بحسب إعلان حكومة السيسي والمواقع المحلية تهدف التعديلات على قانون الكهرباء إلى مواجهة ظاهرة سرقة التيار عبر تشديد العقوبات وتنظيم التصالح، لكن الإجراءات قاسية جدا على الفقراء، وتوقع غرامات قاسية بدعوى "المواطن غير الملتزم" ولص الكهرباء، ولا تعالج الأسباب الحقيقية مثل ارتفاع الأسعار وضعف البنية التحتية، إضافة إلى مخاوف من فساد محتمل في آليات التصالح.
وقال مصطفى مدبولي الأربعاء 24 ديسمبر الجاري إن قانون الكهرباء الجديد لا يهدف إلى تعديل التعريفة أو الشرائح، ولا يمس المواطنين الملتزمين بسداد الفواتير.
وأدعى أن القانون يركز على تشديد العقوبات على سرقات التيار الكهربائي، التي تتجاوز قيمتها 23 مليار جنيه وتشكل عبئًا كبيرًا على الدولة والاقتصاد.
وأعلن أن الهدف من القانون هو معالجة التجاوزات وتقليل الخسائر وحماية المال العام وضمان استدامة منظومة الكهرباء، دون تحميل المواطنين الملتزمين أي أعباء إضافية.
وانتقد مراقبون تعديلات قانون الكهرباء رقم 87 لسنه 2015؛ المساواة في الغرامة المبالغ فيها ( من 50 ألفًا إلى مليون جنيه) و الحبس، بينما سرقة التيار للاستهلاك المنزلي وبين السرقة للنشاط الصناعي والتجاري.
واعتبروا أن الغرامة العالية تمس صغار المشتركين (استهلاك 50 إلى 200 جنيه) وتأتي العقوبة تقديرية لقيمة ما وصله من كهرباء (أحيانا بسبب تسمية الممارسة سرقة تيار فضلا عن تحويل الدفع من مباحث الكهرباء إلى الشركة ذاتها وتعيين موظفين غير مؤهلين للضبطية القضائية)، فضلا عن الحبس بين سنة و سنتين.
منصة @egy_technocrats أشارت إلى أن موافقة مجلس الشيوخ على تعديلات قانون الكهرباء تشعل جدلًا واسعًا بسبب تغليظ عقوبات سرقة التيار، وأن إقرار مواد جديدة تُغلّظ عقوبات ما يُعرف بـ"سرقة التيار الكهربائي"، لتشمل الحبس والغرامات المالية المشددة، في خطوة اعتبرها منتقدون استمرارًا لنهج العقاب بدلًا من معالجة جذور الأزمة الاقتصادية.
وأشارت إلى أن التعديلات قوبلت بانتقادات انتقادات حقوقية واجتماعية حادة من حقوقيين ونواب معارضين، حيث اعتبروا أن تغليظ العقوبات الجنائية في ملف الكهرباء يتجاهل الأوضاع المعيشية المتدهورة للمواطنين، وارتفاع أسعار الطاقة بشكل غير مسبوق، في ظل تراجع الدخول واتساع رقعة الفقر.
وأكدت أن منتقدي القانون يرون تحول القانون إلى أزمة اجتماعية واقتصادية وجريمة جنائية ما يوسع دائرة الحبس الاحتياطي والسجون، ويكرّس منطق الدولة الجابية التي تلجأ للعقاب بدلًا من الإصلاح الهيكلي لمنظومة الطاقة، وضبط الفاقد الفني، ومحاسبة المتسببين الحقيقيين في إهدار الكهرباء داخل المؤسسات الكبرى.
واعتبرت أن غياب العدالة الاجتماعية بحسب ما أشار لذلك معارضو التعديلات يؤدي لغياب التدرج في العقوبة وعدم التمييز بين الاستيلاء بدافع العجز عن السداد، وبين سرقات منظمة تقوم بها شركات أو ورش صناعية كبرى، محذرين من تحميل الفئات الأضعف كلفة فشل السياسات الحكومية في إدارة ملف الطاقة.
ونبهت إلى أن التبرير الحكومي في المقابل من أهمية الخطوة وأنها ضرورية لحماية المال العام، وتقليل الخسائر التي تتكبدها الدولة سنويًا بسبب سرقة التيار، وأن القانون يستهدف المخالفات الجسيمة ولا يمس محدودي الدخل هو غير حقيقي فتشديد العقوبات يقع على الجميع ولن يحد فعليًا من سرقة الكهرباء، أم أنه سيُفاقم الاحتقان الاجتماعي في وقت يعاني فيه المواطن من أعباء اقتصادية متزايدة، وارتفاع مستمر في فواتير الخدمات الأساسية.
معالجة جذور المشكلة
وعلاوة على ضعف البنية التحتية وارتفاع أسعار الكهرباء، يخشى المراقبون من أن تكون آليات التصالح بابا للفساد والانتقائية في تقدير قيمة الغرامة، حيث ركزت تعديلات حكومة السيسي على الردع الجنائي، بينما يرى منتقدون أن المطلوب هو عدالة تصالحية توازن بين حقوق الدولة وحقوق المواطنين.
وأشارت التقارير إلى أن الانتقاد الأساسي هو أن القانون يعكس نهجًا أمنيًا أكثر من كونه نهجًا اجتماعيًا أو اقتصاديًا، وأن تعديلات القانون تضمنت الحبس والغرامات الكبيرة على جرائم سرقة التيار الكهربائي وهي بحسب ما يرون عقوبات غير متناسبة مع طبيعة الجريمة، خاصة أن كثيرًا من الحالات مرتبطة بأسر فقيرة لا تستطيع تحمل تكلفة الكهرباء.
لماذا ترفع أسعار الكهرباء؟
وركزت الانتقادات على أن القانون يعالج النتيجة (السرقة) ولا يعالج الأسباب مثل؛ ارتفاع أسعار الكهرباء بعد رفع الدعم بالمطلق، وهو تقليد مستمر بحكومة السيسي علاوة على ضعف الشبكات في بعض المناطق الريفية والعشوائية وغياب العدالة في توزيع الخدمة.
وعن آليات التصالح، أضافت التعديلات مادة جديدة (71 مكرر) تنظم التصالح مع المخالفين والمخاوف هو من نمط الرشاوي المعتاد والواسطة والمحسوبية (وتعرف فلان) مع توقع أن تتحول هذه الآلية إلى باب للفساد الإداري أو انتقائية في التطبيق، بحيث يستفيد منها أصحاب النفوذ بينما يُترك الفقراء للعقوبات.
والحبس بسبب سرقة التيار قد يؤدي إلى تفكك أسري ومعاناة اجتماعية، إذ إن كثيرًا من الحالات مرتبطة باستخدام الكهرباء للضروريات الأساسية، والعقوبات بحسب حقوقيين يجب أن تكون إصلاحية لا انتقامية، وأن الحل يكمن في تحسين الخدمة وتسهيل الوصول إليها.
ووافق برلمان شيوخ العسكر "نهائياً" الأحد 21 ديسمبر 2025 على تعديلات قانون الكهرباء رقم 87 لسنة 2015، ونصت المادة 70 من القانون على معاقبة الموظفين المتورطين في توصيل الكهرباء بالمخالفة أو العلم بها وعدم الإبلاغ بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة تتراوح بين 100 ألف ومليون جنيه، مع مضاعفة العقوبة في حال العود لضمان الردع الكامل.
وألزمت التعديلات الجديدة المحكمة بضرورة إلزام المحكوم عليه برد مثلي قيمة التيار الكهربائي الذي تم الاستيلاء عليه، وذلك بالإضافة إلى العقوبات الجنائية المقررة، لتعويض الخسائر المالية التي تلحق بقطاع الكهرباء نتيجة هذه الممارسات غير القانونية.
والمادة 71 مكرراً لتنظيم حالات التصالح، حيث يجوز التسوية قبل رفع الدعوى بسداد قيمة الاستهلاك، أو بسداد مثلي القيمة أثناء المحاكمة، وتصل إلى ثلاثة أمثال القيمة بعد صدور حكم بات، مما يترتب عليه انقضاء الدعوى الجنائية.