عدالة مؤلمة لا تعيد الغائبين ..تأييد حكم بالسجن 15 عاماً لسائق شاحنة في حادث «فتيات العنب»

- ‎فيتقارير

 

في مشهد يعيد إلى الأذهان واحدة من أكثر الحوادث إيلاماً التي شهدتها محافظة المنوفية، أيدت محكمة مستأنف شبين الكوم أمس السبت الحكم الصادر ضد سائق شاحنة «تريلا» بالسجن المشدد 15 عاماً، بعد ثبوت مسؤوليته عن حادث التصادم المروّع الذي راح ضحيته 19 فتاة من العاملات الريفيات بمركز أشمون، في القضية التي عُرفت إعلامياً بـ«فتيات العنب».

 

لم تكن تلك اللحظات التي خرجت فيها الفتيات فجراً إلى عملهن تختلف عن أي يوم آخر. فتيات صغيرات، أغلبهن في مقتبل العمر، يبحثن عن مصدر رزق يعين أسرهن. لكن اللحظة الحاسمة جاءت على الطريق الإقليمي، حين اصطدمت شاحنة نقل ثقيل كانت تسير بسرعة جنونية بميكروباص بسيط يقلّهن إلى عملهن. لحظة واحدة حولت رحلتهن اليومية الهادئة إلى مأساة خيمت على قرى أشمون كلها.

 

حادث هزّ القرية… وقلوب الأهالي

 

كانت صدمة الأهالي لا توصف. القرية الصغيرة في كفر السنابسة التي اعتادت صوت ضحكات الفتيات وعودتهن كل مساء، وجدت نفسها أمام فاجعة فقدان 19 زهرة من بناتها. مشاهد الجنازات الجماعية والصرخات التي ملأت الشوارع لا تزال محفورة في ذاكرة الأهالي حتى اليوم.

 

تفاصيل التحقيقات والمسؤولية الجنائية

 

فور وقوع الحادث، ألقت أجهزة الأمن القبض على السائق، وأُجري له تحليل الكشف السريع عن المواد المخدرة، والذي جاءت نتيجته إيجابية. وبناءً على ذلك، وُجهت إليه اتهامات بالقتل الخطأ بسبب الإهمال الجسيم، والقيادة تحت تأثير المخدرات، وتعريض حياة المواطنين للخطر.

 

وكشفت تحقيقات النيابة العامة أن التصادم كان مباشراً وعنيفاً بين الشاحنة والميكروباص، ما أدى إلى تحطم المركبتين بالكامل، وسقوط عدد كبير من الضحايا في اللحظة نفسها. وتسابق رجال الإسعاف لإجلاء الجثامين والمصابين إلى مستشفيات قويسنا والباجور وأشمون وشبين الكوم. لكن رغم محاولات إنقاذ عدد من الفتيات، ارتفعت حصيلة الوفيات بعد ساعات إلى 19 فتاة.

 

النيابة العامة انتدبت الطب الشرعي لمناظرة الجثامين، واستمتعت لشهادات الناجين وشهود العيان، وطلبت تحريات مباحث المرور لتحديد المسؤولية الكاملة، قبل إحالة المتهم إلى المحاكمة التي انتهت بحكم أول درجة، ثم تأييد الحكم اليوم.

 

عدالة مؤلمة… لا تعيد الغائبين

 

ورغم أن الحكم القضائي يُعد خطوة مهمة في طريق تحقيق العدالة، فإن الألم الحقيقي ما زال يسكن بيوت العائلات التي فقدت أحبابها، فمع كل جلسة محاكمة ومع كل خبر جديد تعود الذكريات المريرة للحادث الذي خطف 19 روحاً بريئة خرجت بحثاً عن لقمة العيش.

 

هذه القصة لم تعد مجرد حادث مروري، بل أصبحت رمزاً لمعاناة فتيات يعملن في ظروف شاقة، ولحاجة ملحّة لمراجعة إجراءات الأمان على الطرق، حتى لا تتكرر مأساة مماثلة.