شركات من الباطن ..معارض الآثار الخارجية “بوابة فساد وسرقة ونهب” فى زمن عصابة العسكر

- ‎فيتقارير

 

 

نهب وسرقة الآثار فى زمن عصابة العسكر يأخذ شكلا قانونيا وترويجيا يتمثل فى المعارض الخارجية التى تشارك فيها دولة العسكر ليس من أجل الحصول على مكاسب أو عوائد لخزانة الدولة أو للترويج السياحي وانما لتهريب بعض القطع وبيعها تحت ستار حدوث حريق أو زلزال أو تدمير القطع أثناء نقلها أو غير ذلك .

لذلك يطالب خبراء الآثار حكومة الانقلاب بعدم المشاركة فى المعارض الخارجية حتى لا نفقد مزيدا من القطع الأثرية التى لا تقدر بثمن  .

وقال الخبراء : إذا كانت بعض القطع الأثرية تتعرض للسطو والسرقة والاختفاء والتلف داخل حدود الوطن، فكيف نضمن تأمينها وحمايتها من التلاعب والتدمير والتشويه خارج حدود مصر؟ 

وحذروا من أن هذه المعارض تعد منفذاً للتلاعب والفساد وتبديدا وتشويها للآثار والتراث المصري، مؤكدين أنها تحولت إلى "بوابة فساد" تستغلها بعض الشركات الخاصة للاحتيال والتلاعب بالكنوز المصرية .

يُشار إلى أن هذا الفساد ليس وليد اللحظة بل كانت له جذور قديمة، برزت خلال حملات أطلقها نشطاء عبر منصات التواصل الاجتماعي، كان أبرزها حملة "كنوزنا متطلعش بره" للمطالبة بإلغاء تلك المعارض التي تعرض آثار مصر لأخطار لا حصر لها. 

 

تبديد وسرقة وتشويه

 

من جانبه اعتبر الدكتور محمد الكحلاوي رئيس المجلس العربي للاتحاد العام للآثاريين العرب ، أن خروج الآثار من مصر لعرضها في متاحف ومعارض العالم بالخارج كارثة بكل المقاييس، مؤكدا أن الآثار تصبح عرضة للتبديد والسرقة والتشويه، مثلما حدث في واقعة تدمير قطع أثرية في زلزال اليابان من قبل وعدم حصول مصر على تعويضات عن كنوزها المدمرة آنذاك . 

وقال الكحلاوي فى تصريحات صحفية انه عارض فكرة إقامة تلك المعارض الأثرية بالخارج لأعوام طويلة، ولجأ إلى ساحات المحاكم لرفع دعوى قضائية في عهد وزير ثقافة الملخوع فاروق حسني، للمطالبة بعدم نقل الآثار المصرية إلى الخارج منعاً للتلاعب بها وخشية على التراث المصري الذي لا يقدر بأي ثمن، متسائلاً هل أموال الدنيا تكفي تعويض كنوز فريدة ونادرة تكون عرضة للأخطار والتلف بالخارج؟ ولماذا تصر حكومة الانقلاب على تبديد التراث المصري الذي يعد حقاً لأبناء الشعب، فى حين أن الواجب عليها الاحتفاظ به في بيئته الأصلية؟. 

وحمل الكحلاوي، حكومة الانقلاب المسئولية عن ذلك، مشيراً إلى أنها أصبحت تتنازل عن القيم والكنوز الأثرية والتراثية، مثلما فعلت بالسماح بإزالة بعض المقابر التراثية من أجل إنشاء وتوسيع الطرق .

وأضاف قائلاً : أتمنى أن تعف حكومة الانقلاب نفسها عن جمع المال على حساب التراث المصري، لأن قيمة التراث المصري داخل الدولة المصرية لا خارجها، متسائلا ما الضمانات لخروج القطع الأثرية الأصلية وعودتها بهيئتها نفسها مرة أخرى دون التلاعب بها لا سيما في ظل التطور التكنولوجي الهائل وتطور أساليب وألاعيب المزورين؟ وهل لو طلبت دولة العسكر استعارة القطع المصرية الأصلية التي تزين متاحف العالم لمدة ثلاثة أشهر، مثل حجر رشيد والكاتب المصري وعصا نفرتيتي لعرضها أثناء افتتاح المتحف المصري الكبير هل سيجري الموافقة؟ .

وأوضح أنه اذا كانت بعض القطع الأثرية تتعرض للسطو والسرقة والاختفاء والتلف داخل حدود الوطن، فكيف نضمن تأمينها وحمايتها من التلاعب والتدمير والتشويه خارج حدود الوطن؟ 

 

شبهات فساد

 

وقالت عالمة المصريات وأستاذ الآثار والتراث الحضاري الدكتورة مونيكا حنا : المعارض الخارجية رغم أنها تشكل مصدر دخل للعملة الصعبة، فإنها أصبحت أيضاً تمثل عنصر خطورة على المقتنيات الأثرية، منوهة إلى أن هناك معارض لا تحقق دولة العسكر أي استفادة منها مثلما حدث في معرض الصين الأخير الذي استضاف مقتنيات أثرية لإبراز الحضارة المصرية القديمة .

وأكدت مونيكا حنا فى تصريحات صحفية أن أغلب الأموال العائدة من هذا المعرض دخلت في جيب الشركة المنظمة للحدث وقليل منها إلى خزانة دولة العسكر، مشيرة إلى شبهات فساد تشوب تلك المعارض، إذ يلجأ البعض لعمل شركات من الباطن ويقومون بالتأثير في صناع القرار في الجهات المعنية بالقطاع الأثري لإخراج قطع أثرية للخارج وفي النهاية لا تستفيد دولة العسكر من ورائها أي شيء .

وطالبت بضرورة إيقاف هذه المعارض لحين ضبطها وفتح تحقيق في ملفات فساد المعارض منذ عام 2002. 

 

أماكن خطرة

 

وطالب المؤرخ والمحاضر الدولي في علم المصريات بسام الشماع، بمنع المعارض الخارجية مرجعاً ذلك إلى أننا نعيش في عالم غير آمن ومتاحف العالم أصبحت "أماكن خطرة"، ومهددة إما بالحرائق أو سقوط طائرات أو السرقة أو التشويه أو حدوث اضطرابات سياسية. 

وأرجع الشماع فى تصريحات صحفية مطالبته هذه إلى حدوث عمليات سطو وحرق للآثار فى أكثر من مكان من ذلك حرق وتدمير 20 مليون قطعة أثرية في متحف ريودي جانيرو أكبر متاحف أمريكا اللاتينية وليس البرازيل فحسب، وكان يحوي قطعاً أثرية من الفنون والرسومات والنيازك والأحفورات والديناصورات، ومن بينها 700 قطعة مصرية تضم ممياوات دُمرت وحُرقت، ولم تعوض البرازيل مصر عن تلك المقتنيات، وأيضاً حينما حدث زلزال في كاليفورنيا تزامناً مع الترويج لقطع أثرية مصرية، وكذلك حينما أعلن مدير المتحف البريطاني العام الماضي في استقالته المسببة أن السبب يرجع إلى سرقة 2000 قطعة أثرية من المتحف جرى بيعها على "الإي باي"، إضافة إلى أنه قبل خمسة أعوام، شهد موقع جزيرة المتاحف الشهير في برلين هجوماً وصف بأنه "الأكبر من نوعه في تاريخ ألمانيا"، إذ جرى رش قطع أثرية وفنية تضمها المتاحف الخمسة التي تعدها "يونيسكو" أحد مراكز التراث العالمي، بسائل يشبه الزيت ترك عليها علامات مرئية.