في مشهد يلخص حجم المأساة الإنسانية التي صنعها الانقلاب العسكري في مصر، اضطرت إسراء النجار، زوجة المحامي المعتقل أسامة مرسي نجل الرئيس الشرعي الشهيد الدكتور محمد مرسي، إلى الاستعانة بالذكاء الاصطناعي لإنتاج صورة رقمية تجمع زوجها مع طفله "محمد" الذي لم يره منذ ولادته، قبل تسع سنوات كاملة.
ولد محمد في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، أي قبل أقل من شهر من اعتقال والده، ومنذ ذلك الحين لم تجمعهما أي صورة حقيقية سوى لحظة عابرة داخل قاعة المحكمة، ليظل الابن محرومًا من رؤية أبيه، والأب ممنوعًا من احتضان طفله، بقرار سياسي قمعي يتنافى مع أبسط القيم الإنسانية.
تقول والدته عبر منشور على "فيسبوك": "كان نفسي أشوفهم مع بعض"، موضحة أن اللجوء إلى التكنولوجيا لم يكن إلا محاولة لتخفيف ألم الغياب القسري الذي فرضه المنقلب عبد الفتاح السيسي على عائلة الرئيس الشهيد وذريته.
أسامة مرسي يقضي محكوميته منذ اعتقاله في 8 كانون الأول/ ديسمبر 2016، متنقلاً بين سجن العقرب شديد الحراسة وسجن بدر 3، في ظروف وصفتها منظمات حقوقية بأنها "غير إنسانية"، وسط حرمان كامل من الزيارة والتواصل مع أسرته، ليبقى نموذجًا صارخًا على سياسة الانتقام التي ينتهجها النظام ضد خصومه.
الصورة الافتراضية التي جمعت الأب والابن سرعان ما لاقت تفاعلاً واسعًا على مواقع التواصل، حيث اعتبرها النشطاء شهادة مؤلمة على الظلم المستمر لعائلات المعتقلين، ورسالة بليغة تكشف الوجه القاسي للنظام العسكري.
https://www.facebook.com/esraa.elnaggar.963/posts/2779830448879101?ref=embed_post
وفي سياق متصل، خرجت والدة المعتقل عبد الرحمن محسن، الطالب الذي اعتُقل منذ 29 آب/ أغسطس 2019 وهو في الصف الثاني الثانوي، لتوجه نداءً جديدًا تطالب فيه بالكشف عن مصيره بعد 6 سنوات من الإخفاء القسري، مؤكدة أنها لم تره أو تسمع صوته منذ لحظة اعتقاله.
هذه القصص المؤلمة تأتي وسط دعوات حقوقية متزايدة للإفراج عن المعتقلين وفتح قنوات تواصلهم مع أسرهم، في ظل تجاهل تام من سلطات الانقلاب لكل القوانين المحلية والدولية التي تضمن الحق في الحياة الأسرية والزيارة الإنسانية، وهو ما يؤكد أن مصر تحولت في عهد السيسي إلى سجن كبير يفتك بأبنائها.