33 مليار جنيه “إتاوات ” من “تصالح العقارات ..تمديد المهلة حتى مايو 2026 لمزيد من الجباية؟!

- ‎فيتقارير

33 مليار جنيه  "إتاوات " من جيوب المصريين .. حكومة الانقلاب تصنع المليارات من "تصالح العقارات "

في خطوة جديدة لتقنين سياسة الجباية وتحويل مخالفات البناء إلى مصدر ثروات، تواصل حكومة الانقلاب في مصر ابتكار أساليب لجمع مليارات الجنيهات من المواطنين، تحت مسمى "قانون التصالح". القانون، الذي أُقر لأول مرة عام 2019 وتعرض لتعديلات متكررة، يفرض على أصحاب العقارات المخالفة دفع مبالغ هائلة وفق سعر المتر المربع في كل منطقة، بحسب المستوى العمراني والحضاري وتوافر الخدمات، بحيث تتراوح القيم بين 50 و2500 جنيه للمتر، في حين يتحمل المواطن وحده تكلفة التصالح، التي غالبًا ما يحاول مالك العقار تحميلها على مشترى الوحدة العقارية.

وفي أحدث حلقات الابتكار المالي على طريقة الانقلاب، أطلقت حكومة السيسي ما يمكن تسميته بـ"الإتاوات القانونية" عبر قانون التصالح في مخالفات البناء، لتقنين فساد العمران وتحويله إلى آلة تحصيل مليارية على حساب المواطنين. القانون، الذي يحدد قيمة المتر في كل منطقة وفقاً للمستوى العمراني والحضاري وتوافر الخدمات، يضع المواطن في موضع المتضرر الأساسي، إذ يتحمل تكلفة التصالح بينما يقوم صاحب العقار بتحميلها على المشتري لاحقاً، ليصبح المواطن دفعاً مزدوجاً دون أي حماية حقيقية.

تخفيض رمزي بنسبة 25%

فيما وافق مجلس وزراء الانقلاب، الثلاثاء الماضي، على تخفيض رمزي بنسبة 25% من مقابل التصالح في حال السداد الفوري، وكأن ذلك ابتكار عظيم للرحمة، في حين أن الهدف الحقيقي هو تحفيز المواطنين على دفع المليارات فوراً لخزينة الدولة، بدل انتظار الدفع على أقساط. القانون، رقم 187 لسنة 2023، وضع سقفاً للمتر المربع يصل إلى 2500 جنيه، أي ما يعادل نحو 53 دولارًا، مع حد أدنى 50 جنيهًا، ليصبح تحصيل الأموال لعبة رياضية دقيقة تعتمد على "المستوى العمراني" الذي يحدده المسؤولون حسب مزاجهم.

إيرادات مذهلة بلغت 33 مليار جنيه

القانون، الذي أُقر أول مرة عام 2019 وتعرض لتعديلات متلاحقة، حقق حتى الآن إيرادات مذهلة بلغت 33 مليار جنيه (حوالي 695 مليون دولار)، أي 25% من إجمالي الرسوم، لتؤكد أن الدولة تحت قيادة السيسي لا تهتم سوى بتعبئة خزينة الحكومة على حساب حقوق المواطنين، بينما ملايين المخالفات تظل عالقة بسبب الإجراءات المعقدة وضعف الثقة بين المواطنين والجهات الحكومية.

 

اللائحة التنفيذية للقانون لم تتوقف عند هذا الحد، بل أتاحت تقديم طلبات تصالح جديدة لمن سبق رفض طلباتهم، شرط دفع رسوم فحص جديدة، وسداد مقابل جدية التصالح، أو تسوية الفارق المستحق. كما وسعت التعديلات الأخيرة حالات التصالح لتشمل المباني خارج الأحوزة العمرانية، وحتى الكتل القريبة من القرى والمدن، وفقاً لاقتراح المحافظ وموافقة وزارة الزراعة، في خطوة تبدو أكثر حرصاً على تدفق الأموال من جيوب المواطنين أكثر من أي اهتمام حقيقي بالتنمية العمرانية.

بناء الدور المتصالح عليه بنفس المسطح

ومن بين الغرائب التي يكشف عنها القانون، أنه يسمح لأصحاب المخالفات بالاستمرار في بناء الدور المتصالح عليه بنفس المسطح والارتفاع إذا كانت المخالفة تتعلق بالأعمدة أو الحوائط أو الأسقف، شرط سلامة الهيكل الإنشائي، في حين أن ملايين المواطنين لا يستطيعون الحصول على تراخيص قانونية بسهولة، لتبقى ملايين العقارات عرضة للإزالة أو النزاعات القضائية.

 

رغم ذلك، لم تتلق الحكومة سوى 665 ألف طلب تصالح من أصل نحو 2.9 مليون مخالف، ليصبح القانون مجرد آلة جباية بطيئة تتطلب التسهيلات لتسريع الإيرادات، وهو ما دفع مجلس وزراء الانقلاب مؤخراً إلى تمديد مهلة التصالح حتى 11 مايو 2026، في محاولة يائسة لمزيد من تحصيل الأموال.

 

ويذهب القانون أبعد من ذلك في تحويل جزء من الأموال المكتسبة إلى مكافآت لأعضاء اللجان والعاملين بنسبة 3%، بينما يذهب الباقي إلى الخزانة العامة، ويخصص منها 25% لصندوق الإسكان الاجتماعي و39% للجهة الإدارية المعنية، في مسرحية مالية تلتهم المليارات بحجة "تنمية البنية التحتية".

 

باختصار، قانون التصالح لم يعد مجرد تنظيم لعمران المخالفات، بل أصبح وسيلة مبتكرة لجمع المليارات من المصريين، على طريقة جباية العصر الحديث، في حين يبقى المواطن هو الخاسر الأكبر، بين دفع الرسوم المتضاعفة، وفقدان حقوقه، وحرمانه من الخدمات الأساسية.