عبرت الصحف الصهيونية عن حال من الذعر بعد عناوين "تركيا ربحت معركة غـزة، دون أن تطلق رصاصة"، حيث ارتفع اسم أنقرة في كل التقارير منذ اتفاق وقف إطلاق النار، وصار أردوغان محور النقاش في الكيان وفي العالم كقوة مركزية تغيّر وجه الشرق الأوسط.
ووصفت "معاريف" الصهيونية الحدث بعنوان واضح "إسرائيل في مأزق: الخبر الكبير الذي تلقاه أردوغان من ترامب."، مشيرة إلى أن الولايات المتحدة اعترفت بتركيا كـقوة إقليمية مركزية في الشرق الأوسط، متجاوزةً مصر وإيران والسعودية في معادلة القرار.
وعنونت "يسرائيل هيوم" "الرابحان من اتفاق غزه هما تركيا وقطر" وأضاف موقع يديعوت احرونوت "الواقع الجديد لإسرائىل: أردوغان يحدد أجندة المنطقة".
التحليل في صحف الكيان أجمع على أن أنقرة أصبحت القلب المحرّك للشرق الأوسط، وأن النفوذ التركي تجاوز مرحلة الدبلوماسية إلى هندسة الميدان.
وظهر الذعر الحقيقي في تل أبيب من الوقائع بعد ان شاركت الوفود التركية في محادثات شرم الشيخ. والتنسيق مع قطر ومصر وواشنطن يتم عبر خطوط تركية مشفّرة. وأن إعادة إعمار عزه أصبح مشروعاً تركياً خالصاً، تحت عنوان "اليوم التالي للاتفاق الذي وضعه أردوغان بنفسه".
وحذّرت الصحفية الصهيونية سمادار بيري من أن أردوغان يسير بخطة دقيقة: يبني نفوذه في غزه بسرعة، ويعيد تشكيل المنطقة ليتحول إلى زعيم العالم الإسلامي الفعلي.
وأنه حتى القاهرة، التي كانت تظن أنها تمسك مفاتيح الملف، وجدت نفسها أمام واقع جديد. أنقرة لم تدخل من البوابة السياسية فقط، بل دخلت من باب الإعمار، والمخابرات، والملف الأمني نفسه.
وأشارت إلى أن "إسرائىل" تعترف دون أن تريد أن الشرق الأوسط لم يعد يُدار من واشنطن أو تل أبيب، إنما من أنقرة.
وبعد عودته من مؤتمر شرم الشيخ، سأل الصحفيون الرئيس الأمريكي دونالد ترامب : هل يمكن للرئيس أردوغان المساعدة في حرب أوكرانيا؟ فأجاب: يمكن للرئيس أردوغان المساعدة في الحرب الروسية الأوكرانية، بوتين يحترمه، إنه صديق لي، أنا أتفق مع الأقوياء، لا أتفق مع الضعفاء، و لن أعلق على القادة الضعفاء، ربما تعرفون من هم !.
المحلل إيهاب حلمي Ihab Helmy أشار إلى أنه ربما يكون اهتمام ترامب بأردوغان سببه المعادن النادرة التي تتوفر في تركيا بكثرة بعد الصين وأوكرانيا التى فشل ترامب حتى الآن في وقف حربها مع روسيا والاستيلاء على معادنها النادرة وليس لتركيا خبرة في التعامل مع المعادن لصناعة الرقائق الأساسية في التصنيع العسكري والذكاء الاصطناعي.
وأصدرت الصين قيودا شديدة على تصدير المعادن النادرة أو مكوناتها او معدات تصنيعها أو صيانة معداتها
واستولت هولندا على مصنع صيني لصناعة الرقائق ما يوضح أهمية هذه الرقائق للعالم كله وكانت الصين قد طورت كفاءة تلك الرقائق بشكل مذهل مما جعل ترامب يحد من تصديرها للصين.
وقالت تقارير إنه "إذا نجحت واشنطن في تحويل تركيا إلى مركز إقليمي لتكرير ومعالجة العناصر النادرة فإنها ستكسر احتكار الصين جزئيًا، وتُعيد لتركيا دورها الاستراتيجي داخل الناتو، رغم كل الخلافات السابقة.
وأضافت أن ترامب يتحدث عن أردوغان باحترام استثنائي، ويصفه أحيانًا بأنه: "قائد قوي جدًا، وشخص يعرف ما يريد.".
وفي 26 سبتمبر الماضي قال ترامب : "نحن أصدقاء مع الرئيس أردوغان منذ زمن طويل. إنه شخص محترم للغاية، يحظى باحترام كبير في بلده، وفي جميع أنحاء أوروبا، وفي جميع أنحاء العالم." مضيفا إنه "شخص قوي جدًا ولديه أفكار واضحة. سنحقق الكثير من الأشياء معًا."
وتابع" "لقد بنى الرئيس أردوغان جيشًا هائلاً، ويشرفنا أن نستضيفه في البيت الأبيض.. ونريد إنهاء الحرب في غزة."
وأردف، "الرئيس أردوغان يحظى باحترام كبير من قِبَل (بوتين-زيلينسكي) الجميع يحترم أردوغان. وأنا أيضًا"، مكملا "الرئيس أردوغان هو المسئول عن نجاح النضال من أجل الإطاحة بالزعيم السابق في سوريا".
وعن عكس ما تتخيله السعودية قال ترامب: "رفعتُ العقوبات (عن سوريا). كان أردوغان مسئولاً عن النصر (في سوريا). كان هذا انتصاراً لتركيا. رفعتُ العقوبات بناءً على طلب أردوغان".
وبعد 3 أيام فقط اصدر البيت الأبيض في 29 سبتمبر خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لحل الوضع في قطاع غزة، والمكوّنة من 20 بندًا تشمل: إنشاء إدارة خارجية مؤقتة للقطاع.. ونشر قوات دولية لحفظ السلام.".
وفي 9 أكتوبر الحالي، أعلن ترامب التوصل إلى المرحلة الأولى من خطة السلام بعد مفاوضات مكثفة، التي تضمّنت إطلاق سراح جميع المحتجزين وانسحاب الجيش "الإسرائيلي" إلى خط متفق عليه داخل غزة.
المحلل السياسي التركي محمد كانبكللي @Mehmetcanbekli1 علق على تقارير للصحف الصهيونية بل نقل منها مباشرة من أن " تركيا أكبر الرابحين من اتفاقية ترامب" وأن "دعم تركيا لخطة ترامب سيكون له ثمن.".
وأشارت إلى أن الجيش التركي سيكون جزءا من القوة الدولية المنتشرة في غزة، وتركيا ستلعب دورا في إعادة الإعمار." وأنه "بهذه الطريقة، حقق أردوغان ما أراده منذ بداية الحرب: موطئ قدم ونفوذ مباشر في غزة."
وأضافت الصحيفة، "من الصعب ألا يُعجب المرء بالتغيير الجذري في مكانة تركيا الإقليمية." "قبل خمس سنوات، كانت تركيا معزولة تماما بسبب سياسة أردوغان الخارجية المُفرطة في الحزم. توحدت دول شرق البحر الأبيض المتوسط (بما فيها إسرائيل) ضد تركيا وعززت تعاونها"
ومع هجوم حماس في 7 أكتوبر أدى إلى تغيير ميزان القوى تماما، وقالت الصحيفة: "سعى أردوغان فورًا إلى استغلال هذه الصدمة في المنطقة لصالحه" وأرسلت تركيا كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية إلى غزة، وأصبحت نموذجا يحتذى به، حيث صورت نفسها كأكثر دولة معارضة لإسرائيل بحزم.
وزعمت أنه "في أواخر عام 2024، أدرك أردوغان الفرصة السانحة واستغلها على أكمل وجه".. وأن :إيران، التي كانت تنافس تركيا على النفوذ الإقليمي، ضعفت وهزت سمعتها جراء القصف الإسرائيلي والأمريكي."
وأدعت أن "الرئيس الأمريكي، الصديق المقرب لأردوغان، جعل تركيا عنصرا لا غنى عنه في تأمين الاتفاق من خلال دمجه في خطته السياسية الكبرى في الشرق الأوسط، لقد جعلأردوغان لاعبا لا يمكن تجاهله."
وقالت إنه "في نهاية المطاف، سمح هوس العالمين العربي والغربي بتطورات غزة لتركيا بنسيان أفعالها الإشكالية وتعزيز سمعتها الدولية." "ويحدث كل هذا في وقت تكتسب فيه تركيا قوة عالمية في الوقت نفسه."
وعلى سبيل التحذير قالت "يسرائيل هيوم": "المكافآت الدبلوماسية التي تتلقاها من الولايات المتحدة قد تحدث تغييرا كبيرا في ميزان القوى الإقليمي." وأنه ""على إسرائيل أن تستعد لتركيا أكثر طموحًا وحزمًا وقوة وعدائية.".