“القسام”: عثرنا على جثة أسير وسنؤجل تسليمها بسبب خروق الاحتلال

- ‎فيأخبار

 

أعلنت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الفلسطينية "حماس"، اليوم الثلاثاء، أنها عثرت على جثة أحد أسرى الاحتلال خلال عمليات البحث في أحد الأنفاق جنوبي قطاع غزة، لكنها ستؤجل تسليم الجثة الذي كان مقرراً اليوم، "بسبب خروق الاحتلال"، محذّرة، في بيان مقتضب، من أن "أي تصعيد صهيوني سيعيق عمليات البحث والحفر وانتشال الجثامين، مما سيؤدي إلى تأخير استعادة الاحتلال لجثث قتلاه".

يأتي ذلك بعدما قال ديوان الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، مساء اليوم الثلاثاء، إن الأخير أمر الجيش بشن هجمات قوية على قطاع غزة فورا بزعم تعرض قوة إسرائيلية لإطلاق نار في رفح جنوبي القطاع. في حين ذكرت هيئة البث العبرية أن الجيش بدأ بشن الهجمات بالفعل. ويأتي ذلك بعد أن زعمت وسائل إعلام عبرية أن عناصر من حركة حماس أطلقوا النار باتجاه قوة لجيش الاحتلال في رفح مساء اليوم، فيما ذكرت منصات غير رسمية، دون تأكيدات، أن ذلك تسبب بإصابة بالغة الخطورة لأحد الجنود.

وفي وقت سابق اليوم، تمكّنت الطواقم الفنية المصرية، بالتعاون مع كتائب القسام واللجنة الدولية للصليب الأحمر، من العثور على جثة أحد الأسرى الإسرائيليين داخل نفق في مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة. بدورها، اتهمت حركة "حماس"، جيش الاحتلال بفبركة ذرائع وعرقلة البحث عن جثث أسراه، تمهيداً لخطوات عدوانية، وجاء ذلك بعد نشر جيش الاحتلال فيديو يزعم فيه أنّ الحركة تخلق مظاهر مضللة لعملية البحث عن الجثث، لكن فيديو الاحتلال نفسه الذي اطلع عليه "العربي الجديد"، يبدو مضللاً، إذ يتضمّن تكراراً غير منطقي لعمليات النبش والطمر في الموقع ذاته، وتصويراً متواصلاً بطائرة "درون" من دون أن يلتفت إليها أي من المشاركين في المشهد.

وكشف مصدر مسؤول لـ"العربي الجديد"، أن الطواقم الفنية المصرية، المدعومة بعدد من الآليات الهندسية، تمكنت بالتعاون مع "القسام" واللجنة الدولية للصليب الأحمر من العثور على جثة أحد الأسرى الإسرائيليين شمالي مدينة خانيونس جنوبي قطاع غزة. وأوضح المصدر أن الجثة كانت داخل أحد الأنفاق في المنطقة الشمالية لخانيونس، حيث تمكنت الفرق من تحديد مسار النفق والدخول إليه بعد اتخاذ إجراءات سلامة دقيقة، نتيجة انبعاث غازات سامة ناجمة عن القصف الإسرائيلي الذي طاول المنطقة في وقت سابق، ما عرّض الطواقم لخطر الاختناق أثناء العمل.

وأضاف أن عناصر من "القسام" شاركوا بشكل مباشر في عملية الوصول إلى موقع الجثة وانتشالها بالتنسيق مع الصليب الأحمر، مشيراً إلى أنه من المقرر تسليم الجثة إلى الجانب الإسرائيلي عبر اللجنة الدولية خلال الساعات المقبلة، قبل أن تعلن "القسام" تأجيل التسليم. وبيّن المصدر أن أعمال البحث ما تزال مستمرة في منطقة النصيرات وسط القطاع، في حين توقفت العمليات مؤقتاً في رفح وشرق غزة بسبب غياب التنسيق من طرف جيش الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن الجهود المصرية مستمرة ضمن المرحلة الثانية من الاتفاق الرامي إلى تسهيل عمليات البحث عن الجثث والمحتجزين، تمهيدًا لتنفيذ بنود التفاهمات الجارية.

وتأتي عملية العثور على الجثث المحتجَزة ضمن إطار ما يُعرَف بـ"المرحلة الثانية" من اتفاق التهدئة والمحتجزين في قطاع غزة، الذي جرى التوصل إليه خلال وساطة شرم الشيخ بمشاركة القاهرة، وبالاتفاق مع حركة حماس وإسرائيل ودول إقليمية. وتنقسم هذه العملية إلى مراحل، حيث تركز "المرحلة الأولى" على إطلاق المحتجزين الأحياء وتبادل الجثامين التي تمت استعادتها، مقابل تعهّد إسرائيل بإطلاق عدد من الفلسطينيين وإدخال مساعدات إنسانية.

أما "المرحلة الثانية"، فتهدف إلى توسيع عمليات البحث عن جثامين المحتجزين المتوفّين داخل الأنفاق أو تحت الأنقاض، وتفعيل آليات تدخل هندسيين وفِرق فنية – من بينها مشاركة مصرية في استكشاف المواقع داخل غزة – بهدف استكمال عمليات التسليم عبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر. وكانت مصر قد أعلنت عن تقديم دعم لوجستي وفني لتمكين الفصائل الفلسطينية من الوصول إلى الجثث والمواقع الخطرة، في ظل احتياطات تتعلق بانبعاث الغازات السامة أو انهيارات الأنفاق والأنقاض. وتُعدّ هذه المرحلة حاسمة، لا سيما أن التأخّر في تسليم الجثث أو توقف عمليات البحث قد يُستخدم ذريعة لتجميد الانتقال إلى مراحل لاحقة من الاتفاق، مثل سحب القوات الإسرائيلية أو البدء بعملية إعادة الإعمار الموسّعة لغزة.

من جهتها، اتهمت حركة حماس جيش الاحتلال الإسرائيلي باتباع "سياسة ممنهجة" تهدف إلى منع وإعاقة الجهود الإنسانية الرامية إلى البحث عن جثامين جنوده داخل قطاع غزة. وقالت الحركة، في بيان صحافي، إن الاحتلال رفض بشكل صريح السماح بدخول فرق مشتركة من اللجنة الدولية للصليب الأحمر والمقاومة الفلسطينية إلى عدة مناطق في القطاع للقيام بمهامها، كما منع إدخال الآليات والمعدات الثقيلة اللازمة لتسريع عمليات البحث.

 

وأضاف البيان أن الاحتلال "يضاعف معاناة العائلات الفلسطينية عبر منعه أيضًا انتشال جثامين الشهداء الذين لا يزالون تحت الركام"، مشيرًا إلى أن مزاعم إسرائيل بشأن تباطؤ المقاومة في التعامل مع هذا الملف "لا أساس لها من الصحة وتهدف إلى تضليل الرأي العام". وحذّرت "حماس" من أن الاحتلال "يسعى إلى فبركة ذرائع زائفة تمهيدًا لاتخاذ خطوات عدوانية جديدة ضد شعبنا"، معتبرة أن ذلك يشكل "تجاوزًا صارخًا لاتفاق وقف إطلاق النار".

وطالبت الحركة الوسطاء والجهات الضامنة "بتحمّل مسؤولياتهم في وجه العراقيل الإسرائيلية الخطيرة"، ودعتهم إلى "إجبار الاحتلال على وقف ممارساته التضليلية والسماح للجهات المختصة بإنجاز مهامها الإنسانية بعيدًا عن الحسابات السياسية والعدوانية".

وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي قد اتهم "حماس" بفبركة مشهد مصوّر ادّعت خلاله العثور على جثة أحد الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة. وقال الجيش، في بيان له اليوم، إن عناصر من الحركة "قاموا بإخراج بقايا جثة من داخل مبنى أُعد مسبقاً، ودفنوها في مكان قريب، ثم استدعوا مصوّرين من اللجنة الدولية للصليب الأحمر لتصوير عملية "العثور" على الجثة في مشهد مسرحي مفبرك أمام الكاميرات".

وزعم البيان أن التوثيق الذي بحوزة الجيش "يُظهر بوضوح أن حماس تحاول خلق مظاهر كاذبة ومضللة عن جهودها المزعومة للعثور على الجثث، في الوقت الذي تحتفظ فيه بجثامين مختطفين دون تسليمها كما يقتضي الاتفاق". وأشار الجيش إلى أن هذه المشاهد "تدحض مزاعم حماس بشأن الصعوبات الميدانية أو نقص الأدوات الهندسية"، مؤكدًا أن "هذه الادعاءات غير صحيحة ولا تشكّل عائقًا أمام تسليم باقي الجثث".

ويُبيّن فيديو مدته أكثر من 14 دقيقة، نشره جيش الاحتلال"، خروج عناصر من مبنى مدمّر وإلقاء كتلة مكفّنة بقطعة قماش بيضاء في حفرة، ثم طمرها بالتراب، قبل استخراجها بجرافة من التراب، وإلقائها ثانية على كتلة من الرمل جانباً، ليُعاد النبش واستخراجها مجددًا وسط تقدّم عناصر يرتدون زيّ الصليب الأحمر. ويظهر في المقطع تكرار غير منطقي لعمليات النبش والطمر لما زعم الاحتلال أنه جثة، من دون توضيح لأسباب ذلك. ويبدو أن الفيديو التُقط بواسطة طائرة "درون" كانت تحوم في سماء المكان، من دون أن يلفت وجودها انتباه أيّ من العناصر طوال هذا الوقت. وفي الدقيقة الأخيرة من الفيديو، يتقدّم شخص لالتقاط صور للكتلة.