برلمان البصم يواصل "خدمة الأوامر".. ويقرّ زيادات جديدة ورسوما إضافية بغطاء "دبلوماسي"
في مشهد بات مألوفاً في "برلمان البصم"، صادق مجلس النواب الانقلابي، الأحد، بصفة نهائية، على مشروع قانون حكومي جديد يفرض زيادات على رسوم التصديقات القنصلية، في خطوة اعتبرها مراقبون امتداداً لسياسات الجباية التي ينتهجها نظام عبد الفتاح السيسي لسد عجز الموازنة المتفاقم، وسط مؤشرات متزايدة على بيع أجزاء جديدة من أصول الدولة للخليج مقابل القروض والمنح.
القانون الذي أقرّه البرلمان المعدوم المعارضة، يقضي بتعديل أحكام القانون رقم 212 لسنة 1980، بما يتيح زيادة قيمة رسم كل تصديق تجريه وزارة الخارجية داخل البلاد بحد أقصى 50 جنيهاً، ورفع رسوم التأشيرات الصادرة في المنافذ أو السفارات بالخارج إلى 20 دولاراً أو ما يعادلها بالعملات الأجنبية.
وبحسب نص المشروع، خُوِّل رئيس الوزراء بنظام الانقلاب سلطة تحديد شرائح الرسوم الجديدة بقرار يصدر بعد موافقة مجلس الوزراء، على أن تُوجَّه حصيلة تلك الرسوم لصالح "صندوق تمويل منشآت وزارة الخارجية بالخارج"، مع اقتطاع 5% منها لصناديق التأمين الخاصة بالعاملين في الوزارة، لتوزَّع بين أعضاء السلك الدبلوماسي والعاملين المدنيين.
زيادات بلا سقف تحت شعار "تطوير المباني"
النظام برر الخطوة بأنها تستهدف "تحديث وتطوير المباني الدبلوماسية المصرية" دون تحميل الدولة أعباء مالية إضافية، غير أن مراقبين اقتصاديين يرون أن القرار يمثل شكلًا جديدًا من الإتاوات الحكومية المفروضة على المصريين في الداخل والخارج، بعد أن استنفد النظام كل موارد الدولة، وراح يبحث عن مصادر جباية جديدة تُقدَّم كـ"إصلاح إداري"..
وفي هذا السياق، قال وكيل لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان طارق الخولي: إن "تخصيص نسبة من العوائد لصناديق التأمين يهدف إلى "تحقيق مصلحة عامة"، زاعماً أن الزيادة المقترحة "زهيدة" مقارنة بدول العالم".
لكن الواقع أن الرسوم القنصلية المصرية ارتفعت خلال السنوات الأخيرة بشكل قياسي، إذ تبلغ حالياً 180 درهماً للتصديق العادي في الإمارات، و343 يورو لتصديق عقد الزواج في دول الاتحاد الأوروبي.
موافقة على قروض جديدة.. وبيع أصول الدولة مستمر
وفي الجلسة ذاتها، وافق البرلمان أيضاً على قرار السيسي رقم 554 لسنة 2025 بالموافقة على مذكرة تفاهم مع الاتحاد الأوروبي لدعم الموازنة العامة المصرية عبر قرض جديد بقيمة أربعة مليارات يورو، يُصرَف على ثلاث دفعات لصالح وزارة المالية عبر البنك المركزي المصري، بدعوى دعم الاحتياطي النقدي وتمويل الديون الخارجية.
الصفقة، التي وصفها خبراء الاقتصاد بأنها "رهْن جديد لمستقبل الأجيال"، تأتي في ظل ارتفاع الدين الخارجي لمصر إلى أكثر من 161 مليار دولار بنهاية يونيو/حزيران الماضي، وبلوغ مدفوعات خدمة الدين هذا العام نحو 3.5 مليارات دولار، مقارنة بـ2.4 مليار في العام السابق.
وفي الوقت الذي تتكدس فيه القروض والمنح من أوروبا وصندوق النقد، يستمر الحديث داخل أروقة النظام عن بيع أصول وشركات مملوكة للدولة إلى الإمارات والسعودية، تحت لافتة "جذب الاستثمار"، ما يثير مخاوف متزايدة من تفريط جديد في مقدرات الوطن.
"برلمان الإملاءات"
بهذه الموافقة المزدوجة على فرض رسوم جديدة وتوقيع قروض إضافية، يكرّس البرلمان المصري صورته كأداة طيّعة في يد السلطة التنفيذية، لا تتردد في تمرير ما يُملى عليها دون نقاش حقيقي أو رقابة.
وبينما تتفاقم أزمة المعيشة وغلاء الأسعار، يواصل برلمان السيسي تمرير ما وصفه مراقبون بـ"قوانين الجباية وبيع ما تبقى من الوطن"، في وقت لا يجد فيه المواطن سوى المزيد من الأعباء، والدولة مزيداً من الارتهان للخارج.
