السيسي يغرق فى دوامة الاقتراض: ارتفاع الإيرادات لا يغطي كُلفة الدين وسط رهانات على استثمارات أجنبية مؤقتة

- ‎فيتقارير

 

 تواصل حكومة المنقلب السفيه السيسي توسيع دائرة الاقتراضين الداخلي والخارجي، في ظل ضغوط مالية متفاقمة وعبء متصاعد لخدمة الديون التي تبتلع الحصة الكبرى من الموازنة العامة، وسط تحذيرات من أن زيادة الإيرادات الحالية لا تنبع من نمو إنتاجي حقيقي، بل من تضخم العوائد والفوائد على الديون، في مؤشر يرى فيه محللون "جرس إنذار لانكشاف مالي خطير يهدد استدامة الاقتصاد". اقتراض جديد رغم تضخم المديونية أعلن البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، عن طرح أذون خزانة دولارية لأجل عام بقيمة 1.5 مليار دولار، في مزاد يُعقد في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، بالتوازي مع إصدار سندات محلية بقيمة 26 مليار جنيه، منها 20 ملياراً بعائد ثابت و6 مليارات بعائد متغير.

 

ويأتي ذلك بعد أقل من 24 ساعة على طرح وزارة المالية أذون خزانة بقيمة 65 مليار جنيه (نحو 1.4 مليار دولار)، بعوائد تجاوزت 26%، ما يعكس اشتداد المنافسة على جذب السيولة المحلية رغم التكلفة الباهظة للفائدة.

 

 وفي الوقت نفسه، باع البنك المركزي مؤخراً أذوناً مقوّمة باليورو بقيمة 627.8 مليون يورو، وصكوكاً محلية بقيمة 3 مليارات جنيه لأجل ثلاث سنوات، ضمن خطة توسعية غير مسبوقة في أدوات الدين قصيرة ومتوسطة الأجل.

 

 خدمة الدين تتضخم… والإيرادات تتآكل

 

 تقديرات البنك المركزي الأخيرة تُظهر أن خدمة الدين الخارجي ستصل إلى نحو 29.18 مليار دولار عام 2026، بزيادة 1.3 مليار دولار عن التوقعات السابقة.

 

أما الأقساط المستحقة، فقد ارتفعت إلى 23.79 مليار دولار، فيما تبلغ الفوائد وحدها 5.4 مليارات دولار في العام نفسه.

وفي تسعة أشهر فقط من العام المالي 2024/2025، سدّدت مصر نحو 30.1 مليار دولار، توزعت بين أقساط وفوائد، أي ما يفوق إجمالي إيرادات عدة قطاعات إنتاجية مجتمعة.

 

 وبحسب البيانات الرسمية، ارتفعت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي من 38.8% في يونيو 2024 إلى 44.5% في مارس 2025، بينما قفز إجمالي الدين إلى 161.2 مليار دولار بنهاية سبتمبر 2025.

 

 احتياطي نقدي يتعافى… لكن بالاقتراض

 

 ورغم إعلان المركزي ارتفاع الاحتياطي الأجنبي إلى 50.07 مليار دولار في أكتوبر، فإن جزءاً كبيراً من هذا الارتفاع يعود إلى قروض قصيرة الأجل وصفقات مالية مؤقتة، لا إلى زيادة في الصادرات أو الإيرادات الدولارية المستدامة، وفق خبراء الاقتصاد الذين يرون أن هذا "التحسن الظاهري" يخفي هشاشة مالية عميقة.

 

 استثمارات خليجية مؤقتة.. ومسكنات مالية

 

تحاول الحكومة موازنة المديونية عبر صفقات استثمارية ضخمة مثل مشروع رأس الحكمة (بقيمة 35 مليار دولار) ومشروع علم الروم (بنحو 29.7 مليار دولار)، وهي استثمارات إماراتية وقطرية يُعوَّل عليها لزيادة التدفقات النقدية الأجنبية مؤقتاً.

 

 وقال نائب وزير المالية أحمد كجوك: إن "جزءاً من هذه العوائد سيُوجَّه لخفض الدين العام، غير أن محللين يرون أن هذه الصفقات تُعدّ أقرب إلى بيع أصول سيادية مؤقت، أكثر منها استثماراً إنتاجياً مستداماً.".

 

 صندوق النقد على الخط

 

 تستعد القاهرة لاستقبال بعثة صندوق النقد الدولي خلال النصف الثاني من نوفمبر لمراجعة تنفيذ برنامج التسهيل الممدد البالغ 8 مليارات دولار، وسط توقعات بمرونة من الصندوق بعد تحسن نسبي في بعض المؤشرات، منها ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج وزيادة إيرادات قناة السويس ورفع أسعار الوقود.

 

 تحليل: خطر الانكشاف المالي

 

يرى خبراء الاقتصاد أن تزايد الاعتماد على الاقتراض لسد فجوة التمويل، بالتوازي مع ارتفاع عوائد الدين، ينذر بدخول مصر مرحلة "التمويل بالديون"، أي تغطية الديون القديمة عبر قروض جديدة.

 

ويحذر الخبير الاقتصادي (افتراضي) من أن "زيادة الإيرادات الحكومية الناتجة عن فوائد وأرباح من أدوات الدين ليست مكسباً حقيقياً، بل انعكاس لفخّ ماليٍّ يعمّق الأزمة ويؤجل انفجارها فقط". .

 

وفي ظل غياب إصلاحات إنتاجية جذرية، وارتفاع الدين العام بنسب تفوق نمو الناتج المحلي، يبقى السؤال: إلى متى يمكن للاقتصاد المصري مواصلة هذه الوتيرة من الاقتراض دون أن يدفع الثمن الأكبر — خراباً مالياً محققاً، أو إعادة هيكلة إجبارية للديون؟