يواصل نظام المنقلب السفيه عبد الفتاح السيسي نهج رفع أسعار الخدمات الأساسية من كهرباء وغاز ومياه بشكل متتالٍ، في وقتٍ تعاني فيه أغلبية المصريين من ارتفاع معدلات الفقر وتآكل الدخول، وهو ما يجعل أي زيادة جديدة بمثابة عبء إضافي على الأسر التي تكافح لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتها.
تضارب رسمي.. وتأجيل مشكوك فيه
فبينما أكدت مصادر حكومية أن زيادة أسعار الكهرباء قد تُؤجل حتى نهاية 2025 أو حتى يناير 2026، خرجت وزارة الكهرباء لتؤكد العكس، مشيرة إلى أن الزيادات ستُطبَّق بالفعل مع فاتورة سبتمبر/ أيلول الجاري، بنسب تتراوح بين 15 و25% للشرائح الأولى، وتصل إلى 45% في الشرائح الأعلى استهلاكًا.
وزير الكهرباء محمود عصمت عرض أمام مجلس الوزراء خطة عاجلة لرفع الأسعار، مبرراً ذلك بـ"ارتفاع تكلفة الإنتاج"، في حين يرى بعض المسؤولين أن التراجع النسبي للتضخم والمكاسب التي حققها الجنيه أمام الدولار تمنح الحكومة مساحة لتأجيل هذه الزيادات، لكن التجارب السابقة تثبت أن قرارات الزيادة لا تُلغى، بل تؤجَّل لحين تمريرها سياسياً.
الأرقام تكشف.. الفقر في مواجهة الفواتير
وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، فإن معدلات الفقر في مصر بلغت نحو 29.7% من السكان (أكثر من 30 مليون مواطن)، فيما يعيش ما يقرب من 60% من المصريين عند خط الفقر أو قريباً منه، بدخل لا يتجاوز في المتوسط 2000–3000 جنيه شهرياً للأسرة، بينما تقارير البنك الدولي تشير إلى أن نصف المصريين تقريباً "مهددون بالفقر".
في المقابل، تأتي زيادات الكهرباء الأخيرة بنسبة 14–40% بين أغسطس وسبتمبر 2024، عقب تعويم الجنيه الذي ضاعف تكلفة الإنتاج، أي أن الأسرة التي كانت تدفع 200 جنيه للكهرباء شهرياً، قد تجد نفسها مطالبة الآن بـ300 أو 350 جنيهاً على الأقل، وهو ما يعادل نحو 15% من دخل الفقراء.
التحول من الدعم السلعي إلى النقدي.. خطوة نحو المزيد من الأعباء
الحكومة تعلن بوضوح أن الدعم السلعي في طريقه للتلاشي، فقد أكد رئيس لجنة الخطة والموازنة فخري الفقي أن دعم المحروقات سيتراجع من 155 مليار جنيه حالياً إلى 75 ملياراً فقط بحلول 2027، مع مراجعة أسعار الطاقة كل 3 أشهر وفقاً للسوق العالمية.
هذه السياسة تعني أن المواطن بات مرهوناً لتقلبات الدولار وأسعار النفط، في حين أن دخله يظل ثابتاً أو في أفضل الأحوال يرتفع بنسب ضئيلة لا تقارن بالتضخم أو بزيادات الفواتير.
خصخصة تدريجية.. وفتح الباب للشركات
من اللافت أن الحكومة فصلت في إبريل الماضي الشركة المصرية لنقل الكهرباء عن الشركة القابضة، تمهيداً لتحرير سوق الكهرباء وفتح المجال أمام القطاع الخاص، ما يثير المخاوف من أن المواطن قد يجد نفسه قريباً يدفع فواتير مضاعفة لشركات خاصة تسعى لتحقيق أرباح، بعيداً عن أي التزام اجتماعي.
خلاصة
بينما يتحدث النظام عن "الإصلاح الاقتصادي" و"خفض عجز الموازنة"، يعيش المواطن المصري واقعاً مختلفاً: زيادات متلاحقة في أسعار الخدمات الأساسية مقابل دخول شبه مجمدة، في بلدٍ يرزح ثلث سكانه تحت خط الفقر.
السؤال الأهم: هل أصبح تأجيل أو تمرير زيادات الكهرباء والغاز مجرد تكتيك سياسي، بينما النتيجة الحتمية أن المصريين هم من يدفعون الثمن؟