كتب- سيد توكل:
أكد تقرير نشرته وكالة "سى إن إن" الأمريكية، اليوم الأحد، أن مصر شهدت خلال فترة الانقلاب حالة من الارتفاع في التضخم، حيث سجل معدل التضخم خلال ديسمبر الماضي 24.3%، وهو مستوى قياسي سجل لأول مرة حينذاك، بينما سجل 19.4% في نوفمبر الماضي، في مقابل 13.6% في أكتوبر الماضي.
وخلال أعوام الانقلاب، تعهد عبد الفتاح السيسي عدة مرات بالتصدي لمشكلة ارتفاع الأسعار التي باتت تؤرق المصريين وتنغص عليهم حياتهم، إلا أن الواقع يثبت كذبه وعدم وفائه بتعهداته، وفي كل مرة تعهد فيها السيسي بتخفيض الأسعار، كان ما يحدث على الأرض مخالف تماما، حيث تشهد البلاد موجة من الغلاء يزيد من معاناة الفقراء ومحدودي الدخل الذين يتوجه لهم السيسي دائما بوعود معسولة لا ينفذ منها شيء.
وبحسب التقرير يرى خبراء أن المعدل الحقيقي قد يكون أكبر من ذلك، خاصة بالنسبة للأسر محدودة الدخل، وقال باسم فياض، أستاذ الاقتصاد بالمعهد العالي للتعاون الزراعي بالقاهرة: "وفقا لآخر بحث لميزانية الأسرة لعام 2012/2013، والذي أعلنه جهاز التعبئة والإحصاء في نهاية عام 2015، فإن 40% من إنفاق الأسرة المصرية يوجه ناحية السلع الغذائية، ويجري قياس معدل التضخم على هذا الأساس".
وأضاف فياض:"وفقا للبحث ذاته، فإن 29.5% من الأسر المصرية فقيرة أو تحت خط الفقر، وهذه الأسر غالبًا ما تنفق 60 أو 70% من دخلها على السلع الغذائية، وبالتالي فإن معدل التضخم بالنسبة لهذه الأسر أعلى من الرقم الرسمي بكثير".
ويقيس مؤشر التضخم أسعار السلع والخدمات الاستهلاكية التي تشترى لأغراض الحياة اليومية، وذلك على أساس سنوي، أي بمقارنتها بالأسعار التي سجلتها خلال نفس الشهر من العام السابق.
نوفمبر 2015
بدأت وعود رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بالسيطرة على الأسعار في يوم 16 نوفمبر 2015، حينما أعلن – خلال كلمته بمناسبة إطلاق مشروعات تنموية بمدن القناة – أن أسعار السلع الأساسية ستنخفض في كل مصر خلال شهر ديسمبر 2015، عن طريق نشر منافذ بيع ثابتة ومتحركة للسلع الغذائية تابعة للقوات المسلحة والحكومة.
وأضاف أن الدولة تدخلت بشدة في أزمة ارتفاع الأسعار، كما أن كثيرا من رجال الأعمال تجاوبوا مع المبادرة وخفضوا أسعار منتجاتهم، مشيرا إلى توزيع مليون ونصف مليون كرتونة مواد غذائية في المناطق الفقيرة بواسطة القوات المسلحة.
وعلى الرغم من ذلك، واصلت الأسعار صعودها متجاهلة تعهدات رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي!
أبريل 2016
وفي خطابه يوم 13 أبريل 2016 الماضي، تعهد قائد الانقلاب بألا يؤدي تخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، وأضاف قائلا: "أؤكد لكم أنه لن يكون هناك ارتفاع في أسعار السلع الأساسية.. هذا وعد".
كما أعاد التعهد ذاته في خطابه بمناسبة عيد تحرير سيناء في يوم 24 أبريل الماضي، حينما أعلن أن الحكومة والقوات المسلحة ستبذل الجهود للحفاظ علي الأسعار وعدم ارتفاعها حتى لو ارتفع سعر الدولار، وهو ما لم يتحقق.
وفي ذلك الوقت، كان سعر الدولار في السوق السوداء 9.5 جنيهات تقريبا، إلا أنه ارتفع إلى 11 جنيها لأول مرة، متسببا في موجة كبيرة من ارتفاع الأسعار على عكس ما تعهد به رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
سبتمبر 2016
وفي يوم الثلاثاء الماضي سبتمبر 2016 تعهد رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي للمرة الثالثة بالقضاء على مشكلة ارتفاع الأسعار خلال أيام.
وقال خلال افتتاح مشروع سكني بمنطقة "غيط العنب" بالإسكندرية: "خلال شهرين على الأكثر، سيتم خفض سعر السلع بغض النظر عن سعر الدولار، عن طريق زيادة المعروض منها، وهذا التزام من الحكومة للشعب المصري!".
الاحتلال العسكري
ودشن نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي هاشتاج تحت اسم #الأسعار_في_زمن_السيسي تضمن مئات التعليقات الساخرة والغاضبة على ارتفاع أسعار كافة السلع والخدمات في مصر بشكل مضطرد منذ استولى السيسي على الحكم في انقلاب 3 يوليو 2013.
وقال نشطاء إن الأسعار في مصر أصبحت في متناول رجال الجيش والشرطة والقضاء فقط، أما المواطن الفقير فأصبح لا يجد قوت يومه بسبب الغلاء، بينما سخر آخرون من الغلاء قائلين إن الإنجاز الوحيد للسيسي هو قدرته على رفع أسعار بمعدلات غير مسبوقة في تاريخ البلاد، حتى أنه أصبح بطل العالم في رفع الأسعار.
وتداول مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو يظهر فيه أحد المواطنين وقد خلع ملابسه وافترش الطريق أمام إحدى المصالح الحكومية بمدينة الإسكندرية الساحلية اعتراضا على قيمة المعاش (راتب التقاعد) الهزيل الذي يتقاضاه من الحكومة.
وردد الرجل عبارات غاضبة تتهم السيسي ونظامه بالكذب على الشعب مرارا حينما تعهد أكثر من مرة بمراعاة محدودي الدخل، إلا أنه في النهاية حصل على معاش شهري قيمته 23 جنيها (أقل من دولارين)، وهو مبلغ لا يكفي لشراء خبز فقط لأسرته، على حد قوله.
تصرفات مناقضة
ويقول مراقبون إن الوعود المتكررة التي يطلقها رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي بتخفيض الأسعار يقابلها العديد من الإجراءات والقرارات الاقتصادية التي تؤدي إلى خلق موجات كبيرة من التضخم والغلاء.
ومن بين هذه القرارات رفع الجمارك في فبراير الماضي على السلع المستوردة من الخارج بنسب تتراوح بين 5 و10%، علما بأن 95% من السلع في مصر يتم استيرادها من الخارج، كما أن منتجي السلع المصرية يرفعون هم أيضا أسعار منتجاتهم بسبب الغلاء العام في البلاد وارتفاع تكاليف الإنتاج، حسب قولهم.
وفي نهاية أغسطس الماضي، أصدرت وزارة الكهرباء قرارا بزيادة أسعار الكهرباء بنسب تصل إلى 30%، الأمر الذي تسبب في حالة من الغضب والسخط بين أوساط المصريين.
كما أصدر رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي قانون ضريبة القيمة المضافة، الذي تسبب في زيادة أسعار الكثير من السلع والخدمات بنسب كبيرة.