عبر المواقع الاخبارية الصهيونية تضارب واضح في التصريحات بين نتنياهو ويسرائيل كاتس؛ وخلال الحرب أكد نتنياهو أن الجيش دمّر 90% من أنفاق حماس، بينما أبلغ وزير الحرب كاتس نائب الرئيس الأمريكي بعد الحرب أن 60% من الأنفاق ما زالت قائمة، رغم أن تدميرها يُعد المهمة الأهم في عملية تجريد القطاع من السلاح.
ونقلت "القناة 12" الصهيونية عن وزير الأمن الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، أنه أبلغ نائب الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، خلال اتصال هاتفي جرى بينهما بأن أكثر من 60% من الأنفاق التابعة لحركة حماس في قطاع غزة لا تزال قائمة وسليمة متبنيا النسبة التي ذكرها "كاتس".
وقالت وسائل إعلام إن قيادات بارزة في جيش الاحتلال أعربت عن شكوكها في قدرة قوات الاستقرار الدولية، المزمع نشرها في قطاع غزة بعد انتهاء الحرب، على تدمير الأنفاق المتبقية التي تستخدمها حركة حماس وفصائل فلسطينية أخرى.
وقالت صحيفة "هآرتس" إن مسئولين عسكريين أوصوا بتشكيل قوة هندسية دولية متخصصة تتولى مهمة تفكيك الأنفاق وتدميرها، مشيرين إلى أن العملية تتطلب خبرات وتقنيات متقدمة لا تتوافر لدى قوات حفظ السلام التقليدية.
كما كشفت الصحيفة أن جيش الاحتلال أوصى الحكومة بإعادة الانتشار في مناطق تتيح له التحرك بحرية وحماية المستوطنات المتاخمة لغزة، حتى لو تطلب الأمر الانسحاب شرقًا إلى ما بعد الخط المحدد في اتفاق وقف إطلاق النار المرتقب.
وأضافت "هآرتس" أن الجيش بدأ بالفعل انسحابًا تدريجيًا من بعض مناطق القطاع والمناطق الحدودية، متجهًا نحو قواعده العسكرية في الداخل، وسط غموض بشأن دوره في المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإنهاء الحرب، التي تتضمن نشر قوات حفظ سلام دولية وتدريب قوة شرطة فلسطينية لتولي المهام الأمنية لاحقًا.
شكوك داخل الجيش
ويشكك الصهاينة في قدرة "القوات الدولية" المزعومة على تدمير أنفاق غزة وسط حالة من الارتباك داخل المؤسسة العسكرية في تل أبيب بشأن المرحلة المقبلة في القطاع، بعد بدء تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنشر قوات دولية.
وذكرت صحيفة هآرتس أن كبار المسئولين العسكريين يشككون في قدرة قوات الاستقرار الدولية المنتظر نشرها في قطاع غزة على تدمير الأنفاق المتبقية، التي لا تزال تستخدمها حمـاس والفصائل الأخرى.
وأكد المسئولون ضرورة جلب قوة هندسية دولية محترفة لتفكيك ما تبقى من شبكة الأنفاق، موضحين أن القوات الدولية الحالية غير مؤهلة لتنفيذ هذه المهمة المعقدة.
واشارت الصحيفة إلى أن قيادة الجيش أوصت الحكومة بالانسحاب إلى خط يسمح له بحماية المستوطنات المحاذية لغزة، حتى لو استلزم ذلك تراجعًا أبعد شرقًا من الخط المرسوم في اتفاق وقف إطلاق النار.
كما طالب الجيش بمنع سكان القطاع من العودة إلى المناطق التي لا تزال تحت السيطرة العملياتية، لتجنّب أي احتكاك ميداني مع القوات المنتشرة هناك.
ولم يتضح لهارتس أن للجيش الدور المطلوب منه في المرحلة الثانية من خطة ترامب ذات البنود العشرين، التي تتضمن نشر قوات حفظ سلام دولية لتأمين المناطق المنسحب منها الجيش، ومنع دخول الذخائر، وتسهيل المساعدات، وتدريب قوة شرطة فلسطينية جديدة.
وأكدت هآرتس أن الجيش بدأ فعليًا الانسحاب من بعض المناطق القريبة من الحدود والعودة إلى القواعد العسكرية، وسط حالة من الغموض حول ما سيحدث بعد اكتمال المرحلة الأولى من الخطة الأمريكية.
تصريح مصطفى الفقي
حول أنفاق غزة، وفي لقاء تلفزيوني على قناة MBC مصر بتاريخ 21 أكتوبر 2025، قال المفكر السياسي الدكتور مصطفى الفقي: "نفسي حد يفسر لي الأنفاق دي اتعملت إزاي؟ والردم راح فين؟ إسرائيل اللي تعرف دبة النملة كانت فين؟!"
وعكس التصريح بحسب مراقبين دهشة الفقي من قدرة حماس على بناء شبكة أنفاق تحت الأرض في قطاع غزة، رغم الحصار الأمني والتقني الذي تفرضه إسرائيل، والتي تُعرف بقدرتها على الرصد والتجسس.
وحمل مراقبون التصريح على أنه تشكيك في قدرة إسرائيل على السيطرة الأمنية: الفقي يلمّح إلى أن هناك شيئًا غير مفهوم في كيفية غياب الاستخبارات الإسرائيلية عن هذه الأنفاق.
وحمله آخرون على إعجاب ضمني بقدرات حماس الهندسية رغم أنه لا يمدحها صراحة، إلا أن تساؤله يعكس انبهارًا بقدرتها على تنفيذ مشروع بهذا الحجم تحت أعين الاحتلال.
فيما حمل آخرون أن يفسر كلامه على أنه تلميح إلى أن "إسرائيل" ربما سمحت ببناء الأنفاق لأغراض معينة، أو تغاضت عنها في مراحل معينة. وعلى هذا السياق ربما استخدم "الفقي" هذا المثال ليُظهر أن ما يحدث في غزة ليس بسيطًا، وأن هناك طبقات من الغموض في المشهد الأمني والسياسي.
https://www.facebook.com/photo/?fbid=1128717109457669&set=a.131225909206799
الشهيد محمد زكي
وكتب الشهيد محمد زكي حمد، قائد إحدى الوحدات المميزة في لواء بيت حانون، في مذكراته الحربية "تحت راية الطوفان"، التي كتبها من داخل أنفاق غزة قبل استشهاده: "كان إصلاح الأنفاق التي قصفها الاحتلال الإسرائيلي من أصعب وأشد المهام إرهاقاً. باستخدام أدوات بسيطة فقط، كان يستغرق الأمر غالباً عشرة مقاتلين يوماً كاملاً لإعادة بناء متر واحد فقط. وعندما يعودون للراحة، كانت أجسادهم تحمل ثقل ذلك النضال المستمر.".
وأضاف "ومع ذلك، لم تنتهِ التحديات عند هذا الحد. كان جمع الخشب والحديد من أنقاض المنازل المدمرة لتعزيز الأنفاق، وإعادة توصيل خطوط الكهرباء والمياه، مهام خطيرة وشاقة. استشهد العديد من المقاتلين في هذه الجهود داخل بيت حانون — وهي مدينة تحولت إلى ركام، تراقبها طائرات الأحتلال الإسرائيلية باستمرار، ويحتلها جنود على الأسطح.”
ونقل عنه ناشطون قوله "كنا نعيش في الأنفاق ليلنا ونهارنا، ولا نرى الشمس والدنيا إلا قليلاً، وكما أخبرتكم سابقاً: الأنفاق ليست فنادق، ولا حتى بيوت الأنفاق كالقبور، ولكنه الدين والواجب ورضى الله الذي يهون في سبيله كل شيء، والجنة التي لا تُدرك بالنعيم في الدنيا، بل لا بد من هجر الراحة وامتطاء أسنة التعب لبلوغ الغاية".
وتابع الناشطون النقل، "أصيب أحد الإخوة في الأنفاق أثناء الحفر والترميم، فذهبت لأطمئن عليه في وقت متأخر من الليل، فزرته وواسيته، ثم وأنا عائد في ممر النفق إلى العقدة القتالية رأيتُ أحد قيادات المجاهدين يصلي في ممر النفق قيام الليل، فصليت معه، فكان يقرأ الفاتحة بصوت خاشع ثم تلا بعض آيات القرآن، ثم دعا وأنا أؤمن على دعائه، وهذا الرجل من أكثر الرجال صرامة وحزماً، لكن مقام التهجد مقام تذلل وخضوع بين يدي الله، فسمعته يدعو وحفظت دعاءه، قال: يا ربِّ من أجل الأحجار والأطيار والأشجار، يا رب من أجل الحفاظ والقُرَّاء والعلماء، يا ربَّ من أجل المحاريب والمآذن والمساجد، يا رب من لهذه الترسانة إلا أنت يا رب لا تخيب رجاءنا، يا رب أمرتنا بالإعداد فأعددنا، وأمرتنا بالثبات فثبتنا، يا رب سدد رمينا واحفظ من تبقى من رجالنا يا رب حملتني كثيراً فخفف عني، لا تكاد تغيب هذه الكلمات عن بالي والله!!.".
وخلص إلى أن "أصحاب التهجد والانكسار بين يدي الله هم الذين يفتح الله عليهم، وهم أهل المقامات العالية المحمودة، وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا [الإسراء: 79].تحت راية الطوفان، صفحة 330.. والشهيد محمد زكي حمد قائد نخبة القسام في بيت حانون
https://www.facebook.com/reel/866287275884880
وتُستخدم الأنفاق في غزة لأغراض متعددة منها؛ تهريب السلع، والتنقل العسكري، وتخزين الأسلحة وحاول جيش الاحتلال مرارًا تدمير هذه الأنفاق عبر القصف أو تقنيات الكشف الأرضي، مع أن الأنفاق تُعد من أبرز أدوات المقاومة غير التقليدية في القطاع.
وهناك روايات منسوبة لقادة في كتائب القسام حول أنفاق غزة، بعضها موثق في مقابلات إعلامية وتصريحات منشورة على منصات التواصل الاجتماعي، وتُظهر كيف تعتبر حماس الأنفاق "سلاحًا استراتيجيًا" في مواجهة الاحتلال
وفي تصريحات نُشرت عبر قناة الجزيرة، وصفت كتائب القسام الأنفاق بأنها "سلاح استراتيجي"، يُستخدم في التخفي، والتنقل، وتخزين الأسلحة وببرنامج "ما خفي أعظم" خلال معركة سيف القدس عام 2021، اعتبرت حماس أن الأنفاق شكّلت نموذجًا لصراع الأدمغة بين المقاومة والاحتلال.
وقال خالد مشعل، الرئيس السابق للمكتب السياسي لحماس، في مقابلة صحفية إن الأنفاق تمثل مدينة كاملة تحت الأرض، وتُعد من أبرز أدوات المقاومة في مواجهة الاجتياح البري الصهيوني.
ونُشرت صور ومقاطع فيديو على منصات مثل تويتر وتلغرام تُظهر مقاتلين من القسام داخل الأنفاق، خاصة خلال حرب 2014، ما يعكس استخدامها الفعلي في العمليات العسكرية.
وفي تقارير ميدانية، تحدث سكان غزة عن أصوات الحفر ليلاً، وعن كيفية إخفاء الردم الناتج عن الحفر، وهي تفاصيل تُشير إلى تنسيق هندسي معقد داخل القطاع المحاصر.
وقالت حسابات غير رسمية ومؤيدة للمقاومة تنشر باستمرار مقاطع توثيقية ومقابلات قصيرة مع مقاتلين يتحدثون عن تجربتهم داخل الأنفاق.
وبعض هذه الروايات تُنشر عبر قنوات مثل القسام ميديا أو غزة الآن على تلغرام، وتُستخدم كجزء من الحرب النفسية والإعلامية.
وتجسد الأنفاق في خطاب القسام الرد على التفوق التكنولوجي لجيش الاحتلال، وتُستخدم كرمز للمرونة والابتكار في ظل الحصار مع السرية، والانضباط التنظيمي، وتُقدّم الأنفاق كامتداد طبيعي لفكر المقاومة.