ترتفع سخونة الأجواء السياسية في شرق المتوسط بالتوازي مع ارتفاع درجات حرارة الصيف الملتهب في المنطقة وتصاعد لهيبها مع سعي أثينا لتسليح عدد من الجزر القريبة من السواحل التركية ما دفع أنقرة لمد فترة مناوراتها الجارية بالذخيرة الحية لتنطلق معها مجددا صافرة الإنذار من احتمالات وقوع مناوشات بين الجارين اللدودين.
وما يزيد الأمر تعقيدا إعلان وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو رفع القيود المفروضة على تصدير سلع وخدمات دفاعية لجمهورية قبرص الجنوبية للسنة المالية المقبلة، ما يؤكد أن الولايات المتحدة تحت إدارة ترمب لن تكون وسيطا مجديا في حل هذه الأزمة وهو ما استدعى ردا سريعا من جانب تركيا على هذه الخطوة عبر التلويح باتخاذ خطوات ضرورية للرد عليها.
واحدة من مستويات التعقيد للمشهد الساخن شرق المتوسط هو اشتعال الصراع بين دولتين عضوين في حلف شمال الأطلسي الناتو هما تركيا واليونان يضاف إلى الوضع المعقد أن تركيا ليست عضوا بالاتحاد الأوروبي في مقابل قبرص الجنوبية عضو الاتحاد خارج حلف الناتو ما يفتح أزمة جديدة وخطيرة تجر إليها دول قريبة وبعيد تضع عينيها على مخزون الغاز في البحر المتوسط.
تزعم اليونان أن الجزر العديدة والمتناثرة على حدود الشواطئ التركية تمنحها الحق في التنقيب عن موارد الطاقة طبقا لمعاهدات ترسيم الحدود القديمة الأمر الذي ترفضه تركيا انطلاقا من حقها الطبيعي وفقا لقانون البحار في الاستفادة من موارد الطاقة في جرفها القاري .
ورغم تهديد الاتحاد الأوروبي الجمعة الماضية بفرض مزيد من العقوبات على تركيا ما لم يحدث تقدم في المفاوضات مع أثينا تكشف تصريحات الرئيس التركي إصرار بلاده على فرض واقع جديد يتجاوز حدود الماضي الجائرة.
المحلل السياسي التركي حمزة تكين، رأى أن رفع حظر تصدير السلاح عن قبرص اليونانية يعد خطوة تصعيدية من قبل الجانب الأمريكي ولن تزيد هذه الخطوة وفق تركيا والمسؤولين الأتراك إلا من تأزيم الأزمة الموجودة شرقي البحر المتوسط.
وتساءل تكين في حواره مع برنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين": ما الداعي لتلك الخطوة من جانب أمريكا في هذا التوقيت على الرغم من عدم وجود تهديد عسكري لقبرص الرومية؟ وأضاف تكين أن تركيا لن تقف مكتوفة اليدين على هذه الخطوة الأمريكية، والرد التركي الأولي بدأ وسيستمر خلال الساعات المقبلة لحشد المزيد من لدعم والتأييد لقبرص التركية سياسيا وعسكريا.
وأوضح تكين أن الداخل التركي يدرك أن أنقرة في مرحلة صعبة للحفاظ على حقوقها وحدودها البحرية ووطنها الأزرق بغض النظر من يقف معها ومن يعاديها، فالقضية قضية أمن قومي تركي وليست قضية خلاف سياسي.
وأشار تكين إلى أن الاتحاد الأوروبي لم يستطع أخذ موقف موحد لدعم اليونان فالموقف الألماني ما زال في الوسط، وهناك أيضا دول تدعم تركيا في مساعيها الدبلوماسية، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي منذ فترة طويلة يتحدث عن فرض عقوبات على تركيا ولم يستطع الإقدام على هذه الخطوة مضيفا أن بيد تركيا أوراق تستطيع الرد على الاتحاد الأوروبي من خلالها.
وقال الدكتور إسماعيل خلف الله، الباحث في الشأن الأوروبي، إن كلا من الاتحاد الأوروبي وأمريكا لا يملكان أي أوراق ضغط على تركيا ولو حدث ذلك ما ترددا في استعمالها، مضيفا أن الاتحاد الأوروبي يعد رهينة لتركيا لأنها تمسك بملف خطير وحساس وهو ملف اللاجئين.
وأضاف خلف الله، في مداخلة هاتفية مع برنامج "قصة اليوم" على قناة "مكملين"، أنه لو صدرت العقوبات التي لوح بها الاتحاد الأوروبي ستكون نتائجها وخيمة على أوروبا لأن أي عقوبة تصدر ضد تركيا تعد خدمة لروسيا، مستبعدا اتجاه واشنطن لمثل هذا القرار.
https://www.facebook.com/qisat.alyawm/videos/1679519585537815
