك الملايين.

10 ملايين طفل فقير

وفي نفس وقت افتتاح المسجد والكاتدرائية، يعاني 10 ملايين طفل من الفقر المدقع، وفقا للتقرير الوطني لتحليل فقر الأطفال متعدد الأبعاد، الذي اشتركت فيه وزارة التضامن الاجتماعي، والجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف).

وأشار التقرير إلى أن الفقر ليس قاصرًا على حالة العوز أو عدم توفر قدر معين من المال، بل هو نتيجة الجمع بين عدد من أشكال الحرمان.

ويقدر التقرير أن 10 ملايين طفل في مصر يعانون من الفقر المتعدد الأبعاد. ويقيس التقرير الحرمان بناء على 8 أبعاد تحدد رفاهية الطفل وتتضمن: الحصول على المياه، وخدمات الصرف الصحي، والمعلومات، وظروف الإسكان، والصحة، والتغذية، والتعليم، والحماية.

وتبين نتائج تقرير فقر الأطفال متعدد الأبعاد أن الأسباب الرئيسية لفقر الأطفال في مصر هي: الصحة، والتغذية، وحماية الطفل. كما يسلط الضوء على أن انتشار الفقر متعدد الأبعاد يختلف باختلاف سن الطفل، والموقع الجغرافي، والخصائص الاجتماعية والاقتصادية للأطفال والأسر.

وتكشف الدراسة عن أن فقر الأطفال في المناطق الريفية أعلى في جميع الفئات العمرية مقارنة بالمناطق الحضرية. وفي المناطق الريفية يوجد 2 من كل 5 أطفال دون سن الخامسة فقراء، مقابل 1 من كل 4 أطفال في المناطق الحضرية.

وصرح اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء السابق، بأن الأطفال دون الخامسة هم الأكثر حرمانا بين جميع الأطفال، فنسبة 37 % منهم يعانون فقراً متعدد الأبعاد.

وبحسب برونو مايس، ممثل يونيسف في مصر، فإن “حالة الأطفال دون سن الخامسة تدعو إلى اتخاذ إجراءات آنية متعددة الأطياف، تشمل الصحة والتغذية والحماية فضلاً عن التعليم؛ وذلك لكسر الحلقة المفرغة لفقر الأطفال، ولكي نمكن الأطفال من البقاء على قيد الحياة والنمو والوصول لكامل إمكاناتهم”.

30 مليون مواطن تحت خط الفقر

ووسط ارتفاع كبير في الأسعار وخاصة المواد الغذائية والمعيشية، وفقًا لتقارير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فقد بلغت نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 27,8%، وفقًا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2015 ، وفي عام 2017 ذكر الجهاز أيضًا أن 27% من سكان مصر لا يستطيعون الوفاء باحتياجاتهم الأساسية.

ويقع 30 مليون مصري تحت خط الفقر وفق الإحصاءات الرسمية للعام الماضي، تزامنًا مع ذلك زيادة مرتفعة للأسعار ومعدل التضخم السنوي بنسبة 12,9% في مايو الماضي، كما ارتفعت الأسعار إلى 188,9 نقطة مقابل 182,8 نقطة خلال أبريل الماضي.

تضخم البطالة

وأوضح الجهاز أن نسبة الأسر التي تحصل على دخلها من العمل تبلغ 70,4 %، بينما تبلغ نسبة الأسر التي تعتمد في دخلها على التحويلات الخارجية 16,7 %، أما الأسر التي تعتمد في دخلها على القيمة الإيجارية التقديرية للمسكن فتبلغ 10,4 %، بينما تبلغ نسبة الأسر التي تعتمد في دخلها على الممتلكات 2 %، وذكر الجهاز أن 81,8% من الفقراء لا يستفيدون من التأمينات الاجتماعية، وأن 8,7% فقط من الفقراء مشتركون في التأمينات الاجتماعية، ونسبة المستفيدين من التأمينات الاجتماعية من الفقراء تبلغ 8,9%.

وأكد التقرير الإحصائي أن قيمة متوسط خط الفقر المتوقع للفرد في الشهر لا تتجاوز 322 جنيهًا، بينما وصلت قيمة متوسط خط الفقر الكلي للسكان 482 جنيهًا شهريًّا، ويقول الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: “إن معدل البطالة في مصر وصل إلى 12,5%”.

تعويم الجنيه

وتسبب تعويم الجنيه في تحمل الفقراء زيادة بالأسعار وصلت إلى 200%، في الوقت الذي لم ترتفع فيه الرواتب الخاصة بهم، وهو ما يقضي على الطبقة الوسطى، في حين كان يمكن تحميل الطبقة الغنية جزءًا من الأعباء أعلى من المواطن الفقير، وهذا لم يحدث رغم مطالب الخبراء الاقتصاديين بذلك قبل قرار تعويم الجنيه وارتفاع أسعار المواد البترولية والطاقة مؤخرًا.

وأكد خبراء اقتصاديون أن الوضع الحالي لا يدعو للتفاؤل كثيرا بشأن قدرة الحكومة على الحد من ارتفاع البطالة بين الشباب والحد من الفقر في مصر، وسط إصرار الحكومة على المزيد من رفع الدعم عن المواد البترولية والطاقة خلال الأشهر القليلة المقبلة لمواجهة العجز في الموازنة والتضخم، كذلك سعي الحكومة للتخلص من أكثر من ثلاثة ملايين موظف تنفيذًا لخطة الإصلاح الاقتصادي التي وضعها صندوق النقد الدولي قبل الموافقة على اقتراض مصر مؤخرًا.