رعب في إيطاليا  من تكرار “ريجيني جديد” بعد الحكم بالمؤبد على لويجي باسّيري بالقاهرة

- ‎فيحريات

 

تقف العلاقات الإيطالية المصرية ، على وشك القطيعة من جديد، مع استمرار العقلية الأمنية القمعية بمصر، وعدم مراعاة حقوق الإنسان بمصر، للمحاكمين، بالجرائم السياسية أو الجنائية بالبلاد.

وبعد جريمة قتل سلطات السيسي للشاب الإيطالي جوليو ريجيني، وحبس الباحث الإيطالي باتريك زكي، لسنوات بمصر، قامت السلطات المصرية بالحكم على شاب إيطالي الجنسية بالمؤبد بقضية مخدرات، في ظروف غامضة، ودون حضور لممثلي السفارة الإيطالية بمصر، أو توفير ظروف مناسبة للمحاكمة، وهو ما أثار الرعب في أوساط السياسيين الإيطاليين، من تكرار مأساة ريجيني.

 

وقد كتبت  المستشارة في المجلس المحلي لمدينة بيسكارا عن الحزب الديمقراطي (المعارض) ميكيلا دي ستيفانو، منشورا على حسابها الشخصي، يوم الخميس الماضي،  “لقد كان الحكم الصادر بحق جاكومو باسّيري ثقيلا للغاية وغير مقبول، ونرى أنه موضع شك وغير مدعم بأدلة، ويتعين على الخارجية الإيطالية التقدم بطلب لتسليم الشاب وإنقاذه”.

 

متحدثة عن الحكم الصادر من محكمة الجنايات المصرية يوم الاثنين الماضي بالسجن لمدة 25 عاما بحق الشاب الإيطالي لويجي جاكومو باسيري (31 عاما من أصول سيراليونية) بعد أن وجهت إليه تهمة حيازة مخدرات وتهريبها وإيداعه سجن بدر منذ نحو عام.

 

وتابعت دي ستيفانو: “سوف أناقش المذكرة التي تقدمت بها إلى عمدة بيسكارا خلال الاجتماع المقبل للمجلس المحلي للمدينة يوم الثلاثاء المقبل، ومن الواجب، في هذه المرحلة، أن يمارس عمدة مدينتنا ضغوطه على وزارة الخارجية وأن يطالب بتدخل الوزير تاياني شخصيا، وأن يثير هذه القضية أيضا خلال الاجتماع المقبل لمجموعة الدول السبع للتعاون الدولي والذي سيعقد يومي 24-25 أكتوبر في بيسكارا”.

وأضافت: “يتعين علينا أن نواصل العمل معا لضمان عدم حرمان أي شخص من حريته وحقوقه الأساسية، تماما كما يجب أن نواصل السعي للحصول على الحقيقة والعدالة لمن، مثل جوليو ريجيني، لم يحصل عليها بعد”.

 

مذكرة إلى عمدة بيسكارا

وأوضحت، في تصريحات لموقع “بيسكارا” المحلي، الجمعة الماضية : “إننا في تكتل الحزب الديمقراطي في بيسكارا نشعر بقلق متزايد ودهشة بشأن قضية لويجي جاكومو باسّيري لسببين: أولا، أن الحكم صدر بعد عام من إيداعه في أحد أقسى سجون العالم (سجن بدر) وتعذيبه ومعاملته مجرما عتيد الإجرام على الرغم من إقراره بأنه بريء، وثانيا، لأن ما ضُبط بحوزته كانت كمية متواضعة من المخدرات، بينما اتهمته السلطات المصرية بحيازة كميات كبيرة من المخدرات والتهريب الدولي لها وابتلاع العديد من لفافات الكوكايين في بطنه”.

من جانبه، قال أنطونيو ماركو باسيري، شقيق المتهم، “شقيقي كان يقضي إجازة في مصر، حيث شعر بألم حاد في بطنه وطلب استدعاء طبيب للكشف عليه، ولما طال انتظاره ولم يأت أحد قرر مغادرة الفندق والتوجه إلى المستشفى، ولكنهم في الفندق أخبروه بأنه غير مسموح له بالمغادرة، وبعد ذلك بقليل وصلت الشرطة وكسرت باب غرفته ووضعت القيود في يديه وانهالت عليه ضربا وترويعا وتهديدا، ثم سقط مغشيا عليه ومن ثم نُقل إلى المستشفى مع الاشتباه بابتلاعه كمية من الكوكايين في بطنه، لكن الأمر لم يكن كذلك، حيث أجروا له أشعة مقطعية وطلب أحد الأطباء من الشرطة أن يدعوا الشاب لأن زائدته الدودية كانت على وشك الانفجار”.

 

وأضاف، في تصريحات خاصة لوكالة “أدنوكرونوس” الإيطالية نشرتها يوم الأربعاء الماضي، أن “لويجي مودع في زنزانة رائحتها كريهة وبها حشرات مع 14 جنائيا، صحيح أنه معافى جسديا، إلا أنه مدمر من الناحية النفسية، من المؤكد أننا سوف نستأنف على هذا الحكم، وفي الوقت ذاته نوجه نداء إلى الدولة بالتدخل”.

 

من ناحية أخرى، نقلت صحيفة “ليبيرو” اليمينية الإيطالية في عددها الصادر الجمعة الماضية، عن المحامي المصري لباسّيري، شعبان سعيد، قوله “سوف أطالب ببراءة موكلي وسأحصل عليها في القريب العاجل، وسوف أتقدم بطلب مواز للنائب العام لكي يأمر بتسليم باسيري إلى إيطاليا”. ورأى شعبان، بحسب الصحيفة، أن “إجراءات المحاكمة كانت غير سليمة، لأن المحامين لم يشاركوا في الجلسات، لذا، سوف أستأنف على هذا الحكم، وسوف أبذل قصارى جهدي لكي أحصل على البراءة لموكلي أمام محكمة الاستئناف”.

فيما أكدت وزارة الخارجية الإيطالية في بيان صدر يوم الاثنين الماضي، أن “السفارة الإيطالية بالقاهرة تواصل، مع التنسيق الوثيق مع الوزارة، متابعة القضية بأقصى قدر من الاهتمام، وذلك من خلال اتصالات مستمرة مع محامي الشاب الإيطالي، كما طلبت من السلطات المصرية التصريح عاجلا بزيارة مندوب من القنصلية الإيطالية للمتهم في السجن، من أجل تقديم كل المساعدات اللازمة”.

 

من جانبه، شدد وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني على أن “باسّيري وجد بحوزته كمية كبيرة من المخدرات، لا شك أن الحكم الصادر كان ثقيلاً، وسوف نواصل متابعتنا لمجريات الأمور، ومع ذلك كان ثمة تهريب للمخدرات”، مشيراً، في تصريحات صحفية يوم الخميس الماضي، على هامش اجتماع ريميني للصداقة بين الشعوب، إلى أن “الدليل على الجريمة تمثل في العثور بحوزته على 40 لفافة كوكايين (حوالي نصف كلجرم )، ولا أعتقد أن هذه الكمية  للاستخدام الشخصي، وإذا كانت حقا للاستخدام الشخصي، فما كان له أن يبتلعها، الشاهد إذاً أنه كان يهرب مخدرات”.

 

وما إن صدر الحكم على الشاب الإيطالي، سرعان ما انطلقت ردود أفعال المعارضة مطالبة الحكومة بالتدخل، وقد عبر كل من عضو مجلس النواب الإيطالي عن تحالف الخضر واليسار ماركو غريمالدي، والأمين العام لحزب اليسار الإيطالي في إقليم أبروتسو دانييلى ليكيري، في بيان صدر يوم الأربعاء الماضي، عن مزيج من “القلق والاستياء والدهشة من واقعة تتمثل فيها حقوق إنسان مسلوبة، لقد رأينا ما حدث في قضية ريجيني وقضية باتريك زكي، لذا لم يكن لدينا ثقة فيمن كان يردد أن الأمور في مصر تسير على ما يرام، لقد احتُجز باسيري من دون وجود مترجمين، وخضع للتحقيق من دون وجود محامين”.

 

 

بدوره، وصف مسؤول العلاقات الخارجية بحزب “إيطاليا حية” إيفان سكالفاروتو، الحكم بأنه “إدانة تفتقد معايير رشيدة”، مطالباً الوزير تاياني بـ”التواصل على الفور مع نظيره المصري، بالتوازي أيضا مع استدعاء السفير المصري بروما، للاحتجاج بأشد العبارات ضد قرار متجاوز يفتقد أي لياقة”.

 

هذا المطلب تقدم به أيضا كل من الأمين العام لحزب “أوروبا أكثر” ريكاردو ماغي، وعضو مجلس النواب عن حزب “+أوروبا” بينيديتو ديللا فيدوفا، حيث طالبا الخارجية الإيطالية ، باستدعاء السفير المصري، مؤكدين أن “الشراكة بين إيطاليا ومصر في مجالات الاقتصاد والطاقة والهجرة غير الشرعية لا يمكن أن تتجاهل واقعة أخرى من حكم قضائي متجاوز لا يمكن التسامح فيه بحق مواطن إيطالي”.

ويخيم مصير الشاب الايطالي جوليو ريجيني، الذي اعتقلته السلطات المصرية، وقتلته، في العام 2016، على عقول قلوب الإيطاليين، الذينلا يثقون بالسلطات المصرية والقضاء المصري، الذي يقوم بهندسة الأحكام لصالح السلطات الأمنية، والتي تقدم العديد من الروايات الكاذبة ، لتبرئة ساحتها، كما فععلت مع ريجيني، حينما كذبت أنها اعتقلته، ثم أعلنت أن من قتله  هم عصابة من خمسة أفراد قامت بقتلهم وتصفيتهم، ثم أعلنت أن ريجيني قتل في ظروف غامضة، ثم ثبت بالتحقيقات الإيطالية مشاركة أربعة ضباط مصريين بقتله، وتطالب إيطاليا بتسليمهم للمحاكمة بإيطاليا، دون استجابة من مصر.

ولعل ظروف الحبس غير الإنسانية التي تواجه السجناء بمصر، تثير قلق أيي انسا في العالم، لمحالفتها أبسط القواعد الإنسان والتي تسببتبمقتل الآلاف في السجون المصرية منذ الانقلاب العسكري، في مصر 2013.