رغم التزام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة باتفاق وقف إطلاق النار وخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لإنهاء الحرب وتحقيق السلام والاستقرار، ورغم خروقات الاحتلال الصهيوني التي لا تتوقف لهذا الاتفاق، إلا أن الجانب الأمريكي لا يلتزم الحياد باعتباره وسيطا في فض النزاع، وإنما يحابي الاحتلال الصهيوني على طول الخط، ويكيل الاتهامات لحركة حماس.
في هذا السياق اتهم ماركو روبيو، وزير الخارجية الأمريكي، حركة "حماس" بسرقة المساعدات الإنسانية الموجّهة إلى سكان قطاع غزة، زاعمًا أن تلك الممارسات تُقوّض خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب لدعم المدنيين، والتي تتضمن عشرين بندًا تستهدف الإغاثة، وتحسين الأوضاع الإنسانية في القطاع.
وقال روبيو في تصريحات نُشرت عبر منصة "إكس" : تواصل حماس حرمان سكان غزة من المساعدات الإنسانية التي هم في أمسّ الحاجة إليها، وتقوّض جهود المجتمع الدولي لدعم خطة ترمب الإنسانية، وفق تعبيره .
و زعم أن حماس تشكّل عائقًا أمام مستقبل أفضل لغزة، وعليها أن تلقي سلاحها حتى يعيش المدنيون في سلام.
القيادة المركزية الأمريكية
في سياق متصل، نشرت القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM) مقطع فيديو التُقط بواسطة طائرة مُسيّرة من طراز MQ-9، يظهر ما قالت: إنه "استيلاء عناصر يُشتبه بانتمائها إلى حركة حماس على شاحنة مساعدات إنسانية، كانت ضمن قافلة موجهة إلى شمال خان يونس".
وزعمت القيادة الأمريكية أن أكثر من 40 دولة ومنظمة دولية تعمل حاليًا داخل مركز تنسيق المساعدات الإنسانية في غزة، لتأمين تدفق الإمدادات الغذائية والطبية إلى السكان.
كما زعمت أن الشركاء الدوليين نجحوا الأسبوع الماضي في إدخال أكثر من 600 شاحنة مساعدات يوميًا إلى القطاع، مشيرة إلى أن الحادث الأخير يُقوّض الثقة ويعطل الجهود الدولية لتحقيق الاستقرار الإنساني في غزة وفق تعبيرها .
حملة تضليل إعلامي
في المقابل أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس التزامها الكامل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع مؤخرًا، مشددة على المضي في تنفيذ جميع بنوده السياسية والإنسانية التي تم التوافق عليها خلال المفاوضات.
ونفت السلطات في قطاع غزة ما وصفته بـ "مزاعم القيادة المركزية الأمريكية"، بشأن نهب مساعدات إنسانية جنوب القطاع من قبل عناصر من حماس، مؤكدة أن هذه الادعاءات تمثل حملة تضليل إعلامي، تهدف إلى تشويه صورة المقاومة، وصرف الأنظار عن الانتهاكات الصهيونية المتكررة لاتفاق التهدئة .
وشددت على أن حماس ملتزمة بحماية المساعدات وتوزيعها بعدالة على سكان غزة، مطالبةً المجتمع الدولي بتكثيف دعمه الإنساني، والتصدي لمحاولات تسييس المساعدات، أو استخدامها كورقة ضغط على الشعب الفلسطيني المحاصر.
انتهاكات صهيونية
في سياق متصل، سلّم وفد من حركة حماس برئاسة خليل الحية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان مذكرة توثّق ما وصفته الحركة بـ "الانتهاكات الصهيونية لاتفاق وقف إطلاق النار" الذي تم التوصل إليه في شرم الشيخ.
وأكد الوفد التزامه ببنود الاتفاق، بما في ذلك البحث عن جثامين الأسرى الصهاينة، واستكمال خطوات تشكيل لجنة مستقلة لإدارة القطاع.
وشدد الحية على ضرورة انسحاب الاحتلال الصهيوني الكامل من غزة، مطالبًا بزيادة الدعم الدولي الإنساني العاجل، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء، وبتحرك المجتمع الدولي لإنهاء الحصار المفروض على القطاع.
وأوضح أن الحركة تعمل على استكمال الخطوات المتفق عليها، بما في ذلك تشكيل لجنة مستقلة لإدارة القطاع، ومتابعة الملفات الإنسانية العالقة، وعلى رأسها تسليم جثامين الأسرى الصهاينة والضغط باتجاه انسحاب فوات الاحتلال الكامل من غزة، في إطار الجهود لتحقيق استقرار دائم في المنطقة.
كارثة إنسانية
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: إن "اتفاق وقف إطلاق النار يتعرض لمخاطر حقيقية، بسبب الخروقات الصهيونية المستمرة، مشيرًا إلى أن الهدف النهائي هو تحقيق سلام عادل عبر حل الدولتين".
وأوضح فيدان خلال منتدى TRT World في إسطنبول أن ما حدث في غزة من دمار وقتل لأكثر من 70 ألف فلسطيني يمثل كارثة إنسانية تستوجب المحاسبة الدولية، مؤكدًا أن غياب العدالة هو ما يُبقي دوامة الصراع قائمة
المتوسط اليومي
بدورها، أعلنت الهيئة الإعلامية الحكومية في غزة أن نسبة التزام دولة الاحتلال بإدخال المساعدات الإنسانية لا تتجاوز 24% من المتفق عليه، موضحة أن المتوسط اليومي لدخول الشاحنات يبلغ 145 من أصل 600 شاحنة.
وأشارت الهيئة إلى أن شحنات الوقود لم تتجاوز 10% من الكمية المتفق عليها، ما أدى إلى أزمات في تشغيل المستشفيات والمخابز والمرافق الأساسية، داعية الولايات المتحدة والدول الضامنة للاتفاق إلى التدخل الفوري لإلزام دولة الاحتلال بالتنفيذ الكامل لبنود التهدئة.
الخط الأصفر
فيما طالبت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، بتمكينها من بدء عمليات بحث في المنطقة الصفراء من قطاع غزة، والخاضعة لسيطرة جيش الاحتلال ، بحثًا عن المزيد من جثث الأسرى الصهاينة .
وقالت القسام في بيان نشرته عبر تليجرام: إنها "كانت عرضت على دولة الاحتلال تسلم ثلاث عينات من جثث مجهولة الهوية، غير أن الأخيرة رفضت ذلك وتمسكت بإجراء الفحوصات بنفسها".
وأوضحت الكتائب أن خطوة التسليم الأخيرة تهدف إلى نفي الاتهامات الصهيونية حول المماطلة في استكمال تنفيذ اتفاق تبادل الأسرى.
وأعلنت كتائب القسام استعدادها لاستكمال العمل على استخراج جثامين الأسرى الصهاينة في مناطق الخط الأصفر التي تتواجد بها قوات الاحتلال ، تمهيدًا لاستكمال ملف تبادل الأسرى.
وطالبت الوسطاء واللجنة الدولية للصليب الأحمر بتوفير المعدات والطواقم الطبية والفنية اللازمة، بالإضافة إلى التنسيق مع جيش الاحتلال للسماح ببدء عمليات الانتشال في المنطقة الصفراء.
وخلال الأيام الماضية، رافقت فرق من اللجنة الدولية للصليب الأحمر مجموعات من القسام في مواقع بمدينة رفح وشرق خان يونس وشرق غزة، بعد تنسيق مع جيش الاحتلال، بهدف تحديد مواقع يُعتقد بوجود جثامين فيها، بحسب مصدر في المقاومة الفلسطينية.
وتوقع المصدر أن تبدأ عمليات إزالة ركام وحفريات خلال الأيام المقبلة، لضمان تثبيت اتفاق وقف الحرب واستكمال مراحله.