وفد صهيوني بالقاهرة وزيادة مثيرة للجدل ..قراءة في الدوافع بزمن الابن الوفي

- ‎فيتقارير

 إذا كان حسني مبارك يُنظر إليه تاريخياً كـ«كنز استراتيجي لإسرائيل»، فإن ما يحدث اليوم تحت حكم  المنقلب  السفاح عبد الفتاح السيسي يضع القاهرة في موقع أقرب إلى «ابن» هذا الكيان من شريك مستقل: تطبيع أمني متزايد، انغماس اقتصادي، واحتكار استخدام الجيش لحماية مصالح ليست شعبية. زيارة الوفد الإسرائيلي الأخيرة إلى القاهرة لبحث «الترتيبات الأمنية على الحدود» ليست حدثاً اعتيادياً بل مؤشر واضح على عمق التنسيق، الذي جرى وفق مصادر صحافية بتنسيق أمريكي ومطالب إسرائيلية مباشرة

ماذا حصل؟ وما مغزاه السياسي؟

أمس زار القاهرة وفد إسرائيلي رفيع المستوى لمناقشة مسائل أمنية تتعلق بالمناطق الحدودية مع قطاع غزة، الزيارة جاءت سريعاً بعد هدوء ملحوظ في خطاب القاهرة الإعلامي والسياسي تجاه تل أبيب، ما أعاد إلى الواجهة سؤال العلاقة الحقيقية بين المصالح المصرية الرسمية ومطالب الحليف الإسرائيلي، ودرجة استقلالية القرار المصري أمام ضغوط واشنطن وتل أبيب

لماذا هذه الزيارة مثيرة للقلق؟ قراءة في الدوافع

1. التنسيق الأمني العسكري المباشر: الحديث عن «ترتيبات أمنية» يضع الجيش المصري في قلب علاقة لا تبدو متكافئة؛ الجانب الإسرائيلي يطالب بضمانات عن الحدود وممرات الحركة، ومثل هذا التنسيق يترجم عملياً إلى تحميل مصر مهمة ضبط الحدود لصالح أمن إسرائيلي مباشر

2. ضغوط دولية—أميركية: تقارير صحافية ذكرت أن الزيارة تمت «بناءً على مطلب إسرائيلي وتنسيق أميركي»، ما يشير إلى دور واشنطن في توجيه التحركات الإقليمية التي تتجاوز مصالح القاهرة الوطنية الضيقة

3. قناة رسمية مشدودة ومخارج دبلوماسية: استخدام هيئة الاستعلامات وأصوات رسمية من النوع الذي يمثله ضياء رشوان للتعامل مع الملفات الحساسة يدل على إدارة مُحسوبة للخطاب العام: تصعيد للّحن أحياناً ثم تليين للتقارير أو التراجع عندما تتطلب المصلحة الرسمية ذلك. هذا ما لاحظه محللون في تعامل الهيئة مع قضايا سابقة، وهو أسلوب يخدم سياسة «التهدئة الممنوحة» للجانب الإسرائيلي عند الحاجة

 

ما الذي تعنيه هذه العودة إلى «دور التبعية»؟

علاقة القاهرة الحالية مع تل أبيب لا تُقاس فقط بالزيارات الرسمية، بل بقرارات اقتصادية وسياسات أمنية تفضِّل الاستقرار المادي والسياسي لقطاعات ومؤسساتٍ بعينها — أحياناً على حساب الأمن الاجتماعي والاقتصادي للمواطنين. عندما يُستخدم الجيش كقوة «حامية» لمصالح لا تعبر عن إرادة عامة، وعندما تُضخ موارد ضخمة في مشاريع لا تظهر مردودها للعامة، فإن ثمن هذه الشراكة سيدفعه المواطن المصري أولاً

لماذا تراجعت لهجة الهيئة؟ وماذا يعني ذلك؟

الهيئة العامة للاستعلامات ولشخصيات مثل ضياء رشوان تحاول أحياناً ممارسة دور المعرّف والضابط للخطاب الرسمي: التصعيد كتحذير، ثم التراجع كإجراء تكتيكي يترك للإدارات السياسية مساحات للتفاوض، هذا «التراجع» ليس بالضرورة اعترافاً بخطأ، بل تكتيك دبلوماسي يظهر التفاف السلطة حول مصالح عليا تُقدَّم على الحسابات الشعبية

الاستنتاج: ثمن يصعب دفعه من دون مساءلة

إذا كانت إسرائيل قد اعتبرت مبارك «شريكاً استراتيجياً»، فإن إدارة السيسي ذهبت أبعد في تحويل العلاقة إلى اعتماد أمني واقتصادي واضح. لكن السؤال الأكبر: من سيدفع ثمن هذا الانحياز؟ نحن لا نتحدث هنا عن «ثمن» رمزي فحسب، بل عن نتائج ملموسة: مزيد من الإنفاق على مشاريع أمنية غير شفافة، تقويض للمساءلة المدنية، وإحباط لمطالب شعبية واضحة، بدلاً من أن تقول الدولة للمواطنين لماذا تُقدِم على هذه التحالفات، تَستخدم أدوات السلطة لطمأنة الخارج وكتم الأصوات داخلياً

خاتمة تصريحات 

لا يكفي أن تُصنّف زيارة وفد إسرائيلي كحادث يعود للطبيعة العادية للعلاقات الدولية، إذا كانت دول تدعم انقلاباً سياسياً قدّموه دولياً وإقليمياً، فستُطلب منهم ومن حماة السلطة في الداخل مساءلة واضحة — سياسياً، وأخلاقياً، وقانونياً، على الصحافة المستقلة والجهات الرقابية أن ترفع الصوت: الشفافية مسؤولية وطنية، والتنسيق الأمني لا ينبغي أن يتحول إلى ورقة تُسحب من تحت أقدام الشعب المصري