الرواية الرسمية: «النهضة» وراء الفيضان» .. وخبير سدود : حكومة الانقلاب وراء غرق أراضي طرح النهر لهذا السبب ؟

- ‎فيتقارير

الدولة تستغل الفيضانات لتوجيه التهمة إلى «النهضة» — وخبير السدود يقول إنها فِعلها

 

لليوم الخامس على التوالي، تغمر مياه النيل أراضي وبيوتًا في محافظات مصرية عدة، أبرزها المنوفية والبحيرة والمنيا، في أزمة تشكّل هاجسًا أمام السكان والسلطات المحلية. لكن خلف الرواية الرسمية التي تحمّل «سدّ النهضة» الأثيوبي المسؤولية، تتكشف اليوم حقائق مُثيرة للجدل، وفق تصريحات الدكتور محمد حافظ، أستاذ هندسة السدود وخبير الموارد المائية.

 

الرواية الرسمية: «النهضة» وراء الفيضان

 

تقول الوزارات المعنية ووسائل الإعلام التي تدعمها: إن فيضان نهر النيل هذا العام ناجم عن تصريف كميات كبيرة من المياه من بحيرة سدّ النهضة، ما فاق القدرة الاستيعابية للنهر وفروعه، فاضطرّت السلطات إلى فتح بوابات السد العالي لتفريغ الضغط، مما أدى إلى غمر أراضي طرح النهر. وقد نُقلت تصريحات عدة لمسؤولين أشاروا إلى أن غمر الأراضي «أمر طبيعي» عند ارتفاع المنسوب، وأن المتضرّرون هم من تعدّوا على حرم النهر.

 

في المقابل، يرفض الدكتور حافظ هذه الرواية كلية، ويُحذّر من أن الحكومة نفسها هي التي تتحمّل المسؤولية المباشرة عن غرق أراضي طرح النهر — بل إنها استخدمت تلك الكارثة لتحقيق أهداف استراتيجية.

 

تصريحات الدكتور حافظ: من هو ومن يقول؟

 

من خلال مقابلات تلفزيونية ومنشورات على وسائل التواصل، أثار الدكتور محمد حافظ جدلاً واسعاً بتصريحه:

 

«فتح بوابات في قاع السد العالي هو المسبّب الحقيقي لغرق الأراضي، وليس سد النهضة»

«أتحدى وزير الري: سد النهضة بريء من غرق أراضي طرح النهر»

«الحكومة تتنصل من المسؤولية؛ البلد هي التي أطلقت المياه»

 

في فيديوهات متداولة، كشف أن مفيض توشكى قد أُغلق بشكل متعمد، وأن بوابات الري في السد العالي فُتحت بكمّيات تفوق الحاجة الفعلية، بدلاً من إدارة تصريف المياه تدريجيًا. بحسبه، فإن الغرض الحقيقي من ذلك هو إغراق أراضي طرح النهر، لإجبار أصحابها على الإخلاء، تمهيدًا لبيعها لاحقًا — «للسيّيسي ومن يدور في فلكه، وأحيانًا تُباع لبعض الدول الخليجية»، كما وصف.

 

ويمضي إلى زعم أن تلك الأراضي — التي تُعدّ من أغنى أراضي مصر الزراعية — تُحوَّل إلى مشاريع استثمارية أو بيع عقاري بعد الإخلاء القسري للسكان.

 

كما يشير إلى أن الفيضانات التي وصلت لعمق مترين في بعض القرى إنما نتجت عن قرارات إدارة المياه في السد العالي وليس عن تدفق مياه فيضان طبيعي من إثيوبيا أو السودان.

 

ترجمة الحدث إلى واقع ميداني

 

في المنيا، أعلن المسؤولون إخلاء بعض القرى، لخطورة ارتفاع المنسوب.

 

في الغربية، صدرت تحذيرات رسمية بعدم الاقتراب من ضفاف النيل أو ممارسة أي نشاط بالمنطقة المنخفضة.

 

في البحيرة، غُمرت محاصيل الكفاف (فراولة، فاصوليا، الذرة) بمياه الفيضانات، واضطرّ الأهالي إلى التنقل عبر القرى مشياً في مياه تتجاوز مترين.

 

في المنوفية، غمرت مياه النيل نحو 1,124 فدانًا في 4 مراكز، وأُعلن عن حالة طوارئ وإخلاء المنازل التي تقع داخل حرم النهر.

 

رغم كل ذلك، تواصل الحكومة الدفاع عن موقفها، وتصف المتضرّرين بأنهم «مُخالفون أو متعدّون على الأملاك المائية» دون أي اعتماد صريح على تقارير فنية موضوعية تُثبت هذه الادعاءات.

 

قراءة تحليلية: من يربح من الكارثة؟

 

من منظور الدكتور حافظ، فإن الحكومة بفتح البوابات، وإغلاق المفيض ــ وخصوصًا مفيض توشكى ــ تتحكّم في تدفق المياه، فتختار أي الأراضي تُغمر وأيها تُحفظ. وهي بمنتهى البساطة تفرض حالة إخلاء على المزارعين، تمهيدًا للاستحواذ على الأراضي «بأسعار زهيدة أو عبر صفقات تخصّ المقربين».

 

إذا ثبت أن هذه الرواية صحيحة، فإن الكارثة ليست «فيضانات طبيعية» بل «عملية هندسية محكمة» تستهدف تغيير الملكيات في مناطق استراتيجية تستفيد من قربها من النيل، فيدل على أن الحكومة لا تواجه فيضانًا، بل تُمارس سياسة إعادة تموضع ملكيات عبر عنصر قسري.