كتب- يونس حمزاوي
يحتفل العسكر، اليوم 19 مارس، بتحرير طابا من الاحتلال الصهيوني عبر مفاوضات شاقة انتهت بتحريرها، في عهد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك.
وفي هذه الاحتفالية، يبث التلفزيون الحكومي عدة أغانٍ تم إنتاجها منذ عقود لهذه المناسبة؛ لدغدغة مشاعر الجماهير وطمس كثير من الحقائق التي تم تجاهلها عمدا، منها أن الصهاينة لا يزالون يحتلون قرية "أم الرشراش" المصرية حتى يومنا هذا، ويطلقون عليها "إيلات".. فلماذا لا يتحرك العسكر ولا حتى يثيرون الأمر إعلاميا سعيا لتحرير هذه الأرض المصرية من براثن الاحتلال الصهيوني؟!.
وفشل الديكتاتور جمال عبدالناصر في تحرير هذه الأرض المصرية طيلة 16 سنة قضاها في حكم البلاد، من عام 1954 حتى 1970م.. وفي عهد السادات ورغم تمنيه استرداد أم الرشراش إلا أن استرداد طابا كان له الأولوية أمامه، وأعطى طابا جُل اهتمامه باعتبارها أهم وأكبر، ومع ذلك أدرجت أم الرشراش ضمن ملف التحكيم الدولي الذي رفعته مصر بشأن طابا، ثم تم تجاهل هذا الملف تماما حتى يومنا هذا.
أما المخلوع مبارك، فلم يتطرق إلى قضية أم الرشراش كثيرا في عهده؛ نظرا لطبيعة العلاقات والمصالح مع أمريكا التي كانت تحاول وأد أي محاولات لفتح هذا الملف الشائك عن طريق سفارتها في القاهرة، ومع ذلك ذُكرت أم الرشراش في عدة مناسبات وعلى استحياء من الرئيس الأسبق عندما أعلن- كما ورد بجريدة العربي- في عام 1996 أن أم الرشراش مصرية، كما جاء على لسانه في برنامج "صباح الخير يا مصر" بمناسبة أعياد تحرير سيناء عام 1997 أن أم الرشراش مصرية.
أصل تسميتها "أم الرشراش"
تعود تسمية المنطقة «أم الرشراش» نسبة إلى إحدى القبائل العربية التي كانت تقيم بها، كما تشير دراسات مصرية إلى أن قرية «أم الرشراش» كانت تدعى في الماضي (قرية الحجاج) حيث كان الحجاج المصريون المتجهون إلى الجزيرة العربية يستريحون فيها.
نبذة تاريخية
تبلغ مساحة أم الرشراش 1500 متر مربع، وهي منطقة حدودية لمصر مع فلسطين، ولأهميتها الاستراتيجية سعى الغزاة دائما للسيطرة عليها، ففي أيام الحروب الصليبية لم يغفل الصليبيون عن احتلالها مرتين، وفي الأولى أخرجهم منها صلاح الدين الأيوبي، وفي الثانية أخرجهم منها الظاهر بيبرس.
كانت أم الرشراش تحت الحكم المصري حتى نهاية القرن التاسع عشر، وفي عام 1906 وبسبب وجود مصر تحت الاحتلال البريطاني، قامت القوات العثمانية باسترداد أم الرشراش، ووقعت أزمة عالمية وقتها، قامت على إثرها بريطانيا بالضغط على إسطنبول، وانسحبت القوات العثمانية وعادة أم الرشراش لمصر بفرمان عثماني، ولكن تحت سيادة الإنجليز. ومع نهاية حرب فلسطين كان يقيم بها حوالي 350 فردا من جنود وضباط الشرطة المصرية حتى تم احتلالها عام 1949م، من جانب حامية من العصابات اليهودية.
احتلال قرية «أم الرشراش»
يوم 10 مارس 1949، هاجمتها إحدى وحدات العصابات العسكرية الصهيونية، مستغلة في ذلك انسحاب الحامية الأردنية، والتي كانت تحت إمرة قائد إنجليزي, وقتلت كل من فيها، واحتلتها غدرا بقيادة إسحاق رابين، رئيس وزراء «إسرائيل» في هذا الوقت، ولأن القوات المصرية ادعت أنها ملتزمة بعدم إطلاق النار بحسب اتفاقية الهدنة بين مصر وإسرائيل لإنهاء حرب 1948، فلم تطلق الشرطة المصرية طلقة واحدة، وهي المؤامرة التي لم يتم التحقيق فيها حتى يومنا هذا. أما اليهود فقد كسروا الاتفاقية وقاموا بمذبحة قتل فيها جميع أفراد الشرطة المصرية، واحتلوا أم الرشراش، وحولوها إلى ميناء إيلات 1952.
تصريحات جوفاء
ولا شك أن المصريين يتذكرون تصريحات قائد الانقلاب عبدالفتاح السيسي، التي شدد فيها «اللي هيقرب من مصر هشيله من على وش الأرض»، وذلك خلال كلمته بمؤتمر إطلاق استراتيجية مصر للتنمية المستدامة، الأربعاء24 فبراير2016م.
وقال السيسي: «متسمعوش كلام حد غيري، أنا لا بلف ولا بدور ولا ليا مصلحة غير بلدي، بلدي بس، وفاهم بقول إيه البرنامج هدفه نعرف شباب قضية مصر الحقيقة».
وأضاف السيسي منفعلا، «إحنا النهاردة هنقطع مصر ولا إيه؟ مش هسمح بكده، خلوا بالكوا محدش يفكر أن طولة بالى معناها أن البلد تتقسم"»، وتابع قائلا: "أقسم بالله اللى هيقرب لمصر هشيله من على وش الأرض، انتم فاكرين الحكاية إيه إنتم مين؟!».
فأين هذه التصريحات من الحقيقة المرة، وهي أن أرض "أم الرشراش" المصرية لا يزال يدنسها الصهاينة باحتلالهم لها، وتغاضي العسكر عنها عمدا مع سبق الإصرار والترصد؟!.