السولار والبنزين ..حكومة الرئيس مرسى كانت توفر الدعم للمواطنين والسيسي يرفع الأسعار لتجويعهم

- ‎فيتقارير

 

 

على مدى أكثر من اثني عشر عامًا، يشهد المصريون تحولًا جذريًا في واحدة من أكثر الملفات تأثيرًا على حياتهم اليومية.. أسعار الوقود. 

فبعد أن كان البنزين والسولار سلعتين مدعومتين ومتاحتين للفقراء ومتوسطي الدخل في عهد الرئيس الشهيد الدكتور محمد مرسي، أصبح الآن رمزا للغلاء والمعاناة في عهد عبد الفتاح السيسي وعصابة العسكر، الذين تبنوا سياسات “تحرير الأسعار” بدعوى الإصلاح الاقتصادي، فكانت النتيجة ارتفاعات متتالية تجاوزت حدود المنطق، وتسببت فى تآكل القوة الشرائية، وتدهور في معيشة المصريين. 

أولاً: عهد الدكتور محمد مرسي – دعم واستقرار نسبي 

حين تولى الدكتور محمد مرسي رئاسة الجمهورية عام 2012، كانت الدولة لا تزال ملتزمة بسياسة دعم الطاقة. 

كان سعر بنزين 80 أقل من جنيه واحد للتر، وسعر بنزين 92 نحو 1.85 جنيه، فيما بلغ سعر بنزين 95 نحو 5.85 جنيه. 

أما السولار، الذي يعتمد عليه النقل العام والمصانع والخبز، فكان سعره لا يتجاوز 1.10 جنيه للتر. 

ورغم الأزمة الاقتصادية آنذاك، حافظت الحكومة على استقرار الأسعار مراعاة للمواطنين. 

لم تحدث زيادات متكررة أو مفاجئة، وظل الدعم يغطي الجزء الأكبر من التكلفة الفعلية للوقود. 

كانت الدولة ترى في دعم الطاقة وسيلة لحماية الفقراء وكبح التضخم، وليس عبئًا يجب التخلص منه بأي ثمن. 

ببساطة، كان المصري يستطيع أن يتحرك، ويعمل، وينقل بضاعته دون أن يشعر أن “التنقل” نفسه أصبح رفاهية. 

ثانيًا: زمن عبد الفتاح السيسي – بداية الزيادات المتتالية والجنونية 

منذ انقلاب السيسي وهيمنته على الحكم في يوليو 2014، بدأت مرحلة جديدة عنوانها: 

“رفع الدعم التدريجي”، ثم “تحرير الأسعار الكامل”، حتى أصبح سعر لتر البنزين اليوم الأعلى في تاريخ مصر الحديث. 

في عام 2014، قررت حكومة الانقلاب رفع أسعار الوقود بنسب وصلت إلى 70٪ دفعة واحدة، بحجة تخفيف عبء الدعم على الموازنة العامة. 

ومنذ تلك اللحظة، لم تتوقف الأسعار عن الارتفاع، عامًا بعد عام، حتى تجاوزت بعض الأنواع 18 ضعفًا عمّا كانت عليه قبل 2014. 

ثالثًا: التسلسل الزمني لارتفاع الأسعار فى زمن الانقلاب 

السنة     بنزين 80            بنزين 92            بنزين 95            سولار    نسبة الزيادة التقريبية 

2014    1.60 جنيه          2.60 جنيه          5.85 جنيه          1.80 جنيه          +70٪ 

2016    2.35 جنيه          3.50 جنيه          6.25 جنيه          2.35 جنيه          +35٪ 

2017    3.65 جنيه          5.00 جنيه          6.75 جنيه          3.65 جنيه          +40٪ 

2018    5.50 جنيه          6.75 جنيه          7.75 جنيه          5.50 جنيه          +35٪ 

2021    6.50 جنيه          7.75 جنيه          8.75 جنيه          6.25 جنيه          +15٪ 

2022    8.00 جنيه          9.25 جنيه          10.75 جنيه        7.25 جنيه          +25٪ 

2023    9.00 جنيه          10.25 جنيه        11.75 جنيه        8.25 جنيه          +12٪ 

2024    12.25 جنيه        13.75 جنيه        15.00 جنيه        11.50 جنيه        +30٪ 

2025    15.75 جنيه        17.25 جنيه        19.00 جنيه        15.50 جنيه        +25٪ 

النتيجة: 

تضاعف سعر البنزين 80 من 0.90 إلى 15.75 جنيهًا (زيادة أكثر من 1600٪). 

ارتفع السولار من 1.10 إلى 15.50 جنيهًا (زيادة تقارب 1300٪). 

تجاوزت الزيادات التراكمية لكل الأنواع عشرة أضعاف خلال 12 سنة فقط. 

رابعًا: من الأرقام إلى الواقع – معاناة المصريين

1. المواصلات كابوس يوميً

كل زيادة في الوقود كانت تعني زيادة في أجرة المواصلات العامة والخاصة. 

أصبح العامل الذي كان ينفق 10 جنيهات يوميًا للوصول إلى عمله، يحتاج الآن إلى 40 أو 50 جنيهًا. 

وسائقي الأجرة، والميكروباص، والنقل الثقيل باتوا بين مطرقة تكاليف التشغيل وسندان الركود الاقتصادي. 

2. موجات الغلاء تضرب الأسواق 

لم يقتصر تأثير ارتفاع الوقود على البنزين، بل امتد إلى كل شيء. 

أسعار الخضروات واللحوم والسلع الغذائية ارتفعت مع كل موجة زيادة في السولار المستخدم في النقل والتبريد. 

حتى رغيف العيش الذي كان رمزًا للدعم ، تأثر بارتفاع تكلفة الدقيق والنقل والطاقة. 

3. تآكل الأجور والقوة الشرائية 

لم ترافق زيادات الوقود زيادات حقيقية في المرتبات. 

فبينما تضاعفت الأسعار أكثر من عشر مرات، لم تزد رواتب الموظفين سوى بنسب محدودة لا تغطي حتى جزءًا بسيطًا من التضخم. 

المواطن أصبح يحسب خطواته اليومية، ويؤجل شراء الأساسيات، ويبحث عن أي وسيلة لتقليل استهلاكه. 

4. ضغط على الطبقة الوسطى وازدياد الفقر 

أكثر من نصف المصريين اليوم يعيشون تحت خط الفقر أو قريبين منه. 

الطبقة الوسطى، التي كانت عماد المجتمع، بدأت تتآكل تدريجيًا تحت ضغط الغلاء والضرائب ورفع الدعم. 

أصبح امتلاك سيارة، أو حتى تشغيل تكييف هواء في المنزل، حلمًا بعيدًا لكثير من الأسر. 

خامسًا: قراءة اقتصادية – من الإصلاح إلى الإفقار 

تُبرر حكومة الانقلاب هذه الزيادات تحت شعار “الإصلاح الاقتصادي”، وضرورة رفع الدعم الذي يستفيد منه الأغنياء ، لكن في الواقع، الفقراء وحدهم من يدفعون الثمن. 

رفع الدعم لم يترافق مع نظام دعم بديل فعّال، ولا مع إصلاح في الإنتاج أو النقل العام. 

تحوّلت كل زيادة إلى عبء إضافي على المواطن، في حين ظل الفساد وسوء الإدارة يلتهمان ما وفّرته دولة العسكر من أموال الدعم. 

انخفاض قيمة الجنيه أمام الدولار جعل أي تعديل بسيط في سعر النفط العالمي كفيلاً بإشعال موجة غلاء جديدة. 

بدلًا من تحفيز الاقتصاد المحلي وزيادة الإنتاج، تعتمد حكومة الانقلاب على رفع الأسعار لتغطية العجز المالي. 

سادسًا: مقارنة شاملة بين الفترتين 

المؤشر   عهد مرسي (2012–2013)            زمن السيسي (2014–2025) 

سعر بنزين 80     أقل من 1 جنيه      15.75 جنيه 

سعر بنزين 92     1.85 جنيه          17.25 جنيه 

سعر بنزين 95     5.85 جنيه          19.00 جنيه 

سعر السولار        1.10 جنيه          15.50 جنيه 

عدد الزيادات        زيادة واحدة طفيفة أكثر من 12 زيادة 

متوسط الزيادة السنوية       أقل من 10٪        أكثر من 120٪ في بعض السنوات 

الوضع المعيشي    استقرار نسبي      تضخم ومعاناة متصاعدة 

سياسة الحكومة    دعم الطاقة للفقراء رفع الدعم والاعتماد على القروض 

النتيجة واضحة: 

في عهد مرسي، كان الوقود في متناول يد المواطن العادي؛ أما في زمن السيسي وعصابة العسكر، أصبح الوقود رمزًا لمعاناة المعيشة وضيق الحال. 

سابعًا: البُعد الاجتماعي والسياسي للأزمة 

ارتفاع أسعار الوقود لم يكن مجرد إجراء اقتصادي، بل تحوّل إلى قضية اجتماعية وسياسية كبرى. 

فهو يمس حياة كل مواطن، من الفلاح إلى الموظف، من السائق إلى العامل. 

المصري بات يشعر أن كل زيادة في البنزين تعني خصمًا من طعام أطفاله. 

الزيادات المتتالية خلقت حالة من الإحباط العام، ورسّخت الإحساس بأن ما يسمى بـ “الإصلاح” يُطبّق على الفقراء فقط، 

فى المقابل تظل مكاسب سلطة الانقلاب والطبقة الثرية بعيدة عن أي تضحيات. 

ثامنًا: الآثار بعيدة المدى 

ارتفاع التضخم إلى مستويات تاريخية تجاوزت 40٪ في بعض السنوات. 

تراجع الإنتاج المحلي بسبب ارتفاع تكلفة النقل والطاقة. 

انكماش الاستهلاك الداخلي وهو ما أثر سلبًا على الأسواق. 

زيادة القروض والديون لتغطية عجز الموازنة رغم تقليص الدعم. 

تراجع الثقة في جدوى السياسات الاقتصادية مع غياب الشفافية والمحاسبة. 

منذ عام 2012 وحتى 2025، تحوّل ملف الوقود من رمزٍ للدعم الاجتماعي إلى أداةٍ للجباية. 

فبينما حافظت حكومة الدكتور محمد مرسي على توازنٍ بين احتياجات المواطن والقدرة المالية للدولة، 

اختارت حكومة الانقلاب طريقًا مغايرًا تمامًا: رفع الأسعار بلا هوادة، وتعويض العجز على حساب الناس. 

اليوم، لم تعد الأزمة مجرد بنزين وسولار، بل أزمة معيشة وهوية. 

المصري الذي كان يملأ سيارته بعشرين جنيهًا، يحتاج اليوم إلى مئات الجنيهات ليصل إلى عمله، 

والأسرة التي كانت تعتمد على دعم الدولة أصبحت تعتمد على “الصبر” وحده.