هل باع السيسي بذور وتقاوى مصر ؟

- ‎فيمقالات

بقلم / محمد الفاتح 

يبدو أن مسلسل بيع أصول مصر لم يتوقف عند الأراضي والموانئ والمياه، بل امتد ليطال مركز البحوث الزراعية، الذي أُنشئ منذ السبعينيات كذراع وطني مستقل لتطوير التقاوي وحماية الأمن الغذائي.

هذا الصرح البحثي الذي ظل لعقود مصدرًا لأصناف مدعومة يعتمد عليها الفلاح المصري، يُدفع اليوم إلى التحول لشركة مساهمة، تدخل فيها أطراف تجارية وخاصة، بل وربما عسكرية، لتصبح البذور – عصب الزراعة – سلعة في قبضة الشركات لا حقًا للمزارعين.

 

القرار، الذي أصدره رئيس المركز عادل عبد العظيم، أثار مخاوف عميقة لدى خبراء وباحثين، إذ يرون أن الخطوة تغيّر الدور التاريخي للمركز من مؤسسة وطنية محايدة إلى ذراع يخدم مصالح الشركات، وفي مقدمتها الشركة الدولية لإنتاج التقاوي، المملوكة لعبد السلام الجبلي، أحد رجال النظام الحالي وقيادات "مستقبل وطن"، المتهم سابقًا في قضية احتكار.

 

الأخطر أن هناك مناقشات جارية لإشراك جهاز مستقبل مصر للتنمية المستدامة، التابع للقوات الجوية، في هذا الكيان الجديد، في استمرار واضح لتمدّد المؤسسة العسكرية في مفاصل الاقتصاد، وبخاصة في ملف الأمن الغذائي.

 

التحول لا يقتصر على الجانب الإداري، بل يمس حياة ملايين الفلاحين والمستهلكين:

 

ارتفاع أسعار التقاوي بات شبه مؤكد مع دخول الشركات الباحثة عن الربح.

 

تهديد السيادة الغذائية عبر وضع بذور المصريين تحت قبضة شركات محلية وأجنبية.

 

تجريد الفلاح من حقه التاريخي في حفظ وتبادل بذوره، مع فرض قيود وغرامات تصل إلى الحبس.

 

نشر البذور العقيمة التي تجبر المزارع على شراء بذور جديدة كل موسم، ما يزيد تبعيته للشركات.

 

ويرى مراقبون أن ما يجري ليس سوى حلقة جديدة في سياسة السيسي لخصخصة كل ما هو عام: «بعد المياه جاء الدور على البذور». ومعه يتحول مركز البحوث الزراعية من حصن للسيادة الغذائية إلى شركة تحت رحمة السوق، والفلاح الصغير هو الحلقة الأضعف دائمًا.

 

بهذا، يخطو النظام خطوة خطيرة قد تضع غذاء المصريين في يد من يدفع أكثر، فيما يواصل  المنقلب السيسي تحويل مؤسسات الدولة إلى شركات ربحية خاصة، غير آبه بما يمثله ذلك من تهديد مباشر على مستقبل الزراعة والأمن الغذائي.