في خطوة تهدف إلى تثبيت السيطرة الميدانية وتوسيع رقعة التوغل، تشهد مناطق واسعة من مخيم جباليا شمال قطاع غزة منذ ساعات الصباح ليوم الأحد 21 ديسمبر تصعيدًا عسكريًا خطيرًا، حيث توغلت آليات الاحتلال في عدة محاور وسط إطلاق نار كثيف وقصف مدفعي متواصل، ما حول المخيم إلى ساحة حرب مفتوحة من طرف واحد.
وتساءل مراقبون عن غياب الضامنين للاتفاق بمرحلته الأولى مع استمرار التوغل دون تدخل دولي يعكس ضعف دور الوسطاء، ويزيد من شعور السكان بالعزلة.
ووفقًا لشهادات ميدانية نقلها الصحفي عماد زقوت، تقدمت الآليات العسكرية الإسرائيلية باتجاه مناطق الترنس، والهوجة، ونصار، ودوار زايد، وشرعت في عمليات تجريف واسعة للأراضي ووضع مكعبات صفراء جديدة في المناطق التي توغلت فيها. هذه المكعبات تُستخدم عادة كعلامات ميدانية لتثبيت خطوط جديدة أو لتأمين مواقع تمركز عسكري، ما يشير إلى نية الاحتلال فرض واقع ميداني جديد يضيّق على السكان ويعزز وجوده العسكري.
الصحفي مصعب الشريف أكد أن التوغل تركز بشكل خاص في شارع الهوجة، حيث رافقته عمليات تجريف وإطلاق نار كثيف، فيما أشار حساب "غزة 24" إلى أن التوغل ترافق مع قصف مدفعي متواصل، ما زاد من حالة الهلع بين الأهالي.
https://x.com/ImadZakout/status/2002856899654377708
ووصف الناشط أحمد إبراهيم المشهد بأن "العدو يأكل جباليا"، موضحًا أن الاحتلال نقل المكعبات الصفراء في ثلاثة محاور: الأول من منطقة الترنس قرب محطة تمراز، والثاني من بداية شارع الهوجة حتى صالون الشعراوي، والثالث من دوار زايد باتجاه شارع حبوب. وأكد أن التوغل مصحوب بتغطية نارية كثيفة، ما جعل المخيم ساحة حرب من طرف واحد.
https://x.com/ahmadibraa123/status/2002856771527078323
أما الناشط علاء شعث فأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي حرّك "الخط الأصفر" في أكثر من نقطة، متجاوزًا المساحات المتفق عليها سابقًا. وأوضح أن بعض المناطق شهدت انزياحًا للخط بمقدار نصف كيلومتر، وفي مناطق أخرى وصل الانزياح إلى 800–1000 متر، محذرًا من أن استمرار هذا التقدم قد يصل بالخط إلى شارعين فقط من البحر، ما يعني تهديدًا مباشرًا لحياة المدنيين.
وفي ظل هذا التصعيد، عبّر ناشطون عن غضبهم من غياب الوسطاء والضامنين الدوليين، متسائلين عن دور المجتمع الدولي والأمة العربية والإسلامية في مواجهة ما وصفوه بالعدوان المستمر على غزة. واعتبروا أن الصمت المطبق والتواطؤ من بعض الأطراف الإقليمية والدولية يشجع الاحتلال على المضي في مخططاته دون رادع.
دلالات التوغل
فرض واقع جديد: وضع المكعبات الصفراء وتحريك الخطوط الميدانية يعكس محاولة الاحتلال إعادة رسم الحدود داخل المخيم، بما يتيح له السيطرة على مساحات إضافية.
رسالة ردع: القصف المدفعي الكثيف والتغطية النارية يهدفان إلى بث الرعب في صفوف المدنيين ومنع أي مقاومة محلية.
تآكل الاتفاقيات: الانزياح الكبير للخط الأصفر يؤكد أن الاحتلال يتجاوز التفاهمات السابقة، ما يثير مخاوف من توسع تدريجي نحو البحر.
واجتمع الوسطاء الضامنون لاتفاق وقف إطلاق النار في غزة بمدينة ميامي الأمريكية، أمس، لمراجعة تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق، والمضي قدمًا في الاستعدادات المرحلة الثانية، حسبما قال المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، مُضيفًا أن المرحلة الأولى حققت تقدمًا، شمل توسيع نطاق المساعدات الإنسانية، وإعادة جثث الأسرى الإسرائيليين، فضلًا عن الانسحاب الجزئي للقوات الإسرائيلية من القطاع، وخفض حدة الأعمال العدائية.
ومع قصف القوات الصهيونية مساء الجمعة 19 ديسمبر حفل زفاف داخل مدرسة تأوي نازحين في محيط مستشفى الدرة، بحي التفاح شمال شرقي مدينة غزة، ما تسبب في مجزرة مروعة. تساءل الأكاديمي السعودي ورئيس الايسيسكو عبدالعزيز بن عثمان التويجري@AOAltwaijri "أين وقف اطلاق النار؟ وأين الضامنون؟ وأين وأين؟.. #الكيان_الصهيوني_إرهابي_مجرم".
ويعيش مخيم جباليا اليوم واحدة من أعنف لحظات التصعيد، مع وضع علامات ميدانية جديدة تشير إلى نية الاحتلال فرض واقع مختلف على الأرض. بينما يصرّ الأهالي على الصمود.