مستشفى الخانكة أصبحت فى حالة يرثى لها فى زمن الانقلاب ..لا أطباء ولا أجهزة أو أدوية ولا مستلزمات طبية حتى أسرة المرضى تحولت إلى كهنة وبعضها يحتاج إلى صيانة…ورغم ذلك هناك قرارات متوالية برفع أسعار خدمات مستشفيات الصحة النفسية وعلاج الإدمان ما يجعل مصير المرضى فى خطر .
يشار إلى أن مستشفيات الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان تضم نحو 6660 سريرا للمرضى، للعلاج الداخلي، ولديها طاقة تشغيلية تصل إلى 5616 سريرا بالمستشفيات التابعة لها، وتستحوذ مستشفى الخانكة على النصيب الأكبر من تلك الأسرة، إذ تضم 1804 أسرة يليها مستشفى العباسية للصحة النفسية وتضم 1069 سريرا، ثم مستشفى حلوان للصحة النفسية وبها 331 سريرا، وتتوزع الأسرة المتبقية على مستشفيات الصحة النفسية في المحافظات.
وكشفت إحصائية للمرضى والأسرة بمستشفى الخانكة موجهة من إدارة المستشفى إلى أمين عام الأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان، أن إجمالي عدد الأسرّة في المستشفى يبلغ (1780) ويوجد (61 سريرا) بقسم 21 تحت الصيانة و(36 سرير) بأقسام الإدمان تحت الصيانة وبذلك يكون عدد الأسرة الفعلي 1683.
وأكدت الإحصائية، الصادرة في سبتمبر 2024، وجود 80 سريرا خاليا من أصل 132 سريرا في قسم إدمان تأهيل بمستشفى الخانكة ، بجانب 61 سريرًا خاليًا من أصل 65 سريرًا في أقسام إدمان دي توكس، وعشرة أسرة خالية في وحدة خفض الضرر، و23 سريرا في قسم التشخيص المزدوج، ومن بين 1780 سريرا في القسم الداخلي بمستشفى الخانكة يوجد 428 سريرًا خاليًا، و 1352 سريرًا شاغرًا.
إهمال الصيانة
في هذا السياق كشف مصدر طبي في مستشفى الخانكة للصحة النفسية أن المستشفى يوجد بها حاليًا أكثر من 150 سريرًا شاغرًا ومعطلا في كل من المبنى المميز وقسم العلاج المزدوج، لكنهم خارج الخدمة، نظرًا لوجود مشكلة في الصرف الصحي ودورات المياه بالمبنى، لم تعمل أيًا من الإدارات السابقة والحالية للمستشفى وللأمانة العامة للصحة النفسية، على حلها، مؤكدًا أن قسم 21 بالمستشفى متوقف عن العمل منذ 18 عاما وبه 70 سريرا خارج الخدمة، نتيجة توقف أعمال الترميم للمبنى.
وقال المصدر: مستشفى الخانكة مليء بالأسرّة الشاغرة؛ فهناك مبنى كامل به حوالي 120 سريرًا فارغًا، بحجة أن الحمامات لا تعمل، وهذا الوضع مستمر منذ 6 أو 7 سنوات، وهناك مبنى آخر يتسع لنحو 60 سريرًا متروك دون استخدام، بينما معظم أقسام المستشفى بها أماكن شاغرة كثيرة، وبالطبع هذا بخلاف “دائرة المودعين” التي لا يمكن المساس بها، فهي دائمًا مزدحمة لأن الدخول إليها يتم عن طريق مكتب التعاون الدولي بمكتب النائب العام، وبموجب حكم قضائي بالإيداع للعلاج حتى الشفاء، وتتم مراجعة حالة المريض مرة سنويًا لتقرير خروجه.
وأوضح أن بقاء تلك الأسرّة معطلة طيلة هذه السنوات، أدى إلى حرمان العديد من حالات المرضى النفسيين ومرضى الإدمان من الحجز في القسم الداخلي بالمستشفى، وكان الموظفون بالمستشفى يخبرون ذويهم بأنه لا يوجد أسرّة شاغرة بالمستشفى، لافتا إلى أن إهمال أعمال الصيانة والترميم أدت إلى إهدار للمال العام؛ إذ كانت تبدأ أسعار الإقامة الداخلية في المستشفى، من 750 جنيها شهريًا وتتراوح بين 1500 جنيه إلى 3000 جنيه شهريًا، وذلك قبل القرار الأخير لوزير صحة الانقلاب بزيادة أسعار خدمات الصحة النفسية، لتتراوح الأسعار طبقًا للائحة الجديدة بين 150 إلى 380 جنيها في الليلة الواحدة، حسب درجة الإقامة.
وأشار المصدر إلى أن أعداد طاقم التمريض في مستشفى الخانكة تتجاوز 1100، بينما عدد الأطباء النفسيين يزيد على 100 طبيب، كما يوجد أطباء في تخصصات أخرى مثل: أمراض الباطنة والجلدية والأشعة والعلاج الطبيعي والأسنان، والذين يعملون بنظام التعاقدات، وفي المقابل يوجد بالمستشفى نقص حاد في الأخصائيين الاجتماعيين والنفسيين والإداريين.
وتابع: الإداريون، يبلغ عددهم حوالي 54 أو 55، وهو عدد قليل جدًا بالنسبة لحجم المستشفى، كما أن عدد الأخصائيين الاجتماعيين، وهم عنصر مهم جدًا في المستشفى، يتراوح بين 23 و 24 شخصًا، ولم يتم تعيين أي شخص في هذا التخصص منذ 15 عامًا، وبعضهم منتدبون من جهات أخرى، أما الأخصائيون النفسيون، فيبلغ عددهم نحو أربعة أو ثلاثة فقط، والمستشفى في أمس الحاجة إليهم، نظرًا لحجم العمل المطلوب منهم مثل اختبارات ذكاء، واختبارات نفسية، وجلسات علاج نفسي.
دائرة المودعين
واوضح مسؤول إداري سابق بمستشفى الخانكة أن عدد أقسام المستشفى يصل إلى نحو ثلاثين قسمًا، إذ يوجد عشرة أقسام داخل ما يسمى بـ “دائرة المودعين”، وهذه الأقسام العشرة تم ترميم بعضها ورفع كفاءته، بينما لا يزال البعض الآخر على حالته القديمة، وتتبع هذه الدائرة وحدها وزارة داخلية الانقلاب لاحتوائها على المرضى المودعين بموجب أمر قضائي، بعد ارتكابهم جرائم قتل أو اغتصاب، نتيجة لمرضهم النفسي، فيتم إيداعهم بالدائرة لحين شفائهم، أما بقية الأقسام، والتي يبلغ عددها عشرين قسمًا ، فإن القسم الواحد يمتد على مساحة شاسعة، تضم حديقة كبيرة تعود إلى أكثر من 120 عامًا.
وكشف المسؤول السابق، الذي رفض ذكر اسمه، أن القسم رقم 21 هو آخر قسم في المستشفى، وهو مهجور منذ نحو 20 عامًا، أو أكثر، مشيرا إلى أنه في عام 2016، كان هناك مقاول يستعد لتغيير السيراميك وتجديد شبكة الصرف الصحي والمرافق والحمامات وغيرها، لكن أعمال الترميم تعطلت وظل مغلقًا حتى الآن، رغم أن سعة هذا القسم تتجاوز 70 سريرًا، أي أنه مستشفى قائم بذاته.
وأضاف : أي قسم في مستشفى الخانكة يتجاوز في سعته بعض المستشفيات مثل: مستشفى مصر الجديدة بالمطار، التي تبلغ سعتها الإجمالية 76 سريرًا فقط، بينما لديّنا قسم واحد بسعة 70 سريرًا، وهو بمثابة مستشفى متكامل، والقوى البشرية متوفرة لتشغيل القسم 21، الذي لا يزال تحت التطوير.
مشكلات إدارية
وأوضح المسؤول السابق أن قسم العلاج المزدوج، وهو القسم رقم 4، ظل تحت أعمال التطوير لمدة 7 سنوات، ثم توفي المقاول وتم إسناد العمل لآخر، وواجه المشروع مشكلات إدارية وتأخيرات كثيرة، إلى أن تم افتتاحه منذ عامين تقريبًا، مشيرًا إلى أن تكلفة العلاج فيه تبلغ 3000 أو 3500 جنيه على الأقل، ومن المتوقع أن ترتفع التكلفة مع اللائحة الجديدة.
وتابع : القسم 21 المغلق، لا علاقة له بعلاج الإدمان، ولكنه قسم يمكن تشغيله كمركز لعلاج إدمان السيدات، أو إدمان المراهقين، لأنه على مستوى الجمهورية، لا توجد أماكن كافية لحجز المرضى الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا، وهؤلاء يخضعون للمادة 12، حيث يكون لديهم وصي، سواء الأب أو الأم، أو قرار وصاية في حالة اليتيم، وفي حين تتعرض حياة المراهق مريض الإدمان في الخارج للخطر، فإن غالبية مستشفيات الصحة النفسية لا تقبله، باستثناء مستشفى حلوان ومستشفى العباسية اللتان يوجد بهما قسم مخصص للمراهقين (للحجز الداخلي وليس فقط للعيادات الخارجية)، وربما يوجد قسم مماثل في مستشفى المعمورة.