لأول مرة، التهمت فوائد الدين كافة إيرادات موازنة مصر خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، ووصلت مدفوعات أعباء الفوائد ارتفعت بنحو 54% بالربع الأول على أساس سنوي إلى نحو 695.3 مليار جنيه، بحسب منصة الشرق @AsharqbEGY.
والتهمت فوائد الدين التهمت جميع إيرادات الموازنة العامة للدولة خلال الربع الأول من العام المالي الحالي، متجاوزة إجمالي الإيرادات بنحو 50 مليار جنيه.
واستمرت جهود وزارة المالية بتحسين أعباء مدفوعات الفوائد بالإضافة لتنويع مصادر التمويل من خلال حساب الخزانة الموحد والالتزام بالحدود القانونية حيث زادت إيرادات موازنة مصر بنحو 37.1% خلال الربع الأول إلى 644.9 مليار جنيه، مقارنةً بـ 470.1 مليار خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وأكدت البيانات الرسمية أن فوائد الديون في مصر تجاوزت إيرادات الدولة خلال الربع الأول من العام المالي 2025/2026، بفارق كبير بلغ نحو 50 مليار جنيه، مما يعكس أزمة مالية متفاقمة.
وشكلت فوائد الديون 60.4% من إجمالي المصروفات العامة خلال أول 3 أشهر من السنة المالية، أي ما يعادل نحو 665 مليار جنيه من أصل 1.1 تريليون جنيه مصروفات.
وبلغ إجمالي الإيرادات العامة 644.9 مليار جنيه في نفس الفترة، ما يعني أن فوائد الديون وحدها تجاوزت الإيرادات بنحو 20 مليار جنيه، بينما تشير بعض التقديرات إلى أن الفارق قد يصل إلى 50 مليار جنيه عند احتساب بعض البنود الأخرى.
وارتفع العجز الكلي إلى 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي رغم تحقيق فائض أولي قدره 178.7 مليار جنيه، ما يعكس أن الفائض لا يكفي لتغطية فوائد الدين.
وتوقع خبراء أن تلتهم فوائد الديون في العام المالي 2025/2026، نحو 74% من إجمالي الإيرادات العامة، أي ما يقارب 2.3 تريليون جنيه من أصل 3.12 تريليون جنيه إيرادات.
التداعيات المحتملة
وحذر مراقبون من الاستدانة لسداد الفوائد فقط تعني دخول البلاد في حلقة مفرغة من الاقتراض دون تقليص أصل الدين، مما يزيد من هشاشة الوضع المالي.
وتوقع البعض؛ بيع الأصول العامة، خاصة الرابحة منها، أصبح خياراً متكرراً لتوفير السيولة، وهو ما يهدد بفقدان الدولة لسيادتها الاقتصادية على قطاعات استراتيجية.
تأثيرات سياسية
وبين التأثيرات الداخلية والخارجية رجح البعض فرض وصاية دولية على الاقتصاد، كما في سيناريوهات مشابهة بدول العالم، وتشمل إدارة الموارد والخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه والتعليم والصحة، تحت إشراف مؤسسات مالية دولية.
وداخليا رجح خبراء أن تؤدي السياسات التقشفية المصاحبة لهذه الوصاية غالباً إلى تدهور مستويات المعيشة، وارتفاع الأسعار، وتقليص الدعم والخدمات العامة.
من بين الخبراء الذين ناقشوا سيناريوهات التغيير السياسي في مصر نتيجة للأزمة الاقتصادية: عادل عبد الغفار، ووحدة البحوث والدراسات في منتدى الدراسات المستقبلية، ومبادرة الإصلاح العربي، هؤلاء تناولوا بشكل مباشر أو ضمني كيف يمكن أن تؤدي الأزمة إلى ضغوط داخلية وخارجية قد تفضي إلى تغيير في بنية النظام أو سياساته.
وقال الخبير الاقتصادي عادل عبد الغفار من "مجلس الشرق الأوسط للشؤون العالمية": إن "الأزمة الاقتصادية المتفاقمة، خاصة بعد قرض صندوق النقد الدولي، قد تدفع النظام إلى مواجهة مصالح الجيش الاقتصادية، وهو ما قد يخلق توتراً داخلياً بين مراكز القوى".
ويشير الخبير في المركز المعني بالأبحاث المستقلة إلى أن شروط الإنقاذ الصارمة قد تفرض إصلاحات غير مرغوبة داخلياً، ما يفتح الباب لتغيير في السياسات أو حتى في القيادة.
ونشرت وحدة البحوث والدراسات – (منتدى الدراسات المستقبلية) تقريرا بعنوان "الأزمة الاقتصادية في مصر.. مظاهرها، ومواقف الأطراف المعنية، والسيناريوهات المحتملة"، تم تحليل عدة سيناريوهات منها:
استمرار الوضع الحالي مع تفاقم الأزمة.
تغيير داخلي في بنية النظام نتيجة ضغوط اقتصادية وشعبية.
تدخل خارجي مشروط بإصلاحات سياسية واقتصادية.
وناقشت (مبادرة الإصلاح العربي ) كيف أن تكرار الأزمات الاقتصادية منذ 2011، وتدخل صندوق النقد الدولي، قد يؤدي إلى إعادة التفكير في السياسات النيوليبرالية التي يتبناها النظام. مشيرا إلى أن الضغوط الاجتماعية والاقتصادية قد تخلق بيئة خصبة للتغيير السياسي، خاصة إذا ترافق ذلك مع مطالب شعبية واضحة.
الإزاحة قادمة
وقالت منصات (ai) أن ما يحدث الآن ليس مجرد أزمة مالية، بل تحول هيكلي في طبيعة الدولة الاقتصادية، من دولة ذات سيادة مالية إلى دولة تعتمد على التمويل الخارجي لتغطية نفقاتها الأساسية، هذا التحول يهدد الاستقرار الاجتماعي والسياسي، ويضع مستقبل الأجيال القادمة في مهب الريح.
وتوقعت أنه يمكن أن تؤدي الأزمة الاقتصادية إلى تغيير النظام من الداخل ولكن بشروط معقدة، موضحة أنه في الأنظمة السلطوية أو شبه السلطوية مثل الحالة المصرية، لا يحدث التغيير من الداخل بسهولة، لكنه ليس مستحيلاً، هناك ثلاث مسارات رئيسية قد تؤدي إلى ذلك:
-انقسام داخل النخبة الحاكمة
إذا تصاعدت الخلافات بين مراكز القوى (الجيش، الأجهزة الأمنية، الدائرة الاقتصادية)، فقد تنشأ ضغوط لإعادة ترتيب السلطة أو حتى الإطاحة برأس النظام.
هذا يتطلب أن ترى بعض الأطراف أن استمرار الوضع الحالي يهدد مصالحها أو استقرار الدولة ككل.
-انهيار اقتصادي يهدد بانتفاضة شعبية
إذا وصلت الأزمة إلى مرحلة الانفجار الاجتماعي (مثل عجز الدولة عن دفع الرواتب أو توفير السلع الأساسية)، فقد تضطر بعض الأطراف داخل النظام إلى التضحية بالقيادة الحالية لاحتواء الغضب الشعبي.
هذا السيناريو حدث في دول مثل السودان (2019) وتونس (2011).
-ضغوط خارجية مشروطة بالإصلاح السياسي
في حال طلبت الدولة برامج إنقاذ مالي من مؤسسات دولية (مثل صندوق النقد)، قد تُفرض شروط تتعلق بالحوكمة والشفافية، ما يفتح الباب لتغييرات داخلية.
لكن هذا المسار غالباً ما يكون بطيئاً ومحدود التأثير على بنية النظام.