قبل عدة أيام، انتشرت أخبار وصور امتداد عمليات الهدم والإزالة المستمرة لمقابر مصر إلى منطقة مدافن الإمام الشافعي في القاهرة، بحجة توسعة الطرق ومد الجسور لمزيد من السيولة المرورية، بحسب الرواية الحكومية.
وفي وقت سابق، ومع تصاعد الغضب الشعبي، اضطر المنقلب السفاح السيسي إلى تشكيل لجنة من الخبراء في يونيو الماضي، للوصول إلى رؤية متكاملة لتطوير المنطقة، ودراسة نقل المقابر الأثرية بمنطقة السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وتجميع رفات الرموز المصرية في حديقة الخالدين، وملحق بها متحف يضم القطع الفنية والأثرية الموجودة في تلك الجبانات للحفاظ عليها.
وتداول أهالي المنطقة صور الجبانات والمدافن الأثرية في المنطقة، ونددوا بعمليات الهدم العشوائي لتراث وتاريخ مصر الذي يعود إلى ما قبل 1300 عام حسب الخبراء، واعتبروه تغييرا لهوية مصر وعاصمتها التاريخية القاهرة، مذكرين بوعود النظام والحكومة بمراعاة الطابع التاريخي للمنطقة، والتي لم يلتزموا بها.
ومن ضمن المقابر المهددة بالإزالة "مدفن علي باشا فهمي " وهو من ضمن عدة مدافن تعد من روائع فن العمارة الإسلامية في قرافة الإمام الشافعي.
يشار إلى أن مقابر الإمام الشافعي تعد أثر إسلامي ، يمتد تاريخها إلى 1300 سنة.
كما يسارع السيسي الزمن لهدم مقابر حوش الباشا الأثرية التابعة لمنطقة مدافن الإمام الشافعي في القاهرة التاريخية، التي تندرج تحت المناطق الأثرية والمصنفة ضمن اليونسكو.
وتعود المقابر لأفراد من العائلة الملكية بأسرة محمد علي باشا.
وتحتوي تلك المقابر الأثرية على العديد من النقوش الإسلامية على شواهد القبر بداخلها والزخارف والألوان التي تزين القباب من الداخل وأيضا صور خارجية لمنطقة مدافن الإمام الشافعي تظهر فيها القباب من الخارج والمآذن التي تعلوها، وتعد تلك النقوش والزخارف تحفة معمارية ضمن الحضارة الإسلامية.
يشار إلى أن مقابر حوش الباشا بمنطقة مدافن الإمام الشافعي بالقاهرة مسجلة بوزارة السياحة والآثار ضمن قائمة الآثار الإسلامية والقبطية وتخضع لقانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983، والذي يجرم أي عمل يتلف أو يهدم أثرا.
بلدوز لا يتوقف
وفي الآونة الأخيرة، أزالت السلطات الانقلابية عددا كبيرا من المقابر التاريخية، التي يتجاوز عمر بعضها أكثر من ألف عام.
وكانت صحيفة المصري اليوم نقلت عن مصدر في تقرير نشرته يوم 16 مايو الماضي، "سيجري إزالة نحو 2700 مقبرة في منطقة القاهرة التاريخية ونقلها لأماكن جديدة في مدينة 15 مايو على مسافة 35 كيلو مترا من القاهرة، وفي مدينة العاشر من رمضان ضمن خطة لإجراء أعمال توسعة وتجديدات بعدة مناطق في العاصمة".
مشروع جنة الإمارات
ويستهدف مشروع تطوير القاهرة التاريخية إفراغ العاصمة القديمة من سكانها، وتهيئة أراضيها لصالح الشركات الاستثمارية الإماراتية، التي تخطط لبناء المشاريع الفاخرة في تلك المناطق، حيث سلم السيسي أراضي العديد من المناطق المهمة والاستراتيجية بالقاهرة للإمارات، كمناطق نزلة السمان بجوار الأهرامات، ومناطق أراضي الوراق الاستراتيجية بقلب النيل، وأراضي ماسبيرو ومصر القديمة وغيرها من المناطق الاستراتيجية، من أجل الأموال واسترضاء السيد الإماراتي، الراعي الأهم حتى الآن لانقلاب السيسي وعساكره.
ووفق موقع سبوتنيك الروسي، في23 مايو الماضي، كشف رجل الأعمال الإماراتي خلف الحبتور، أن مصر يمكنها أن تسدد القروض التي عليها إذا استجابت لإقامة مشروع في شارع صلاح سالم بالقاهرة.
وقال الحبتور في تصريحات تلفزيونية: إن "تطوير البنية التحتية في مصر والتي من بينها شبكة النقل الحديثة وإنشاء العديد من وسائل النقل القطار الكهربائي، المونوريل، عامل رئيسي من أجل جذب الاستثمار داخل البلاد".
وأضاف رجل الأعمال الإماراتي، أن المسؤولين في الإمارات يعملون من أجل خدمة الوطن، مشيرا إلى العديد من التسهيلات اللازمة التي تقدمها أبو ظبي لجذب الاستثمار.
وتابع “لكن رغم تطوير شبكة الطرق في مصر، تحتاج إلى طرق دعاية مختلفة من أجل جذب المستثمرين في مختلف المجالات”.
وأكد ، أنه تقدم لمسؤولين مصريين بفكرة مشروع من أجل تنفيذه داخل مصر، إلا أنه لم يتلق ردا على هذا المقترح، مشيرا إلى أن تكلفة هذا المشروع وصلت إلى حوالي 6 مليارات دولار.
وعن طبيعة المشروع أوضح الحبتور أنه أعد الدراسة ووضعها أمام مسؤولين، لافتا إلى أن المشروع يبدأ من الكلية الحربية حتى آخر شارع صلاح سالم، وقال “سأحول هذا الشارع إلى جنة الدنيا على الأرض”.
وتابع ، هذا المشروع سيكون أكبر بوابة وأهم من برلين ولندن وأكسفورد، وأكمل مصر الخير فيها كل شيء ما تحتاج لشيء، إذا عملت هذا المشروع ما تحتاج لقروض، وتقدر مصر تسدد قروضها”.
يشار إلى أن شارع صلاح سالم يحتوي على العديد من المقابر التي يجري إزالتها على قدم وساق، والميادين التاريخية التي تجري إزالتها أيضا، في الإمام الشافعي والسيدة نفيسة والسيدة عائشة ومناطق الأزهر والحسين وغيرها، وذلك من أجل تهيئة الأجواء لمشروع الإمارات في شارع صلاح سالم، وهو ما يتكتم عليه النظام العسكري في مصر، الذي لا يمانع في بيع أي من أراضي مصر لصالح الإمارات والممولين الخليجيين، كما فعل من قبل في تيران وصنافير ومساحات واسعة في مياه البحر المتوسط لصالح قبرص واليونان.