اختلط على كثير من المتابعين لرجل المقاومة الناطق باسم كتائب القسام والنعي المتواصل من الغزيين للشهيد القائد عبد الله اللداوي “أبو عبيدة” قائد كتيبة عماد عقل – لواء الشمال وشقيق الصحفي مصطفى اللدواي الذي تنشر بعض مقالاته “بوابة الحرية والعدالة”.
وفكر تحرير “بوابة الحرية والعدالة” أن يؤكد أن آخر ما صدر عن حركة حماس تجاه الناطق الرسمي باسم كتائب عزالدين القسام أبو عبيدة كان بيانًا في 18 أكتوبر 2025 تحذر فيه من تداول الشائعات حول مصير أبو عبيدة، رغم تأكيدات “إسرائيل” ومصادر فلسطينية بأنه قُتل في غارة على غزة في أغسطس 2025.
شهيد خرق إطلاق النار
وليكشف الصحفي والأكاديمي د. مصطفى يوسف اللداوي، أن الليلة (الأربعاء 29 أكتوبر) ارتقى، بحسب ما كتب “أخي الأصغر “أبو عبيدة” عبد الله يوسف اللداوي، شهيداً بعد تسعة أيامٍ من إصابته التي تعرض لها خلال الخرق الإسرائيلي لوقف إطلاق النار، يوم 19 أكتوبر الجاري، رفقة الشهيد تاج الدين الوحيدي، وكان قد فقد ذراعيه من الكتفين في الغارة التي تعرض لها في مدينة غزة، وشاء الله عز وجل أن يستفيق من الإصابة ويودع أهله، ويستقبل زواره، ويتحدث معهم، قبل أن تتدهور حالته الصحية، ويدخل غرفة العناية المشددة ثلاثة أيامٍ قبل استشهاده.
وأضاف، “أخي عبد الله الأصغر بيننا، والأشجع فينا، قائد كتيبة الشهيد عماد عقل في لواء الشمال، كان قد نجا من محاولتي اغتيالٍ في مخيم جباليا، إثر غاراتٍ إسرائيلية عنيفة على مناطق متفرقة في مخيم جباليا، فقد عينه في واحدةٍ منها، وفي إحداها أغلق عليه وإخوانه في الكتيبة داخل نفقٍ مظلمٍ، بلا طعامٍ والقليل من الماء مدة 22 يوماً، قبل أن يخرجوا من النفق في حالةٍ صحيةٍ سيئة، إذ حرموا الطعام والنور وعاشوا خلالها على بقايا الماء الذي كان معهم، وبعد عملية ترميم استغرقت أياماً استعاد عافيته، وعاد وإخوانه إلى جبهات القتال من جديد”.
وأضاف “رحمة الله عليك أخي عبد الله، وسلام الله عليك وعلى أخوتنا الشهداء فتحي وفؤاد ورائد، وعلى أبينا الذي سبق وأنت الأحب إلى قلبه، والأقرب إلى نفسه، وآخر أولاده وأكثرهم دلالاً عنده، فرحمة الله عليك وعلى شهداء شعبنا الفلسطيني كلهم، الذين سبقوا بالشهادة وصنعوا بدمائهم مجد قضيتنا الفلسطينية.”.
أما المجاهد عمر محمد العطل فكشف عن صفحات أخرى من مآثر المقاومة وعبر @Oalotol قال: “أبو عبيدة، ما قابلته يومًا إلا ورسم على وجهه ابتسامة عريضة تفيض طيبة، يحدثك بصوت خافت يملؤه الأدب والحياء، وكان كل حديثه عن كتاب جديد، أو دورة علمية وبحثية في عبير الوعي، أو مسابقة ثقافية يعدّ لها بشغف، كان مفعمًا بحيوية لا تهدأ، حتى كنت أقول في نفسي: هذا رجل لا يعرف النوم!”.
وأضاف @Oalotol “وكان شديد التعلّق بكتب محمد أحمد الراشد، ينهل منها وكأنها زاده الدائم في الفكر والدعوة، فقدنا فيك عظيمًا من عظماء الكلمة والفكر، ورجلًا صدق ما عاهد الله عليه، فكان في حياته قدوة، وفي رحيله وجعًا لا يُنسى.”.
https://x.com/Oalotol/status/1983838080575352942/photo/1
ونشر الصحفي والمحلل السياسي سعيد زياد @saeedziad مقطع فيديو من وداعية حبيب القلب الشهيد، عبد الله يوسف اللدّاوي (أبو عبيدة)، قائد كتيبة الشهيد عماد عقل (كتيبة غرب معسكر جباليا).
وكشف عن آخر صورة للشهيد بإذن ربه “..يمضي إلى ربّه ضاحكاً باسماً كما كان يلقى الخطوب والأهوال، قلب من حديد، وابتسامة تزين وجهه المنير.. إلى ربّ راضٍ غير غضبان يا حبيبي”.
https://x.com/saeedziad/status/1983479106831561014
وقال سعيد زياد ليلة من ليالي آذار قبل عقد من الزمان التقيت بفتاة بثوب خمريّ وشالة بلون رملي، في منزل عمَها (القائد الكبير المعروف في كتائب القسام)، وبحضور والدتها، كان اللقاء بغرض التعارف لأجل الزواج، فعرّفت بنفسي، وتعارفنا، وتحدثنا، ثم قالت تلك السيدة التي أصبحت لاحقاً حماتي، بإعجاب شديد بقائد الكتيبة الجالس معنا: (إحنا بدنا حد مثل عبد الله وبس).
وأضاف “كان أبو عبيدة معروفاً في أوساط شباب معسكر جباليا بطابعه العسكري، فقد كان يقود 1000 مقاتل، ويقضي نهاره بين الجند والعسكر في المواقع العسكرية والأنفاق، ويقضي ليله مرابطاً على الكمائن والثغور، فاستغربت حينها أيّما استغراب من إعجاب أهله به لهذه الدرجة، شاءت الأقدار بعدها أن أعيش وإياه في بيت واحد، لمدة تزيد عن عام، فرأيت من تعامله مع أهله عجباً، فما كان يمشي إلا الهوينا، وما كان ينزل سلم البيت إلا وهو ينشد ويدندن، وما كان يدخل على أهله إلا باسم المُحيّا، وما رأيت له والله موقفاً واحداً علا فيه صوته أو بدا فيه غضبه، وكان لا ينادي زوجتي إلا ب(ريحانة اللّد)، نسبة إلى المدينة التي هجّر منها أجداده، ولا يناديها وأخواتها إلا ب(حبّات القلب) وما يصحبها من أحلى ألقاب الدلال والكُنى”.
وتابع @saeedziad : “كان ذوّاقاً في مأكله ومشربه وملبسه ومجلسه، وكان يحب أن يزين له طعامه، ويتأمل الشيء قبل أن يذوقه، عملاً بقول الله: (انظروا إلى ثمره إذا أثمر)، ومن كلماته التي أذكرها لزوجتي عن هذا: (في ناس بتضيّف فاكهة، وفي ناس بتعرف كيف تُضيّف الفاكهة)..”.
وأضاف “كان نسيماً عليلاً كأرقّ ما يكون عليه النسيم، ومجتهداً على أعظم ما يكون عليه المجتهدون، فما رأيته مرة إلا في شغل، وما رأيت له وقت فراغ قط إلا ملأه بكتابة أو قراءة، وقد كتب دراسة فريدة مُنح على إثرها درجة الماجستير، تناولت أساليب القيادة والسيطرة لكتائب القسام في المعارك الدفاعية، ومن فرط اجتهاده تقبله الله، أن كتب أربعة كُتب في هذه الحرب، نُشر واحد منها، وأسأل الله أن ييسر لنا نشر بقيتها له..”.
وأشار إلى أنه “كان أصغر أشقائه العشرة، جميعهم من أنبل الناس وأحسنهم، أبعد الاحتلال أخاه (مصطفى) في مطلع التسعينات لقيادته خلايا للمقاومة، واغتال العدو له شقيقه (فؤاد) مطلع انتفاضة الأقصى، وكان من ألمع القادة العسكريين للمقاومة، وفي هذه الحرب قتلت اسرائيل أخاه (رائد) وعشرين من أفراد عائلته في ضربة واحدة.
لأبي عبيدة ابنتان، (تالا ومريم)، كان متيّماً بهما جدا .. عند ولادة مريم، كنت أول من قابله، فناداني من بعيد: “سعيد تعال بسرعة شوف مريم”، وكان يحملها يكاد يطير بها من الفرح، فقد جاءته على عطش ولوعة بعد قرابة عشر سنين.
يعزّ علينا يا أخي والله ..
فقدك هذا عزيز عزيز، لا يشبه أي فقد ..
قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا
مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي
فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي
ونسيت فيك تعززي وابائي
كم زفرة ضعفت فصارت انة
تَمّمْتُهَا بِتَنَفّسِ الصُّعَداءِ
https://x.com/saeedziad/status/1983577885249360068
الشهيد الحي
وعن ناطق الكتائب الملثم أبوعبيدة يبدو أن في جعبة حماس المزيد بشأنه ففي  18 أكتوبر 2025، أصدرت حماس بيانًا رسميًا جاء فيه:
“نحذر من تداول الشائعات حول مصير المتحدث باسم كتائب القسام، أبو عبيدة، والتي تهدف إلى الإضرار بالحركة وزعزعة الثقة في صفوفها خلال هذه المرحلة الحساسة”.
البيان لم يؤكد أو ينفي مقتل أبو عبيدة، لكنه شدد على أن الأنباء المتداولة غير مؤكدة، ودعا إلى عدم المساهمة في نشرها.
وفي 31 أغسطس 2025، أفادت مصادر فلسطينية لقنوات العربية والحدث أن أبو عبيدة قُتل في غارة إسرائيلية استهدفت شقة في حي الرمال بغزة، وأعلن الكيان رسميًا على لسان وزير الدفاع يسرائيل كاتس أن أبو عبيدة قُتل في تلك الغارة.
ونسب إلى مصادر من عائلة أبو عبيدة وقيادات في القسام أكدت معاينة الجثة، بحسب تقارير إعلامية.
وإلى الآن تريد حماس أن تحافظ على أسبابها الأمنية والمعنوية ولا تمنح الكيان نصر إعلامي فضلا عن إمكانية الحديث عن ترتيبات داخلية لتسمية متحدث أو إعادة هيكلة إعلامية.
وكان أبو عبيدة كان رمزًا إعلاميًا للمقاومة الفلسطينية، وظهر ملثمًا في بيانات مصورة منذ 2006 واستُهدف من قبل إسرائيل عدة مرات، لكن نجاته سابقًا عزز من رمزيته الشعبية.
وعن الملثم أخذنا هذا المعنى من المذيع الجزائري حفيظ دراجي @derradjihafid الذي كتب تحت عنوان “أبو عبيدة… شهيد حيّ في قلوب أمته”.. سلام الله على أبي عبيدة، سواء كان يمشي بيننا حيًّا، أو اصطفاه الله في زمرة الشهداء. سلام على من سبقوه على هذا الطريق، وسلام على من ينتظرون، ثابتين لا يبدّلون تبديلا.
وأضاف “أبو عبيدة ليس إلا واحدًا من أبناء شعب كافح عقودًا طويلة وقدّم قوافل من الشهداء، سار في درب المقاومة وهو يدرك أنه مشروع شهيد، بل يتمنّى ذلك، إيمانًا بأن الشهادة رفعة واصطفاء.”.
وتابع “إسرائيل” التي أعلنت استهدافه البارحة تعلم يقينًا أن ما يواجهها ليس فردًا، بل فكرة ومنظومة كاملة من مقاومين، والفكرة لا تموت باستشهاد أصحابها. فكم من قائد رحل، وظلّت رايته مرفوعة في أيدي من بعده، حتى غدت المقاومة أكبر من الأشخاص وأرسخ من الأسماء.
وخلص إلى أن “إن الذين لا يفهمون معنى الشهادة يعجزون عن استيعاب أن أبا عبيدة شهيد حيّ؛ فإن عاش فهو يقاوم، وإن استُشهد فذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. وهكذا يظل حاضرًا، رمزًا في نفوس أبناء شعبه، حيًّا في القلوب وإن غاب في الأجساد.
إنه درب واحد لا ثاني له مثلما يقوله أبو عبيدة: “إنه لجهادٌ نصرٌ أو استشهاد”.
 
             
                 
                             
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
					
                     
							                         
							                         
							                         
							                         
							                         
                         
					
                     
					
                     
					
                     
					
                    